تسببت الاستراتيجية التي اعتمدتها دواوين الترقية والتسيير العقاري بمناطق الجنوب من خلال المخططات العمرانية التي جسدت على مدار العشرية الماضية، في تنام مذهل للبناءات الفوضوية التي يتعدى عددها ال1500 بناء خارج المعايير القانونية بولاية غرداية لوحدها. الأمر الذي شوّه وجه العديد من التجمعات السكانية التي فقدت بريقها الحضري وخلق نوعا من الفوضى التي أصبحت تهدد واقع النمط العمراني والنسيج الاجتماعي بالجنوب. وتؤكد التقارير العديدة التي أعدتها مختلف مكاتب الدراسات بهذه المناطق أن ضبط عدد البناءات الفوضوية في حدود 1500 بناية يعود إلى سنة 2006 وهو مرشح للارتفاع مع ما يفسره العجز المسجل أمام الطلب المتزايد على السكن، إضافة إلى الغياب الواضح لقوانين الردع ضد هذه الظاهرة اللامتناهية والتداخل الحاصل في صلاحيات الهيئات العمرانية المخولة قانونا للحد من الظاهرة.وتتفاقم ظاهرة البناءات الفوضوية في مدن وعاصمة الولاية غرداية في وقت تطالب العديد من الجمعيات والمقاولات الخاصة بضرورة إعادة النظر فيما تتبناه دواوين الترقية والتسيير العقاري منذ ما يقارب 15 سنة من المخططات العمرانية والمعتمدة فيها على تقليص مساحة المسكن مع ما يتطلبه حسبها واقع التغيرات الحاصلة في الصفقات العمومية ومخصصات الدولة للسكن الاجتماعي بهذه النواحي من الوطن والتي حسب ذات المصادر أتت على ما تبقى من ختم الطابع العمراني بالجنوب. وتتحدث مصادر من الفروع التابعة لمديرية البناء والتعمير بغرداية أن المعلومات الكافية فيما يخص العدد الحقيقي لهذه البناءات غير متوفر بالتدقيق، مع تأكيدها على أن بحوزة مصالحها برنامج كبير للقضاء على البناء الفوضوي مدعم برزنامة قوانين جديدة للعمران تمنع وبصرامة أي بناء فوضوي أو قصديري يشيد بدون رخصة بناء موقعة من طرف مصالح الوالي. ويخول القانون الجديد، الذي اطلعنا عليه، صلاحيات أوسع لرئيس البلدية المعد ضمن المكلفين بمحاربة الفوضى العمرانية مع إلزامه قانونيا بتطبيق قرارات الهدم وهذا بعد إبلاغه من طرف مصالح البناء والتعمير. وقد تحولت هذه المعضلة التي تواجه الصرامة القانونية اليوم إلى حيلة سهلت على العديد من مواطني ولاية غرداية الحصول على قطع أرضية إضافية أمام مدخل المساكن وفي واجهة الأحياء تحولت مع مرور الوقت وصمت السلطات إلى تحايل كبير مكن هؤلاء من بيع مساكنهم بمبالغ خيالية مع احتساب المساحة الإضافية التي قد تصل بعض الأحيان إلى 200 متر مربع وهو ما يتطلب حسب مكاتب الدراسات المذكورة آنفا تكاتف جميع الجهات المعنية بالظاهرة والتدخل من أجل توقيف الاستنزاف المتزايد للعقار الذي أصبح حجر عثرة أمام مشاريع التنمية بكامل تراب ولاية غرداية.