ذهب أمس وزير الشؤون الدينية و الأوقاف في إتجاه إتهام أطراف خارجية في تفجيرات 11 أفريل ، ورافع عن المساجد و عن الأئمة، وإتهم ضمنيا قادة الفيس المحل بنشر الحقد و الفتنة بالقول أن الإرهابيين " لم يأخذوا ثقافتهم من علماء الجزائر وإنما أشربوا كره وطنهم بواسطة أناس لم يريدوا الخير للجزائر لا أمة ولا شعبا بل يريدون لها أن تنفجر كما حدث في الصومال ورواندا". و ذهب غلام الله إلى أبعد من ذلك عندما أكد أن ذلك يعود "إلى المواقف التي إنطلقت في الجزائر خلال الثمانينات " كانوا يحملون وينقلون على متن سيارات مرسيدس من ولاية إلى ولاية و كانت تهيأ لهم المساجد و يجمع لهم الناس لنشر الحقد و البغض" ،الوزير قال أن أول عدوان كان على المساجد بإحتلال المنابر من طرف جهلة لبث الفرقة و الحقد ، و قال أن الأطراف في الخارج التي تندد بالإرهاب اليوم هي التي كانت ترسل الفتاوى و تمول الإرهاب لقتل الجزائريين " لم يدركوا أن النار التي أوقدوها ، إشتعلت في ديارهم " قبل أن يحذر مما وصفها " الفتاوى المتبرع بها من الشرق و الغرب " ، بعض الأئمة الذين تحدثت إليهم " الشروق" إعترفوا بضعف الخطاب المسجدي ، وطالبوا بإسترجاع دور المسجد والإمام من خلال هامش حرية أكبر . غلام الله يؤكد :التطرف و التكفير ليس جديدا و النصح من الخارج غرضه تدمير الجزائر القوية عقد المجلس العلمي لولاية الجزائر ، صباح أمس ، لقاء بمقر دار الإمام بالمحمدية ، تحت إشراف مديرية الشؤون الدينية لولاية الجزائر ، حضره وزير الشؤون الدينية ، و شيوخ بارزون أبرزهم أبو عبد السلام ، الدكتور سعيد شيبان ، " حول إصدار بيان تنديدي بأي عمل إرهابي مهما كان مصدره " لكن عكس ماورد في دعوة التغطية ، لم تتم الإشارة طيلة هذا اللقاء ، " للمساندة غير المشروطة لبرنامج رئيس الجمهورية المتعلق بالمصالحة الوطنية " و لم تتم الإشارة إلى ذلك في هذا اللقاء ، الذي إفتتحه مساعدي لزهاري مدير الشؤون الدينية لولاية الجزائر ، وقال في كلمته أمام الحضور الذين غصت بهم القاعة من أئمة مساجد العاصمة وموظفي السلك الديني و أعضاء المجلس العلمي لولاية الجزائر، ومرشدات، أنه تم إعطاء البعد الديني للتفجيرات الأخيرة من خلال بعض الرسومات الكاريكاتورية " و كرجال دين لا يجب أن نبقى مكتوفي الأيدي و صامتين ، يجب أن ندلي برأينا " و أضاف أنه يتم من خلال بيان التنديد دعوة أبنائنا المغرر بهم للعودة إلى جادة الصواب ومواجهة الفتاوى المضللة و حماية وطنهم من أي إعتداء ، وذهب الدكتور طالبي عمار ، رئيس المجلس العلمي في نفس الإتجاه بالإستناد لآيات قرآنية قال أنها لا تخص المرتدين و الكفار و المشركين بل تشمل أيضا المسلمين الذين تحدد جزاءهم " كأن هؤلاء لم يأخذوا الدرس وعليه لابد أن ندافع عن شعبنا و أمتنا و ديننا و لا نسمح لهؤلاء الذين يقادون من الخارج و الداخل بتدمير المجتمع ، لاننال الشهادة بقتل المسلمين و إرتكاب المعاصي ". و دعا لإنكار هذه الأعمال مهما كانت الدواعي من فقر و بطالة و جهل " لأن هذا لايبرر هذه الأعمال ، لا يمكن أن نحصل على القوت بقتل البشر و لاعذر لمن يقوم بهذه الأعمال" ، لكنه يعترف على صعيد آخر، بإنسياق هؤلاء وراء إغراءات بالوعود الكاذبة بالدخول إلى الجنة و نيل الشهادة و الوصول إلى الحكم و إغراءات مادية من بينها .المخدرات . لكن وزير القطاع لم يخرج عن سياق إتهام أطراف خارجية في التفجيرات ، وتحدث عن "أبي قتادة" دون ذكره بالاسم ، لكنه قال إن هذا القرصان كان يحرض على قتل الصبيان و ذبح أطفال الجزائر من منابر إنجلترا " دون أن يوقفه أحد" ، و أشار أن فكرة التكفير و التطرف والتدمير لم تخلق في الجزائر "إنما هي أفكار و توجهات أطراف كانت تتاجر بدماء و شباب الجزائر ، كانت تقيد أيدي الجزائريين و تحملهم إلى عواصم أوروبية و تدفعهم للقتل في أفغانستان " قبل أن يؤكد أن المواجهة تكون من المسجد الذي يبقى حصن الأمة ، و ببناء المواطن وصقل العلاقات الأسرية "أن يدرك شبابنا أن النصائح المتبرع بها من الغرب و الشرق أكاذيب و قنابل يريدون تفجيرها في وطننا". وتمت في الأخير تلاوة بيان التنديد بالإرهاب مهما كان مصدره ، و أوضح الدكتور طالبي أن البيان بني على مقاصد الشريعة التي تدعو لحفظ النفس و الأموال " هل يريد هؤلاء أن يجعلوا منا أفغانستان ، الصومال أو درافور ، هؤلاء مجرمون و يحق لنا أن نجرمهم و نسأل الله حفظ وطننا منهم ..آمين ". المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية ل" الشروق اليومي" : ضرورة الترخيص لكل من يعتلي المنبر لحماية المجتمع من الأفكار السياسية المتطرفة قال الأستاذ طمين ، المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية ، أن الإمام يتحرك آليا للتنديد بأعمال مشينة تمس الإسلام و المجتمع ، و لا ينتظر تعليمات من طرف الوزارة الوصية إلا في حال عدم وجود فتوى أو مرجع ، ففي هذه الحالة ، يستشير الوزارة الوصية ، و قال إن الخطوط الحمراء التي لا يتجاوزها الإمام محدودة في عدم تجاوز قوانين الجمهورية و الأحكام الشرعية و مراعاة المصلحة العليا " نعطيه الحرية المطلقة لتصل الرسالة و نريد أن نجعل من الإمام رجلا مسؤولا" يمارس هذه الوظيفة عن وعي ، و بخصوص التعليمات الموجهة لهم ، قال أن هناك عقد معنوي بين الإدارة و الإمام الذي يجب أن يتبنى إنشغالات المجتمع و يندد بالعنف مهما كان مصدره. وأضاف طمين متحدثا ل" الشروق" ، أن تحرك الأئمة ليس متأخرا بل تأتي المبادرة حسبه في وقتها ، " الغرض من تنظيم الندوة ،أن نقول للرأي العام الوطني و الدولي أن الإسلام برىء من العنف و أن رجل الدين رجل سلم و سلام ، ووظيفته محاربة الفكر المتطرف " مشيرا أن القطاع فقد 96 إماما و مؤذنا أغتيلوا داخل المساجد ، و أضاف أن العمل مكثف و متواصل لنقل الصورة الحقيقية للإسلام ، من خلال المسجد. و بخصوص الأئمة المحسوبين على التيار السلفي ، أوضح طمين ، أن الأئمة المنتمين للسلفية و المهيكلين في القطاع " أئمة معتدلين في أفكارهم ضد الإرهاب ، و يؤدون مهامهم ، و نعتبرهم نماذج بالنسبة إلينا " ، و أشار إلى أنهم مواظبين و يشاركون في كل الأحداث والندوات الوطنية ، مؤكدا أنه لم يتم تسجيل أي تجاوز أو عصيان أو مخالفة السياسة العامة في محاربة التطرف الفكري . و سألت " الشروق" طمين عن الإجراءات التي تكون قد إتخذتها وزارة الشؤون الدينية بعد التفجيرات الأخيرة لمراقبة المساجد و المرتادين عليها ، فأوضح أن عمل المراقبة كان قائما من قبل ، و كل من يعتلي المنبر، لا تسلم له الرخصة عشوائيا بل بناء على تحقيق أمني و نزاهة الشخص و الخلاق الحسنة " عندها نعطي رأينا بالقبول و المعني تسلم له رخصة قابلة للتجديد بعد 6 أشهر أو سنة، وتسحب في حال تسجيل إنحراف" .و أكد ان هذا الإجراء يمس حتى الموظفين الدائمين و كل من يعتلي المنبر حتى لو كان إطارا " لابد من الترخيص لكل من يعتلي المنبر لأنه يتحمل مسؤولية حماية المجتمع الذي يجب لا أن يكون ضحية أفكار سياسية متطرفة ". قالوا ل" الشروق" سألت " الشروق اليومي " بعض أئمة مساجد العاصمة عن دور الإمام في مواحهة التطرف الفكري وانتشار العنف ، لتجمع الآراء على مسؤوليته في تصحيح المفاهيم الخاطئة ، وهي وظيفة الإمام الذي يجب أن يسترجع مكانته الاجتماعية وحريته .كما يجب أن تستهدف الخطب فئة الشباب بتبني خطاب ديني مقنع . إمام مسجد " أبي المهاجر دينار " بئر توتة : من الضروري الإهتمام بعنصر الشباب يقول الأستاذ عبد السلام ، إمام خطيب بمسجد أبي المهاجر دينار ببئر توتة جنوب العاصمة ، أن الإمام بإستطاعته صناعة الرأي العام بالنظر إلى عدد المرتادين على المسجد خاصة أيام الجمعة وعنصر الشباب بصفة خاصة ، على خلفية أن هناك يسعون لاستكشاف كل جديد و بما أن الساحة الإعلامية أصبحت اليوم ميسرة ، يسعى هؤلاء الشباب إلى الأنترنيت و الاستطلاع والابتعاد عن الروتين " ربما هذه ليست ظاهرة عامة لكن هناك نقص في الخطاب الديني مما يدفع الشاب للجوء إلى هذه الوسائل التي يجد فيها فكرا متطرفا والجزائري عموما معروف بالعاطفة الدينية الجياشة " ليرى أن المطلوب هو الاهتمام بالعنصر البشري بالمساجد ، فالإمام الذي لا يملك جهاز إعلام آلي و لا يحوز على أمهات الكتب " لا ننتظر منه أن يواجه هذا السيل من التطرف والفتاوى الهدامة " ، وكذا الاعتناء بالجانب المادي و إعطاء هامش أكبر من الحرية للإمام للإلمام بمحيطه " حتى لا ينظر إليه كونه مجرد موظف خاصة و أن المعروف أن الإمام له وزن معنوي و نسعى لاسترجاع هذا الدور المهم في إرشاد شبابنا للصلاح" . إمام مسجد الرحمة : الإمام مكلف بمحاربة الأفكار الشاذة يرى الأستاذ محمد لعروسي حامد إمام مسجد الرحمة بالعاصمة ، أن للإمام مسؤولية كبيرة في مواجهة الأفكار الشاذة " المسجد هو القلب النابض ودور الإمام هو التصدي لهذه الأفكار " و أكد أن التطرف والعنف والتشدد ليس من الإسلام ، والغلو حاربه الإسلام " لأن الإسلام هو دين وسط بين التشدد والإفراط والتفريط ، هو دين الإعتدال والأفكار الشاذة ولدت الإجرام من نزع الهوى و ليس من وحي الشريعة . نائلة.ب:[email protected]