ليلي بونيش، غنى للجزائر العاصمة “ألجي ألجي”، وموريس المديوني، غنى “روحي يا وهران”، ورينات، صدحت بمدح الجزائر وجمالها.. وأسماء كثيرة من اليهود حطوا رحالهم في الجزائر، فنصبوا أنفسهم أعمدة الفن الجزائري، مستغلين سوء الظروف، ليستبيحوا التراث الجزائري استباحا… الشروق العربي، غاصت في أعماق الماضي، وفي قلب النوتات في حياة يهود السيفاريد، الذين غنوا المالوف والحوزي والأندلسي، في زمن الاستعمار الفرنسي الغاشم.. بن مسايب… تراث عاث فيه اليهود فسادا كانت دواوين الشاعر التلمساني من الأشعار التي كان يعشقها يهود الجزائر، الذين استغلوا منع العائلات المسلمة أبناءها من الغناء، فعاثوا فيه فسادا، بلكنتهم الدخيلة، وإضافتهم بعض الكلمات اليهودية والترانيم… “ناري وقرحتي”، “الوشام؛ “ليلة البارح”، “ياحمام”، “يا عشاق الزين”.. كلها أشعار رسخت في عقول الجزائريين، غناها أول ما غناها مطربون يهود، وسجلوها بأصواتهم في إسطوانات، أو “الطبسي”، حتى ظن البعض أنها من ألحانهم وكلماتهم. أسماء كثيرة يهودية الأصل، غنت المالوف القسنطيني، أمثال سيلفان غرايسية، والمغنية سيمون طمار، التي كانت تطلق على نفسها صوت الأندلس القادم من سوق اهراس، وأيضا “ليون لعلوم”، الذي صدح ب”فاض الوحش عليا”، لبن مسايب، و”السانية والبير”، و”واحد لغزال ريت اليوم”، وأيضا المغني سامي المغربي، الذي كان ينشر تراث بن مسايب في جولاته الفنية. ليلي وهلالي… والسهرة في الليالي من بين الأسماء اليهودية التي تعلقت بالتراث الجزائري، المغني «سيمون هلالي»، أو “سالم هلالي”، يهودي، من مواليد عنابة، غنى الحوزي والأندلسي والعاصمي.. من أهم الأغاني التي اشتهر بها، “محني الزين” و”ريت الزين”، و”عشقت طفلة أندلسية”. اسم آخر، ذاع صيته قبل الاستقلال، هو اليهودي إيلي بونيش، من مواليد القصبة سنة 1921، المشهور في مجال الفن ب”ليلي بونيش”، كان من رواد نوع جديد من الموسيقى الفرنسية الجزائرية، وصلت شهرته إلى اليهود «السيفارديم» والجاليات الجزائرية والمغاربية في فرنسا وأوروبا… من بين الأغاني التي غناها ليلي بونيش، “أنا في الحب”، التي يعرفها الجزائريون، التي تئن منها لوعة فراق الحبيب “أنا في الحب ماذا عديت سهرت الليالي ماذا قاسيت هطلوا دموعي وبكيت”، وأغنية “أنا الورقة”، وليست أغنية “الورقة” الشهيرة للهاشمي ڤروابي… أول كلاش شعبي بين العنقى وليلي العباسي “ليلي” آخر اشتهر في نفس حقبة الحاج العنقى، هو “إيلي مويال”، المشهور بليلي العباسي، من أشهر ما غنى “لله يا غادي للسهرة”، التي تقول كلماتها: “لله ياغادي للسهرة شوفلي غزال منو مانقطعش إياسي مازال حي مازال”، وأغنية “يا لحمام دير برية للعالم كاليشات وروح ليها بالذات وقوللها واش هاذ الغيبة راهي بطات ما جات”.. هذه الأغنية كانت محل سجال بينه وبين الحاج محمد العنقى، فرد هذا الأخير على هذه الأغنية في نفس؛ “اللحن” أو “الهوى” بما يلي: “ما ننساش هاذ المحنة من عند الله جات، يا فاهم الأبيات… نسجي جيبتو بحسن الجودي على الجيفة بن ليهودي جا خطيب بلسان المودي في بيت الصلاة رجال الله الكل شهودي جازاه الممات”، واستطرد قائلا: “من غاب ولد حليمة ليهودي ما بقاتلو قيمة ظهرتلهم التبسيمة سقامتلهم لوقات”، لينهي نظمه بالقول: “ما تسلكهم حتى صنعة في حرب البيات”… وتسببت هذه الأبيات في تهديد السلطات الفرنسية للعنقى بالسجن إن هو أعاد غناءها. ومن بين اليهود القلائل الذين لم تكن لديهم لكنة في الغناء، المغني اليهودي، الذي ينحدر من عائلة بن سوسان الاأدلسية، “روني بيريز”، وهو من مواليد 1940 في تلمسان. كان يجيد غناء “الشعبي” و”الحوزي”، فغنى “يا بلارج”، و”مشات عليا”، و”اللي مكتوب مكتوب”، و”قم ترَ”. كانت هناك محاولات كثيرة لتشويه التراث القسنطيني، خاصة من خلال دمج نصوص من التوراة في أغاني المالوف، كما هي حال المغني اليهودي “آلان شقرون”، المولود في قسنسطينة لعائلة يهودية متدينة. اليهودية التي غنت “أنا لولية” بنسختها الخادشة من أكثر الأغاني تداولا في الطابع الحوزي والأندلسي، تلك التي صدحت بها المغنية يهودية الأصل، “لين مونتي”، التي كان اسمها “ليلى فاتح”، فمن لا يعرف استخبار “ياغربتي في بلدان ناس جميع مين يجوز يقول هذا براني وأنا اللي كنت فضة وليت النحاس والثوب اللي لبستو عراني”، ومن لا يدندن أغنية “أنا لولية”، التي تم تهذيبها بعد خروج اليهود من الجزائر عند الاستقلال، لما كانت تحتويه من كلمات خادشة.. عانقت لين مونتي الشهرة الواسعة عبر مسارح العالمية، وحصلت على جائزة «إيديث بياف»، ثم الجائزة الأولى في قاعة “أولمبيا” ثم سافرت إلى مصر والتقت فريد الأطرش، وتعلمت على يديه الغناء بالعربية. توفيت سنة 2003. رينات الوهرانية ..نحبك نحبك ونحبك ونموت عليك الشيخة رينات الوهرانية، مثال آخر على تعلق اليهود بالتراث الجزائري، واسمها الحقيقي سلطانة داوود، المولودة في تيارت، كانت من رواد الغناء البدوي الوهراني الأصيل، وكانت شديدة التعلق بالجزائر، وغادرتها مجبرة إلى باريس، حيث توفيت سنة 1998، من بين أشهر الأغاني التي غنتها أغنية ”نحبك نحبك ونحبك ونموت عليك”، و”اعذروني يا سادات”، وأعادت “أنا لولية”، و”سبحان خالقي سلطاني”. اكتشاف آخر، هذه المرة على اليوتيوب، هو للمغنية اليهودية “أليس فتوسي”، التي ولدت في التاسع ماي 1916 في برج بوعريريج، وتوفيت في الأبيار سنة 1978، من المطربات اللواتي اخترن “المالوف القسنطني” بالذات، ولديها العديد من أغاني المالوف، مثل “نار الهوى”، “لخضر جا من بعيد”، “داخل للرياض”، “لا فاطمة”.. وكانت اليهودية الوحيدة التي تغني المدائح الدينية.. وفي نفس الطابع، تألق الشيخ “ريمون”، أو “ريمون تليس”، الذي أطرب الجماهير من تراث المالوف بأغان، مثل “مال حبيبي مالو”، و”فارقوني”، و”البراڤ”، و”غزالي حافي”. وولد الشيخ ريمون من والد يهودي من باتنة وأمه فرنسية. وتم اغتياله سنة 1961 برصاصة في العنق، بينما كان يتجول مع ابنته «فيفيان» في سوق قسنطينة المعروف ب»سوق العصر».