كشفت عملية توزيع الاعتمادات المقترحة بعنوان ميزانية التسيير لسنة 2019 حسب كل دائرة وزارية في مشروع قانون المالية 2019، عن ارتفاع محسوس لميزانية تسيير الدفاع الوطني، وفيما تراجعت ميزانية التربية الوطنية، عما كانت عليه السنوات الماضية، إلا أنها مازالت تحتفظ بالمركز الثاني من حيث الميزانيات القطاعية التي تحوز حصة الأسد ضمن ميزانية التسيير للسنة القادمة. كشف جدول توزيع الميزانيات الذي جاء ملحقا لمشروع قانون المالية للسنة القادمة أن الحكومة أبقت على ميزانية وزارة الدفاع الوطني في صدارة ميزانيات التسيير القطاعية، وذلك بسبب الرهانات الأمنية والمهام الكبرى الموكلة لها في ظل الوضع الإقليمي والتوتر الذي تعرفه دول الجوار، إذ خصصت الحكومة أكبر حصة من ميزانية التسيير لوزارة الدفاع الوطني وجعلتها عند مستوى 1230 مليار دينار أي 123 ألف مليار سنتيم، وهو ما يعادل 10.36 ملايير دولار، هذا الغلاف المالي يبين أن الحكومة عمدت إلى رفع ميزانية الدفاع الوطني التي كانت ضمن قانون المالية 2018، عند مستوى 1118.60 مليار دينار أو ما يعادل 9.43 ملايير دولار، وبمقارنة بسيطة بين ميزانية السنة الحالية وميزانية السنة القادمة نلاحظ أن الحكومة رفعتها بأزيد من 22 ألف مليار سنيتم، وتمثل ميزانية الدفاع الوطني ربع إجمالي ميزانية التسيير. وتأتي وزارة التربية الوطنية في المركز الثاني من حيث الحجم الميزانية، إذ تمثل ثاني أهم حصة في ميزانية التسيير رغم تراجعها نوعا ما، إلا أنها بقيت عند مستوى 709.558 مليار دينار أو ما يعادل 5.98 ملايير دولار وهي التي بلغت السنة الجارية 709.649 مليار دينار في قانون المالية 2018 بما يعادل 5.97 مليار دولار. ويمثل قطاع التربية الوطنية نسبة 14.39 بالمائة من إجمالي ميزانية التسيير. أما وزارة الداخلية والجماعات المحلية التي ينتظرها موعد هام السنة القادمة ويتعلق بتنظيم الانتخابات الرئاسية، فعرفت تراجعا في التخصيصات المالية المرصودة لها، حيث تشير وثيقة مشروع قانون المالية إلى تخصيص 416.297 مليار دينار مقابل 425.706 مليار دينار ضمن قانون مالية للسنة الماضية. الغلاف المالي المخصص لوزارة الداخلية في الشق المتعلق بالتسيير يستبعد فرضية تنظيم مسابقات للتوظيف ضمن سلكي الشرطة والحماية المدنية مثلما جرت عليه العادة، وإن كانت عمليات التوظيف ضمن السلكين عرفت تخفيضا كبيرا جدا مقارنة بالسنوات الماضية، جعل التقديرات السنوية لا تتجاوز تنظيم مسابقة لتوظيف 500 عون ضمن الشرطة كأقصى تقدير، ومعلوم أن إجراءات تقليص التوظيف ضمن سلكي الشرطة والحماية المدنية تأثرت بمفعول قرار الحكومة تجميد التوظيف ضمن أسلاك الوظيف العمومي بسبب التشبع. أما رابع ميزانية، فهي تلك المتعلقة بتسيير قطاع الصحة التي خصص لها 398.970 مليار دينار بينما بلغت 395.323 مليار دينار في قانون المالية 2018. فيما لم تتجاوز ميزانية التعليم العالي والبحث العلمي 317.336 مليار دينار، مقابل 313.336 مليار ضمن قانون المالية 2018. مشروع قانون المالية لسنة 2019، الذي ينتظر إشارة رئيس الجمهورية لبرمجته ضمن مجلس الوزراء حتى يأخذ طريقه نحو المحطات القانونية المتبقية، أبان عن ارتفاع محسوس لميزانية التسيير حسب القطاعات الوزارية المختلفة، كما أكد تراجع الحكومة عن آلية التسقيف التي كانت معتمدة، وذلك نظرا لاستئناسها بالمديونية الداخلية أو ما يعرف بطبع النقود والتي جعلت ميزانية التسيير تتجاوز 4928 مليار دينار أو ما يعادل 42 مليار دولار. الحكومة اعتمدت كذلك عددا من المؤشرات في مشروع قانون المالية 2019 الذي طبعه اعتماد مستوى عال نسبيا في مجال التحويلات الاجتماعية ورفع ميزانية التسيير واستقرار ميزانية التجهيز أي أن الحكومة لم تعتمد نظام تسقيف الميزانيتين، وأبقت الحكومة بالمقابل على مستوى معتبر في مجال التحويلات الاجتماعية حفاظا على السلم الاجتماعي في مرحلة حساسة وقامت الحكومة بتخصيص أكثر من 64 بالمائة من قيمة التحويلات الاجتماعية، لفائدة العائلات والسكن والصحة، وبلغت قيمة التحويلات الاجتماعية المقررة في موازنة العام المقبل 1772 مليار دينار ما يمثل 2,8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. مقابل غلاف مالي يقدر ب760.1 مليار دينار للتحويلات الاجتماعية لسنة 2018.