أنهك المرض مئات الأباء والأمهات وحول يومياتهم الى "كوابيس"، بعد ان تحولت يومياتهم الى رحلة للبحث عن من بإمكانه ان يستمع الى معاناتهم أو يمنحهم بصيص امل لمساعدتهم لإنقاذ فلذات أكبادهم، الذين يتألمون في صمت جراء الأمراض الخطيرة التي اصابتهم، دون ان يتمكنوا من علاجهم ولا تسكين آلامهم بسبب الفقر. كانت فكرة التطرق إلى هذا الموضوع من منطلق العدد الكبير من المعوزين وذوي الدخل الضعيف الذي يقصدون مقر جريدة "الشروق"، لإسماع أصواتهم للسلطات المعنية و الاستنجاد بذوي القلوب الرحيمة علهم يجدون من يمسح دمعتهم ويضمد الام أبنائهم من خلال التكفل بعلاج أبنائهم، قادمين من مختلف أنحاء الوطن وحتى من مدن أقصى الجنوب الجزائري، حيث يقصدون العاصمة بحثا عن فرصة لعلاج أبنائهم في الخارج. "أم سلسبيل"، السيدة دوخي، عمر، أبو صهيب، "ام سرور" وأسماء اخرى لا يتسع المجال لذكرها، هي أسماء لأمهات وآباء قصدوا "الشروق" املا في الحصول على فرصة لعلاج أبنائهم في الخارج بعد أن خانتهم جيوبهم وعجزوا عن نقل فلذات أكبادهم للعلاج في الخارج بعد فشل كل المحاولات ذلك في بلادنا، بسبب عجزهم المادي من جهة وبسبب قلة خبرة الأطباء في مستشفياتنا الخاصة والعمومية في التكفل بهذا النوع من الحالات. طرقت والدة البرعمة سلسبيل كل ابواب المسؤولين في وزارة الصحة علها تجد من يمسح دمعة ابنتها التي لم يتجاوز سنها الأربع سنوات، وبعد سياسة سد الاذن التي واجهها بها القائمين على القطاع، اضطرت هي الام التي تسكن بشرق البلاد وبالضبط بولاية باتنة الى السفر الى العاصمة وطرق باب "الشروق" أملا في الحصول على فرصة لعلاجها في الجزائر او في الخارج، بعد نهش المرض جسدها الصغير وحول طفولتها البريئة إلى ألم وكللت كل محاولات والدتها من أجل علاج ابنتها في الجزائر بالفشل، ورغم ان والدتها كانت قد تلقت عرضا من طبيب يهودي مختص في علاج الانحلال الجلدي الفقاعي التكفل بحالة ابنتها، غير أنها رفضت لأنها كانت ترى في ذلك إهانة لبلدها، ومازالت هذه الاخيرة تسعى بحثا عمن بإمكانه ان يوفر لها مبلغ 500 مليون من أجل علاج ابنتها في الخارج، رغم كل محاولاتها التي كللت بالفشل. مرض أبنائها الثلاثة يحول حياتها الى "مأساة" تقصد السيدة دوخي رشيدة التي تنحدر من الغرب الجزائري وبالضبط من ولاية الشلف، مقر جريدة "الشروق" بشكل متواصل، من أجل إيصال صرختها الى السلطات العليا في البلاد وإلى ذوي القلوب الرحيمة علها تجد من يرأف بحالها وحال بأبنائها الثلاثة من المرض الغريب الذي هتك بهم دون أن تتمكن من إسعافهم، خاصة في ظل الظروف الاجتماعية الصعبة التي تعيشها العائلة وعجزها عن توفير المال الكافي من أجل علاجهم في الخارج وإصابتها بأمراض مزمنة هي الأخرى جراء تنقلها الدائم بين المستشفيات مع أبنائها. وتقضي أم محمد وأحمد وعلي يومياتها بين مختلف المؤسسات الاستشفائية بالعاصمة وما زاد معاناتها هو رفض القائمين على المستشفيات من السماح لأبنائها بالبقاء في المستشفى، رغم ان حالتهم تستدعي ذلك، وفيما أصبح ابنها ابن الدين محمد البالغ من العمر 27 سنة حبيس الكرسي المتحرك بعد أن عجز الأطباء في بلادنا عن شفائه، اضطر أحمد وعلي للتوقف عن الدراسة بسبب إصابتهم بنفس المرض، حيث يتواجد الأول في مستشفى عيسات ايدير بالعاصمة، غير أن حالة هذين الأخيرين - حسب والدتهما - مازالت في البداية وبإمكانها الشفاء من هذا المرض في حال توفرت لهما سبل العلاج في الخارج. الرضيع صهيب يجري فحصا بفضل المحسنين وفيما لا زال هؤلاء يأملون في أن تجد شكواهم صدى لدى المحسنين أو السلطات المعنية في البلاد تمكن الرضيع صهيب، صاحب ال13 شهرا الذي يصارع الموت منذ اشهر، بعد أن قررت اللجنة التي تدرس طلبات المؤمنين للعلاج في الخارج بمستشفى نفيسة حمود "بارني" تجاهل معاناة الطفل البريء بعد أن التف المحسنين حول عائلته، وتقديم لهم يد العون بعد أن عرض "الروبورتاج " الذي عرض على "الشروق تي في"، وتمكن والده من إخضاعه للتحاليل والفحوصات الطبية اللازمة من أجل علاجه في الخارج. حيث سارع العديد من الذين شاهدوا حالته الى الاتصال به وعرض مساعداتهم. وذكر والد صهيب انه تلقى مئات الاتصالات الهاتفية من المحسنين الذين لم يبخلوا عليه حتى بالكلمة الطيبة، بالنسبة للمواطنين الذين يقسمونه الفقر وقلة الحيلة. بدأت معاناة الطفل صهيب قصري حسب والده عمر قصري، عندما اكتشفت عائلته بعد عرضه على طبيب مختص أنه يعاني من مشاكل صحية على مستوى الكبد، وهو الامر الذي استدعى مكوثه في المستشفى من أجل الخضوع لعملية جراحية، أين خضع هذا الاخير لعملية جراحية على يد البروفيسور سالم وعمر لا يتجاوز الشهرين لإزالة الانسداد على مستوى شرايين كبده، لكن العملية كللت بالفشل ولم تزد صهيب وحتى عائلته إلا "ألما" و"معاناة"، خاصة والده الذي يلهث ليلا ونهارا من أجل علاج فلذة كبده وابنه الوحيد، بعد أن أخبره الطبيب الذي يعالجه أن ابنه بحاجة لعملية زراعة كبد. ورغم ان هذا الاخير حصل على إمضاء اللجنة التي تدرس طلبات المؤمنين للعلاج في الخارج بمستشفى "بارني" بشق الانفس الا ان ذلك لم يفده في شيء امام اصرار القائمين على جانب التكفل بعلاج المرضى في الخارج في التكل بعلاجه في الخارج. ام تبيع كل ما تملك وحتى دجاجاتها من اجل شراء الدواء لابنتها فهل من معين لعل حالة عائلة الطفلة "سرور" صاحبة الثلاث سنوات اكثر سوء بين هذه الحالات خاصة وأن العائلة تعيش الفقر المدقع، حيث اضطرت والدتها الى العمل في إطار الشبكة الاجتماعية بعد وفاة زوجها، لإعالة سرور وأخويها أسامة وميلود ولكن هيهات أن تتمكن ببضعة الدراهم التي تحصل عليها أن تلبي طلبات أبنائها خاصة في ظل المرض الخطير الذي أصاب الطفلة "سرور". ورغم أن "الشروق" سارعت لنجدة "سرور"، التي تسكن بدشرة عين بونعاس ببلدية بوحاتم غرب ميلة، والوقوف على حال العائلة التي تقتات من المزابل والحليب الذي يطلبه الصغير ميلود من الجيران، إلا أن فرحة والدتها لم تكتمل، حيث قام مدير النشاط الاجتماعي للولاية بعد ان كلفه الوالي باصطحاب اطباء ومعاينة حالة الطفلة للتكفل بحالتها، بتزييف الحقائق، من اجل اثبات ان سرور التي كانت تصارع الموت لا تعاني من أي مرض وأنها بخير بعد أن تواطأ مع الطبيبين اللذين كلفا بوضع تقرير عن حالتها الصحية، بالإضافة الى طرد والدتها من العمل بسبب بقائها لفترة في المستشفى رفقة ابنتها، الأمر الذي زاد الطين بلة. وزاد من مأساة هذه "الأم"مرض ابنتها "سرور" والفقر الذي تعيشه العائلة، فقامت ببيع الدجاجات وعدد من المواشي التي تربيها في فناء المنزل من اجل توفير دواء "الديكزوران" و"الدوباكين" اللذين تتناولهما الطفلة بشكل يومي، ولكنها عجزت عن ذلك في ظل ارتفاع تكاليف الدواء، فما بالك العملية الجراحية المستعجلة التي تتطلبها حالة ابنتها.