لا يزال خروج جميع المنتخبات الإفريقية من الدور الأول لمونديال روسيا 2018 يخلف الكثير من ردود الأفعال التي صبت في خانة النقد التي مست 5 منتخبات ذهبت ضحية السذاجة وسوء الحظ ولعنة اللحظات الأخيرة، ما جعل بعض الملاحظين يصفها بالخرفان الوديعة التي استسلمت للذئاب الكروية، وهذا خلافا للتضحيات التي ميزت الأفارقة في النسخ السابقة من المونديال، بفضل التألق والشراسة التي ميزت منتخبات الجزائر والمغرب والكاميرون ونيجيريا وغانا والسنغال خلال العشريات الثلاثة السابقة. لم تكن المنتخبات الإفريقية التي شاركت في مونديال روسيا 2018 في مستوى تطلعات القارة السمراء، بسبب النتائج السلبية التي عجلت بخروج السنغال والمغرب وتونس ومصر ونيجيريا من بوابة الدور الأول، وهذا في أسوأ مشاركة إفريقيا في تاريخ المونديال، باعتراف موقع "الكاف" نفسه، انطلاقا من إحصائيات وأرقام تعكس الوجه المحتشم للمنتخبات المذكورة، حيث أن المنتخب السنغالي اكتفى ب 4 نقاط بعد فوزه أمام بولونيا بهدفين مقابل هدف واحد، وتعادل أمام اليابان بهدفين في كل شبكة وهزيمة أمام كولومبيا بهدفين مقابل هدف واحد، ما عجل بإقصائه بسبب خيار اللعب النظيف، أما نيجيريا فاكتفت ب 3 نقاط عقب الفوز أمام ايسلندا وهزيمتين أمام كرواتيا والأرجنتين، كما اكتفت تونس بفوز وحيد أمام بنما مقابل خسارتين ضد إنجلترا وبلجيكا، أما المغرب فأحرز نقطة واحدة عقب تعادله بطعم الهزيمة أمام إسبانيا، وخسارته بصعوبة أمام إيران والبرتغال، فيما خرجت مصر برصيد فارغ إثر خسارتها أمام الأورغواي وروسيا والسعودية، في الوقت الذي عرف رصيد المنتخبات الإفريقية تسجيل 16 هدفا خلال 15 مباراة، حيث كان للتونسي وهبي الخزري هدفين رفقة المصري محمد صلاح والنيجيري أحمد موسى. الأسود والنسور والفراعنة فقدوا شراستهم وتحوّلوا إلى خرفان وديعة أجمع الكثير من المتتبعين بأن المنتخبات الإفريقية التي مثلت القارة السمراء في عرس روسيا كانوا بعيدون عن آمال وطموحات جماهير القارة السمراء، حيث أن الصمود الذي ميز بعض المنتخبات، وفي مقدمة ذلك المغرب، لم يشفع لهم من تزايد حمى الانتقاد، خاصة في ظل السذاجة التي كلفت الكثير، ما جعل القارة السمراء تفقد حضورها النوعي في رحاب المونديال، وتحوّلت إلى مجرد ضيف ثقيل وهزيل غير قادر على فرض منطقه أمام المنتخبات الأوروبية والأمريكو لاتينية، وهو الأمر الذي ساهم في تزايد الأصوات المنادية في إعادة النظر بخصوص عدد المنتخبات الإفريقية في المونديال، يحدث ذلك في الوقت الذي سبق لمنتخبات القارة السمراء أن أحرجت "الفيفا" في نسخ سابقة، ما أرغمها على رفع تمثيلها في هذا المحفل العالمي، وفي مقدمة ذلك الجزائر في مونديال 82، إثر الفوز التاريخي ضد منتخب ألمانيا، والمغرب الذي مرّ إلى الدور الثاني في مونديال 86، ووصول الكاميرون إلى الدور ربع النهائي في مونديال 90، في الوقت الذي أعطى منتخب نيجيريا دروسا كروية لمنافسيه في موندياليّ 94 و98، ليسير على خطاه كل من السنغال الذي وصل إلى الدور ربع النهائي في مونديال 2002، وغانا في مونديال جنوب إفريقيا 2010، والجزائر التي عادت بقوة في مونديال البرازيل 2014، يحدث هذا في الوقت الذي تراجعت القارة السمراء كرويا في مونديال روسيا 2018، وعجزت عن تسجيل حضورها في الدور الثاني رغم تمثيلها ب 5 منتخبات. الجزائر والمغرب رفعا الرأس وحققا مكاسب مهمة في المونديال وبعيدا عن الوجه الشاحب الذي خلفته مشاركة الأفارقة في مونديال روسيا، فإن النسخ السابقة تحتفظ بالكثير من الإنجازات التي تحسب للقارة السمراء، وفي مقدمة ذلك ما حققه المنتخب الوطني والمغربي اللذان يتصدران عرب إفريقيا من حيث التألق في سماء المونديال، حيث أن "الخضر" خطفوا الأضواء في مونديال 82، بعد الفوز أمام ألمانيا بهدفين مقابل هدف واحد، في مباراة لا تزال في الأذهان، وعرفت تألقا لافتا للعناصر الوطنية بقيادة بلومي وماجر وعصاد والبقية، كما أن طريقة إقصائهم لا تزال تثير الكثير من الجدل، وهذا على الرغم من تحقيق فوزين على حساب ألمانيا والشيلي، إلا أن التلاعب المشبوه الذي قامت به ألمانيا والنمسا تسبب في توديع زملاء فرقاني من الدور الأول، وهو السيناريو الذي لم يتكرر في مونديال البرازيل، بعدما تجاوز أبناء خاليلوزيتش هزيمة بلجيكا، وسحقوا كوريا الجنوبية ب 4 أهداف مقابل هدفين، ليعززوا المكسب بتعادل أمام روسيا، ما سمح لهم بالتأهل إلى الدور الثاني الذي نشطوه أمام بطل العالم منتخب ألمانيا الذي أرغم على المرور إلى الشوطين الإضافيين، ولم يتسن له كسب ورقة التأهل إلا بعد صعوبات بالجملة، كما تألق المنتخب المغربي في مونديال 86، حين تأهل هو الآخر إلى الدور الثاني بعد نتائج ايجابية في دور المجموعات، من ذلك سحقه للبرتغال ب 3 أهداف كاملة، قبل أن يخرج من السباق في الدور ال16 إثر خسارته في الدقائق الأخيرة أمام ألمانيا. أسود الكاميرون روضت الأرجنتين ورومانيا وكولومبيا في إيطاليا من جانب آخر، يعد الكاميرون من المنتخبات الإفريقية التي رفعت رأس القارة السمراء عاليا، فعلاوة على مشاركته في مونديال 82، فقد تألق بعد 8 سنوات من ذلك في مونديال روما، وهذا كتتويج لبروزه الإفريقي (توج بكأس أمم إفريقيا في نسختي 84 و88)، وقد كان جيل الكاميرون لعام 1990 في مستوى التطلعات، بدليل مروره إلى الدور ربع النهائي لأول مرة في تاريخ الكرة الإفريقية، حدث ذلك بعد فوزه أمام الأرجنتين بنجمه مارادونا، كان ذلك بفضل هدف أومامبيك في (د67)، ثم حققوا فوزا ثانيا وبثنائية على حساب رومانيا، قبل أن يخسروا برباعية في المباراة الثالثة أمام الاتحاد السوفييتي، وهي النتيجة التي لم تؤثر على مسار وحظوظ الأسود غير المروضة، وفي الدور 16 أزاح الكاميرونيون منتخب كولومبيا بهدفين مقابل هدف واحد، في إنجاز فريد للكرة الجزائرية، وهذا بفضل الكهل روجي ميلا الذي أحرز هدف الفوز في الوقت الإضافي، بطريقة لن ينساها الحارس الشهير هيغيتا، حدث ذلك في سابقة فريدة من نوها من لاعب يسجل في تاريخ المونديال وعمره 42 سنة، ليخرج الكاميرون بصعوبة في الدور ربع النهائي أمام المنتخب الإنجليزي بعد مباراة كبيرة ومثيرة أداها زملاء ماكاناكي الذين كان بمقدورهم تجاوز عقبة الإنجليز لولا الغرور الذي أصابهم في بعض فترات المباراة، بدليل تقدمهم في النتيجة إلى غاية (د83)، قبل أن يمنح الحكم بطاقة حمراء للمنتخب الإنجليزي مكنته من معادلة النتيجة، ومنح ركلة جزاء أخرى لزملاء لينيكر رجحوا بها الكفة لصالحهم في الوقت الإضافي. وإذا كانت الرقصة الشهيرة للمخضرم روجي ميلا بعد كل هدف يوقعه قد صنعت الحدث، فإن المنتخب الكاميروني قد صنع مجد إفريقيا بمروره إلى الدور ربع النهائي في مونديال 90، ما أرغم "الفيفا" حينها على رفع عدد المنتخبات الإفريقية المشاركة في المونديال إلى ثلاثة، بعدما كان منتخبان فقط في النسخ التي سبقتها. نسور نيجيريا أبدعت وأمتعت في سماء أمريكا سار المنتخب النيجيري في مونديال 94 على خطى نظيره الكاميروني الذي ترك بصمة واضحة في مونديال 90، حيث تألقت نسور نيجيريا بجيل شاب خطف الأضواء بعد تتويجه بكأس العالم للشباب عام 1993 باليابان، ممزوجا بعناصر مخضرمة قادها كل الهداف رشيدي يكيني وأمونيكي وأوليسي وأموكاشي وأوكوشا وبقية الأسماء التي توجبت ب"كان" 94 التي جرت في تونس، لتفتح لهم الشهية في مونديال أمريكا في ذات العام، بدليل سحقهم لبلغاريا بثلاثية نظيفة في أولى مبارياتهم المونديالية، وتصدروا في النهاية مجموعتهم التي كانت متشكلة من بلغاريا والأرجنتين واليونان، وقد كان بمقدور نسور نيجيريا الذهاب بعيدا، وبالمرة إثراء مشوار الكاميرون، إلا أن مسيرتهم توقفت في الدور ال16، إثر خسارتهم أمام إيطاليا بهدفين مقابل هدف، في أجواء امتزج فيها الغرور بالسذاجة، إلا أن هذا الخروج منح درسا مهما دفع الكرة النيجيرية نحو التألق في أولمبياد 96، وإحراز الميدالية الذهبية أمام الأرجنتين بقيادة زانيتي وآيالا ودييغو سيميوني وأورتيغا وكريسبو والبقية، كما برز المنتخب النيجيري بشكل لافت في مونديال فرنسا 98، وبالضبط في المباراة المثيرة أمام اسبانيا التي فازوا بها بنتيجة 3 أهداف مقابل هدفين. أسود التيرانغا فتحوا صفحة أخرى من التألق في 2002 وفي مونديال 2002، برز في القارة السمراء منتخب السنغال الذي عرف كيف يسير على خطى الكاميرون ونيجيريا في التألق المونديالي، وهذا تحت قيادة المدرب الفرنسي برونو ميتسو الذي أهل أسود التيرانغا إلى نسخة 2002 من نهائيات كأس العالم لأول مرة في تاريخ السنغال، كما نشط في ذات العام نهائي كأس أمم إفريقيا، لأول مرة في تاريخ السنغال أيضًا، قبل أن يخسر اللقب أمام الكاميرون بركلات الترجيح، بفضل جيل ضم عدة أسماء بارزة مثل الحارس توني سيلفا وعمر داف وبابا سار وبابا ماليك ديوب وهنري كامارا وسليماني كمارا وخاليلو فاديغا ولامين دياتي والحاج ضيوف وغيرهم. وفي افتتاح مونديال كوريا واليابان كان الموعد مع بطل العالم فرنسا الذي فازوا عليه بهدف وقعه بوبا ديوب، فوز فتح الشهية نحو التعادل أمام الدانمارك والأورغواي، ما سمح بتنشيط الدور ال16 أمام السويد، مباراة فسحت المجال لرفع التحدي، وفاز السنغاليون بفضل الهدف الذهبي الذي وقعه هنري كامارا، ليكونوا أمام مواجهة هامة ضد تركيا في الدور ثمن النهائي، لتتوقف المسيرة بعد صمود كبير أوصلهم إلى الشوط الإضافي الأول. رايفاتش يصل مع برازيل إفريقيا إلى ربع النهائي ويهان في الجزائر شهد مونديال 2010 بجنوب إفريقيا بروزا لافتا للمنتخب الغاني وذلك في ثاني مشاركة له في نهائي كأس العالم، بعد وصوله إلى الدور ربع النهائي تحت قيادة الصربي رايفاتش الذي أهين فيما بعد في الجزائر، بعدما أقيل مباشرة بعد مباراة الكاميرون التي انتهت بالتعادل، في إطار افتتاح تصفيات مونديال روسيا 2018، وقد أدى برازيليو إفريقيا مشوارا مميزا في الدور الأول، بعد الفوز المحقق أمام صربيا بهدف لصفر عن طريق ركلة جزاء، وتعادل أمام استراليا بهدف لمثله، وخسارة أمام ألمانيا بهدف لصفر، ما مكن الغانيين من التأهل إلى الدور الثاني بفارق الأهداف، وكان الموعد في الدور ثمن النهائي أمام منتخب الولاياتالمتحدة الأمريكية الذي تغلبوا عليه بهدفين مقابل هدف واحد، بعد المرور إلى الوقت الإضافي، حيث سجل هدفي الغانيين كل من كيفن برينس بواتنغ وآسامواه جيان، حدث ذلك بعد تألق لافت للحارس ريتشارد كينغسون، وكان الموعد لتنشيط الدور ربع النهائي ضد الأورغواي، حيث انتهت المباراة بالتعادل، قبل أن تبتسم ركلات الترجيح لممثل أمريكا اللاتينية، وتعد غانا ثالث منتخب إفريقي يبلغ ربع نهائي المونديال بعد الكاميرون في 90 والسنغال في مونديال 2002، وقد عرف منتخب غانا في مونديال 2010 كيف يرفع مشعل التألق، منقذة القارة السمراء من الغياب عن الدور الثاني للمرة الأولى منذ 28 عاما، عندما بلغت الدور الثاني للمرة الثانية على التوالي، وذلك بفضل جيل من اللاعبين بقيادة الحارس كينغسون وبانتسيل وجون مينساه وجوناثان مينساه وساربيي واسامواه وبواتنغ واينكوم وجيان وغيرهم، وببصمة المدرب الصربي ميلوفان رايفاتش الذي لا تزال الجماهير الجزائرية تذكر تألقه مع الغانيين وطريقة إبعاده من العارضة الفنية للمنتخب الوطني. بعض أوليات وأرقام المنتخبات الإفريقية في كأس العالم أول منتخب إفريقي يحقق التعادل هو المغرب ضد بلغاريا (1-1) في مونديال 70 أول منتخب إفريقي حقق الفوز هو تونس أمام المكسيك (3-1) في مونديال 78. أول منتخب إفريقي حقق فوزين هو الجزائر في مونديال 82، وذلك أمام ألمانيا (2-1) والشيلي (3-2). أول منتخب إفريقي يتأهل إلى الدور الثاني هو المغرب في مونديال 86، وخسر بصعوبة أمام ألمانيا (1-0). أول منتخب إفريقي يتأهل إلى الدور ربع النهائي هو الكاميرون، وقد انهزم بصعوبة أمام إنجلترا (3-2). أول منتخب إفريقي يحقق فوزين متتاليين هو الكاميرون في مونديال 90، وذلك أمام الأرجنتين بهدف لصفر ورومانيا بهدفين لصفر. المنتخبات الإفريقية التي وصلت إلى الدور ربع النهائي هي الكاميرون في 90 والسنغال في 2002 وغانا في 2010. يعد روجي ميلا اللاعب الإفريقي الذي صنع الحدث بأهدافه ورقصاته في مونديال 90 وعمره 38 سنة، وشارك في مونديال 94 وعمره 42 سنة. أكثر المنتخبات الإفريقية مشاركة في المونديال هي الكاميرون 7 مرات ونيجيريا 6 مناسبات. المنتخبات التي مثلت القارة السمراء في تاريخ المونديال 7 مرات الكاميرون أعوام 1982، 1990، 1994، 1998، 2002، 2010، 2014. 6 مرات نيجيريا: 1994، 1998، 2002، 2010، 2014، 2018. 5 مرات تونس: 1978، 1998، 2002، 2006، 2018. المغرب: 1970، 1986، 1994، 1998، 2018. 4 مرات الجزائر: 1982، 1986، 2010، 2014. 3 مرات غانا: 2006، 2010، 2014. كوت ديفوار: 2006، 2010، 2014. مصر: 1934، 1990، 2018. جنوب إفريقيا: 1998، 2002، 2010 كمنظم للدورة. مرتان السنغال: 2002، 2018. مرة واحدة الزائير أو الكونغو الديمقراطية: 1974. الطوغو: 2006. أنغولا: 2010.