إذا كان بالنسبة للبعض عطلة العمل السنوية تتناغم مع رحلات السفر البعيدة أو زيارات عائلية، فإنها بالنسبة للبعض الآخر هي إعطاء الوقت للذات والجسد والاعتناء بالراحة النفسية والجسدية، طريقة وأسلوب جديد يعتمده البعض لقضاء العطل لأسباب مادية أو عن تجربة مخيبة لعطل سابقة فاشلة أو متعبة أو بكل بساطة هو اختيار تفرضه فقط الرغبة في البقاء والاستمتاع بالعائلة والأصدقاء والمدينة بعيدا عن ضغط العمل. عندما تمر شهور ويرى الزوجان أنهما لم يقضيا فعلا أوقاتا رومنسية وأنهما لم يتحدثا لأبنائهما بطريقة مطولة ومرحة، أنهما لم يلعبا معهم ولم يحضرا معهم وجبات هدفها المتعة وأوقات مسلية، نرى حينها كيف ولماذا تكبر المشاكل والهوة بين أفراد البيت الواحد. بعد شهور من العمل كذلك، نجد أنفسنا في دوامة نسابق فيها الوقت والمواعيد والارتباطات الملزمة التي تشنج اعصابنا وتجعل تحركاتها ميكانيكية تلغي الجوانب الجمالية لمحيطنا، لكن عندما نختار البقاء في بيوتنا خلال العطل نعيش نفس الحركة بنظرة أخرى فيصبح مشينا تنزها بدل مشوار وتسوقنا متعة بدل واجب وكلامنا مع الجيران يصبح وقتا لتبادل الإحسان والسؤال والتسلية بدل الالتزام. العطلة في المنزل هي وقت للقراءة الممتعة وسماع الموسيقى، نستيقظ وننام في الوقت الذي نرغبه فنستجيب لدلال أجسادنا. في فترة العطل نبدأ نلاحظ ونرغب في تطويع وترتيب المنزل بما يساعدنا على قضاء عام أريح مع ما يضفيه ذلك من راحة وبهجة سواء كان الأمر متعلقا بالجماليات أو غيرها من التعديلات. هذا الأسلوب من العطل له فوائد في توطيد العلاقات العائلية والصداقات بتبادل الزيارات والمجاملات إضافة إلى ما يوفره من مال وجهد نستطيع استثماره أو توفيره في أمور أخرى كقضاء عطلة العام المقبل مثلا…!!! فاسلوب المناوبة في العطل بين عطلة بعيدة وعطلة في البيت يبدو فكرة لا بأس بها، تعطينا فرصة للتعرف على المنطقة التي نعيش فيها وعلى التظاهرات الثقافية والخيرية التي تقام بها، ففي كل منطقة أو مدينة جمعيات ومنظمات تقام تظاهرات فنية تساهم في إسعاد السكان المحليين والزوار التجول في الأزقة العتيقة والحدائق والتأمل في المعمار، أمور نهملها كثيرا ونفقد ذوق التمتع بها لكثرة المشاغل والارتباطات، في حين يأتي أناس من نواح أخرى للاستمتاع بتراث منطقتنا ومناظرنا التي اعتادت العين المرور عليها مرور الكرام كما يقول الشاعر الحكيم (العود في أرضه نوع من الحطب). هذا بعض من كثير من فوائد قضاء العطلة في البيت، فهي بالإضافة إلى كل ما سبق تمكننا من الإصغاء للذات وللعائلة وللجسد الذي نهمله ونؤجل دائما سماع شكواه مادام يقوى على العمل، إذا لا شيء أهم من مراجعة الحالة الصحية والقيام بما يجب تجاه صحتنا خلال العطلة في البيت.