انتقلت عدوى تأجير المنازل العائلية في فضل الصيف إلى الجزائريين، فأصبح القاطنون في الأماكن الساحلية والقريبة من الشواطئ ينتظرون موسم الاصطياف للاستثمار في شققهم أو حتى غرفهم الإضافية عن طريق كرائها للمصطافين بمبالغ معتبرة تنافس أسعار الفنادق. قد يخيل لك لوهلة وأنت تتجول بالشريط الساحلي لبعض المدن الجزائريةكجيجل، بجاية، تيبازة، مستغانم، تلمسان...أنك بمدينة الحمامات التونسية، أين يقف أصحاب المنازل في وسط الشارع الرئيسي لدعوة السياح لكراء منازل للمبيت، الأمر لا يختلف كثيرا هنا في الجزائر، فحتى اللافتات التي تعلو المداخل الرئيسية والشرفات هي ذاتها، مخطوط عليها بالبنط العريض "منزل للكراء"، الأمر الوحيد الذي يختلف هو سعر قضاء الليلة الواحدة في هذه المنازل المجهزة، إذ أن المصطافين اليوم وبعد تشجيعهم لفكرة كراء المنازل اصبحوا ينتفضون ضد أسعارها التي تزداد مع كل موسم اصطياف جديد، حتى راحت تنافس أسعار بعض الفنادق، فالقرب من شاطئ البحر، وتوفر المنزل على مكيفات هوائية وسخان ماء وتلفاز وانترنت وحتى الإطلالة على الشاطئ إن كانت عبر نافذة او شرفة عادية او واجهة زجاجية شفافة كلها عوامل تتحكم في تسعيرة قضاء ليلة في منزل ساحلي، فبعد ان كان الجزائريون يحجون إلى جيجلومستغانم كونهما الوجهتين الأرخص لقضاء ليلة في منزل مجهز مقابل 2000 دينار، بات الحصول على منزل للمبيت مقابل 8000 دينار أمرا صعبا ويحتاج إلى أخذ موعد مسبق عبر الهاتف أو الانترنت قبل الانطلاق في الرحلة، خاصة في شهر أوت متى يحال معظم العمال والطلبة الجزائريين إلى العطلة، فالطلب إن لم نقل المزاد يفتح في شهر ماي ويتم حجز تأجير منزل في هذه الفترة حتى ولو تعلق الأمر برحلة في شهر سبتمبر. ضيوف مع مقابل حسين، هو مواطن بسيط من المدينة الساحلية الساحرة القل، فضّل منذ ثلاث سنوات دخول الاستثمار في مجال تأجير المنازل الصيفية، عن بداية نشاطه يقول: "كنت بطالا بعد إحالتي للتقاعد المبكر، رغم ذلك أعاني من توافد الضيوف في فصل الصيف بسبب قرب منزلي الواسع من شاطئ تمانرت، لا أنا ولا عائلتي نستمتع بالعطلة، يأتي الأصدقاء والعائلة للتخييم عندنا بالمجان، ومن هنا قررت كراء الطابقين العلويين، للمصطافين وربح المال أفضل من انفاق المزيد من المال كل موسم اصطياف". زكرياء الذي صارحنا بقصة تأجيره لمنزله قرر هذا الصيف هو وبعض اصدقائه كراء منازل بسكيكدة قبل موسم الاصطياف بأسعار معقولة وتهيئتها لإعادة تأجيرها للمصطافين. مؤجرون يقضون العطلة خارج الوطن أما أحمد من وهران، فقد اتصلنا به بينما هو يجهز أمتعته لمغادرة الوطن باتجاه اسبانيا، وكان قد أنهى صفقتين مهمتين مع مستأجرين من العاصمة، فبينما تقيم عائلتان بمنزله المطل على شاطئ بوسفر الهادئ سيقيم هو وعائلته الصغيرة بفنادق اسبانيا خلال هذه العطلة، كما يفعل منذ سنوات، وقد أكد لنا أن غالبية الوهرانيين الذين يؤجرون منازلهم المتموقعة في أماكن حيوية على شواطئ الأندلسيات أو عيون الترك مثلا، يتقاضون أجرة محترمة، حيث يتراوح كراء المنزل لليلة واحدة بين تسعين ألفا، إلى مائة وستين ألف دينار، ما يتيح لهم قضاء رحلة مريحة خارج الوطن، وقد أصبح الأمر عادة لدى سكان الساحل الوهراني، الذين ينزحون صوب المغرب واسبانيا وفرنسا صيفا، بعد ما يجهزون منازلهم العائلية لاستقبال المصطافين من جميع الولايات، فالكثير من مالكي المنازل يعيدون طلاءها قبل موسم الاصطياف، ويجهزون الأسطح بطاولات ومساحات للشواء وحتى أوان وأفرشة جديدة لتسهل عليهم عملية الإشهار.