تعد التويزة من العادات السائدة في منطقة الأوراس التي لا يزال سكانها يحتفظون بها وهي تشكل في مضمونها الفعل التضامني الذي لا تحيد عنه العائلات، وتمثل التويزة إحدى المبادرات الحضرية الأصيلة المتجذرة بدرجات متفاوتة ما بين منطقة وأخرى في ربوع الجزائر. أجمع ناشطون بالمنطقة على أن "التويزة" هي مصطلح أمازيغي بربري وتعني كل صور التعاون والتكافل والتضامن الذي يهدف إلى إنجاز عمل اجتماعي لأجل مصلحة فردية كانت أم جماعية، يشاركك فيه الشخص الذي يرغب في المساعدة المادية أوالمعنوية أو العضلية بكل تلقائية ودون مقابل وهو مجال مفتوح لكل الفئات. ولقد أعاد مؤخرا سكان قرية أولاد منعة بوادي الماء بعث هذه العادة من جديد وسط فرحة كبيرة على وقع زغاريد النسوة ومنبهات السيارات بدلالات اجتماعية عميقة حققت أهدافا كثيرة، بشهادة جميع من حضروا عندما تطلب الأمر مساعدة عائلة معوزة لإتمام إنجاز أشغال مسكن عائلة السيد "عبد الرزاق" عاطل عن العمل منذ 12 سنة ولم يتمكن من توفير متطلبات إنجاز مسكنه، ما دفع سكان القرية للقيام بهذه المبادرة لإدخال الفرحة على عائلة جارهم. كما سمح هذا التجمع الشعبي احتفاء بإنجاز المسكن إضفاء الصورة الحقيقية لأهمية التضامن الاجتماعي وبعث عادة "التويزة" التي تساعد في مثل هذه اللقاءات على رأب الصدع وحل المشاكل وتقوية روابط العائلات من خلال إتاحتها الفرصة للشباب للتعارف. كما أنها تحقق نوعا من الاكتفاء الذاتي للقرويين من خلال استغلال سواعدهم وطاقاتهم في العمل بجد وتطوير مزروعاتهم، والرفع من إنتاجية حقولهم بفضل تبادل الخبرات والآلات الفلاحية بين المزارعين.. وتشمل عادة التويزة مناسبات معينة وقت الأفراح أوالأتراح ومن بين هذه الأعمال: جني الزيتون، عملية الحصاد، بناء بيت أو بناء مسجد، أشغال النسيج "الزربية"، غسل الصوف، تحضير المؤنة لتحضير الوجبات التقليدية كالكسكسي المفتول باليد "العولة" أو التحضير لبعض حلويات الأعراس والمواسم. وتمثل "التويزة" إحدى الطقوس في عادات وتقاليد الأوراس والآيلة للزوال، مما تطلب مؤخرا من عديد الجمعيات الثقافية التي تنبش في التراث والتي تهدف في أنشطتها للعمل على حماية العادات والتقاليد وثمين كل ما هو موروث حضاري مادي وغير مادي. وفي هذا الصدد، تقول الشاعرة الأمازيغية زرفة صحراوي أن ثمة من الجهود التي تحسب لأصحابها في دعم مسعى هذه الجمعيات والعمل على حماية الموروث الثقافي الذي أصبح ضرورة إستراتيجية بحسبها، مما يتطلب إعادة الاعتبار والعمل على إبراز سياسة واضحة المعالم لدعم القطاع إعلاميا وماديا باستغلال وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة للتحسيس بأهمية المحافظة على التراث المادي واللامادي الذي تزخر به المنطقة. أما أحد شيوخ المنطقة، فقد استحضر فوائد "التويزة" التي لا تعد ولا تُحصى، فهي كما أضاف مبدأ من مبادئ ديننا الحنيف وتعد بابا للحصول على الأجر والبركة والثواب، كما أنها توحّد "الشعور" بين أفراد المجتمع، وتقوي صلة الناس ببعضهم البعض وتقضي على مظاهر العوز والحاجة عند الفقراء وتدخل السرور في قلوب الجميع.