شهدت عادة "التويزة" المنتشرة بمنطقة القبائل، اتساعا في نطاقها الجغرافي والموضوعاتي، أخرجها من مجرد التشارك بالقرى والمداشر في جني الزيتون، والأعمال الفلاحية، إلى التغلغل بالمدن والأحياء للتطوّع والمشاركة في تجسيد مشاريع ذات منفعة عامة. تعتبر "التويزة" واحدة من العادات الراسخة والقديمة بمنطقة القبائل عموما، والتويزة على وجه التحديد، والتي تجسد أسمى عبارات التضامن والتعاون، إذ كان السلف من سكانها، يعتبرونها الركيزة الأساسية في ممارسة نشاطاتهم الفلاحية المختلفة، خاصة خلال الحصاد، وجني الزيتون، حيث يجتمع أفراد عدة عائلات في جمع زيتون كل واحدة، وسط أجواء حميمية وأخوية، تتقاسم فيه العائلات، زادها الذي جلبته من البيت أو حضرته بالحقول وسط الضحك والمرح. كما كان لهذه العادة دور كبير في تشييد بيوت الله بقرى الولاية. وعلى الرغم من رياح التمدن والتطوّر، التي مسّت خلال الآونة الأخيرة حتى القرى والأرياف، إلا أن هذه العادة بقيت صامدة، وشامخة وقاومت كل أشكال الاندثار والتفسخ والأكثر من ذلك أنها، شهدت اتساعا في نطاقها ومجالاتها، حيث أخذت هذه العادة أوجها متعددة، للتشارك والتطوع في الأعمال والمشاريع ذات المنفعة العامة، على مستوى كل بلديات الولاية، فمن التطوّع في عمليات تنظيف الأحياء والشوارع وتحسين واجهاتها، ناهيك عن الأماكن السياحية والترفيهية كالشواطئ، والمعالم التاريخية، امتدت هذه العادة إلى جمع الأموال، لتجسيد عمليات ترقيع وتهيئة مسّت عددا من المدارس الابتدائية آخرها كانت أشغال التهيئة والصيانة والدهن التي مست مدرسة "باحا علي" ببلدية بوحمزة، خلال العطلة، في الوقت الذي سمحت فيه هذه العادة الجميلة، بتوفير الإنارة والماء الشروب بمقبرة على مستوى إحدى قرى بلدية "تازمالت" وهي العملية التي أشرفت عليها حمعية "الأيادي البيضاء"، وساهم فيها محسنون. في حين أثمر مجهود سكان قرية "أقمون ناث اعمر" ببلدية "تاوريرث إغيل" بتوفير منتزه عمومي للقرية، والذي تم فيه غرس عديد الأشجار. كما امتدت عزيمة السكان إلى تركيز جهودهم على توفير التهيئة العمومية بعديد الأحياء التي تشكو غياب برامج من هذا القبيل، حيث عبدت الأرصفة بأموالهم الخاصة ومجهوداتهم الكبيرة، ليظل مشروع تجسيد جسر من قبل سكان قرية "تيغزة" بدوار "آيت فلكاي" ببلدية "درقينة" على طول 22 مترا، والذي من شأنه فك الخناق، على عديد الأراضي الفلاحية وحقول الزيتون، واحدة من المشاريع التي تجسد أسمى معاني هذه العادة.