راسلت الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد، كل الهيئات الرسمية والمجالس المنتخبة وكذا البرلمان بغرفتيه، بداية الشهر الجاري، تطالبهم بتزويد قسمها المكلف بمعالجة التصريح بالممتلكات، بتصريحات كتابية يحصر فيها المعنيون ممتلكاتهم وأرصدتهم المالية وعقاراتهم، بالنسبة للمسؤولين المستمرين في مناصبهم، فيما طالب أصحاب المراسلة تصريحات تغيير الذمة المالية بالنسبة لنواب المجلس الشعبي الوطني ال389 المنقضية ولايتهم، باستدعاء الرئيس للهيئة الناخبة في 10 ماي القادم. وأكدت مصادر "الشروق" من داخل الهيئة التي شرعت عمليا في أداء مهامها بداية الشهر الجاري، بعد انقضاء أزيد من سنة عن تنصيبها بصفة رسمية أن أول ملف تحركت باتجاهها الهيئة وشكل مضمون مراسلة رسمية لباقي مؤسسات الدولة، هو ملف التصريح بالممتلكات على اعتبار أن قسم معالجة التصريحات بالممتلكات، الذي يعد أحد الأقسام الثلاثة التي تشكل الهيئة إلى جانب الأمانة العامة، شرع في جمع التصريحات خلفا للمحكمة العليا التي كانت تستقبل التصريح بممتلكات الأعوان العموميين ممن يشغلون مناصب مسؤولية بالإدارات والهيئات الرسمية، وحسب مصادرنا فإن المحكمة العليا تكون قد أحالت رصيدها من التصريحات الكتابية المودعة لديها، في ظل وجود إحصائيات رسمية تقول أن 50 بالمائة من المسؤولين وإطارات الدولة لا يصرحون، و20 بالمائة يقدمون تصريحات "كاذبة" أو مغلوطة . وإن كان القسم المكلف بمعالجة التصريح بالممتلكات بالهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته سيعكف على جمع أزيد من 65 ألف تصريح، لمسؤولين وإطارات وقضاة يلزمهم القانون بذلك، فقد أكدت مصادر الشروق أن ملف تصريحات نواب العهدة المنقضية للمجلس الشعبي الوطني ال389 يشكل أولوية في الوقت الراهن، وذلك بالنظر الى العامل الزمني، الذي يفرض على الهيئة مطالبة المجلس بتصريحات كتابية للنواب تتعلق بالتغيير في الذمة المالية، وذلك قصد إعداد تقارير عن الفرق في الوضع المالي قبل 5 سنوات من العهدة، للفصل فيما كان الفارق يستدعي البحث والتحري، أم أن الأمر يدرج في خانة الأمر العادي. موازاة لمطالبة هيئة مكافحة الفساد بتصريحات النواب، ستنظر كذلك في التصريح بممتلكات قرابة 16 ألف منتخب على المستويين البلدي والولائي، غير أن التصريح بالممتلكات هذه المرة يأتي مغايرا تماما للتصريحات السابقة، لأن العملية ستعقبها عملية بحث وتحر، على اعتبار أن الهيئة أصبح لها جناح ردعي وعقابي يتمثل في الديوان الوطني لمكافحة الفساد والوقاية منه، الذي يضم ضباطا من الشرطة القضائية بصلاحيات واسعة تتجاوز الإقليم إلى الصلاحيات في باقي ولايات الوطن. كما لا يستبعد أن تتخذ اللجنة إجراءات قانونية وعملية في أعقاب إعداد تقارير تغيير الذمة المالية بالنسبة لنواب المجلس الشعبي الوطني المنتهية ولاياتهم، كما أكدت مصادرنا أن مجهر التحقيق والتحري الذي تبنته اللجنة والديوان سيشمل تصاريح باقي المسؤولين، بعد أن كانت المحكمة العليا في وقت سابق تكتفي بالتصريحات دون تحقيقات في صحتها ومدى صدقيتها. لجنة مكافحة الفساد التي باشرت مهامها في أعقاب فصل الحكومة في النظام التعويضي لأعضاء مجلس اليقظة والتقييم، الذي يعد قسما آخر من أقسام هيئة مكافحة الفساد، ستنظر في اجتماعها قريبا حسب مصدرنا في شروط وكيفيات وإجراءات تجميع ومركزة وتحويل التصريحات بالممتلكات، والقيام بمعالجة تفاصيل هذه التصريحات. ولأول مرة، سيتم كذلك القيام بمعالجة التصريح بالممتلكات وتصنيفها وحفظها، وذلك تحضيرا لاستغلال التصريحات المتضمنة تغييرا في الذمة المالية إستغلالا قانونيا، إلى جانب جمع واستغلال العناصر التي يمكن أن تؤدي إلى المتابعات القضائية. وفي سياق نشاط هيئة مكافحة الفساد تقرر تفويض قسم التنسيق والتعاون الدولي بمهمة جمع كل المعلومات الكفيلة بالكشف عن حالات التساهل مع أفعال الفساد وتقييم أنظمة الرقابة الداخلية وعملها وذلك لتحديد مدى هشاشتها مقارنة بممارسات الفساد، خاصة وأن الجهاز التنفيذي عمل بإدراجه تعديلات على قانون الصفقات العمومية، على نحو إضفاء المرونة عليه، تجفيف منبع من منابع الفساد المتمثل في الرشوة التي شكلت البيروقراطية والصعوبات الإدارية أحد أبوابها ومنافذها معا.