نسيم لكحل: [email protected] مؤسف جدا أن تشهد الجزائر أزمة كهذه التي تشهدها حاليا بشأن ندرة مادة الحليب وهي مادة ضرورية لكل المواطنين من الطفل الرضيع إلى الشيخ القعيد، وأكاد أجزم أن هذه الأزمة هي بفعل فاعل مثلها مثل الكثير من الأزمات الإجتماعية والسياسية والثقافية التي تصبح وتمسي عليها البلاد منذ الإستقلال، وعندما تعود أزمة الحليب إلى الواجهة عشية الإنتخابات التشريعية فإن هذا معناه أن ما يحدث هو مجرد حرب قذرة لجأت إليها بعض الأوساط التي ألفت التخلاط عشية كل موعد انتخابي مهم. لا يمكن أن يتخلَّص الجزائريون من عصابات الخبز والحليب والسكر والقهوة مادام أن هذه المواد أصبحت "بضائع سياسية" أكثر منها بضائع تجارية تخضع لمؤشرات وقوانين السوق العالمية، ومادام الحال على ما هو عليه فإن استيراد ربع مليون بقرة حلوب كما طالب بذلك السيد عليوي رئيس الإتحاد الوطني للفلاحين لن يقضي على أزمة حليب هي غير موجودة أصلا، ومضاعفة دعم الدولة لمادة الفرينة لن يُنهي كذلك أزمة الخبز، وبناء عشرات المصانع المنتجة للزيوت ومشتقاتها لن يقضي كذلك على أزمة الزيت عندما تضغط هذه العصابات على زر إشعال أو تفجير هذه الأزمات في الوقت الذي تراه مناسبا لتحقيق رغباتها السياسية أو نزواتها الإنتخابية أو حتى التجارية. ومن هذا المنطلق فإن مهمة القضاء على أزمة الحليب في الجزائر التي أشعلت فتيلها الأوساط نفسها التي تحرص على أن يبقى الضغط الدموي للجزائريين مرتفعا بل قياسيا، لا يجب أن تتكفل بها مصالح وزارة التجارة أو أي وزارة أخرى على علاقة بالملف، بل يجب أن توكل لمصالح الأمن بمختلف أجهزتها المطالبة بفتح تحقيقات معمقة للوصول إلى الجهات التي تستغل ظروف الأجواء الإنتخابية التي تمر بها البلاد والعباد، ليشغلوا الناس عن واجباتهم السياسية ويوجهوا أنظارهم إلى حاجياتهم الغذائية والبيولوجية، ومن هذا الباب بالذات يكون مَنفَذُهم لشراء الأصوات الإنتخابية باسم القضاء على أزمة الحليب وغيرها من الأزمات المزيفة، أو على الأقل جعل هذا الموضوع مادة دسمة في حملة الترويج لبعض الأسماء أو القوائم التي ستقدم الوعود تلو الوعود ما دام أنها عاجزة عن تقديم البرامج والسياسات الإستراتيجية لحل مشكلات المواطنين الحقيقية وليس المصطنعة (!) عندما يشتكي الجزائريون من أزمة السكن فالأمر معقول، وعندما يشتكون من أزمة البطالة فالأمر مقبول، وعندما يشتكون من البيروقراطية فالأمر ممكن ومفهوم، ولكن عندما يشتكون من الفقر ومن الجوع ثم لا يجدون في أسواقهم الخبز والحليب.. فهذا والله عار وعيب ؟!.