عرفت عديد الأندية الجزائرية كيف تخطف الأضواء جماهيريا رغم معاناتها في جحيم الأقسام السفلى، حيث لم يمنع مغادرتها لحظيرة الكبار من الحفاظ على قاعدتها الشعبية، من خلال اللوحات الجميلة التي تشهدها المدرجات، وهذا رغم أن هذه الأندية تلعب في القسم الهاوي أو حتى في بطولة ما بين الرابطات، على غرار ما صنعته مولودية باتنة هذا الموسم التي حسمت الصعود قبل عدة جولات عن انتهاء الموسم. أثبتت بعض الأندية الجزائرية على شعبيتها ووقفة أنصارها مهما كانت الظروف والمصاعب، بدليل أن بعض الفرق تعاني في الأقسام السفلى، إلا أن ذلك لم ينقص من شعبيتها، بالنظر للأجواء التي صنعها جمهور مولودية باتنة هذا الموسم، موازاة مع تحقيق زملاء لزهر حاج عيسى مشوارا مميزا توج بالصعود إلى القسم الهاوي قبل عدة جولات عن انتهاء بطولة ما بين الربطات (شرق)، حيث كان اللاعب رقم 12 في الموعد، بدليل الحضور القياسي في مدرجات مركب 1 نوفمبر، والذي وصل عدده في بعض المباريات 30 ألف متفرج، ناهيك عن التنقلات بأعداد كثيرة في مجمل المباريات المبرمجة خارج القواعد، بشكل يوحي بأن أنصار البوبية يبقون أوفياء للونين الأبيض والأسود، بدليل عودتهم بقوة هذا الموسم، موازاة مع ضخ دماء جديدة من طرف الإدارة الجديدة التي يقودها مسعود زيداني الذي عاد مجددا لرئاسة النادي. الهوليغانز صنعوا الحدث في الهاوي من جانب آخر، لا يزال الكثير من المتتبعين يتحدثون عن الأجواء التي صنعها جمهور اتحاد عنابة الموسم المنصرم، بدليل متابعة مباريات فريقهم بحضور 50 ألف مناصر في ملعب 19 ماي بعناية، من ذلك ما حدث في الداربي أمام الجار حمراء عنابة، أو خلال اللقاء الأخير من الموسم المنقضي أمام جمعية الخروب، وهو رقم وصفه الكثير بالخيالي، خصوصا وأن أبناء بونة كانوا ينشطون الموسم المنصرم في قسم الهواة، أي الدرجة الثالثة في البطولة الجزائرية، حيث كانت الفرجة دوما مضمونة في المدرجات، بناء على اللوحات الجميلة التي صنعها “الهوليغانز”، بشكل يؤكد شعبية اتحاد عنابة على المستوى الوطني، وهي نفس الأجواء التي صنعها جمهور عنابة هذا الموسم في العديد من المباريات، ولو أن إخفاق الإدارة في مواصلة اللعب على ورقة الصعود أثر سلبا في نفسية وآمال الأنصار. وبصرف النظر عن كل هذا وذاك، فإن حفاظ بعض الأندية على شعبيتها بعيدا عن حظيرة الكبار يعطي صورة إيجابية للكرة الجزائرية من الناحية الجماهيرية، في الوقت الذي تجري مباريات الدرجة الأولى في بعض البلدان أمام مدرجات شبه شاغرة، ما يؤكد على ثقل الحضور الجماهيري في إعطاء نكهة مميزة للكرة الجزائرية، وهذا بناء على الصور الجميلة التي تعرفها المباريات الكبيرة، على غرار الداربي العاصمي بين المولودية والاتحاد، أو حين تكون المباريات إحدى أطرافها أندية حاضرة قوة فنيا وجماهيريا، في صورة شباب قسنطينة ووفاق سطيف ومولودية وهران وغيرها من الأندية المعروفة بثقلها الشعبي وتاريخها العريق، والكلام ينطبق على عديد الأندية التي حافظت على ثقلها الجماهيري رغم سقوطها في عدة مناسبات إلى الدرجة الثانية أو تدحرجها في الأقسام السفلى، علما أن الموسم المنصرم عرف بروزا لافتا لجماهير أندية في الرابطة الثانية، على غرار جمعية عين مليلة ومولودية بجاية وأهلي البرج الذين ارتقوا إلى حظيرة الكبار، وجمهور شبيبة سكيكدة الذي برهن على ثقله رغم الخيبات التي يتلقاها في كل مرة بسبب أخطاء ومتاعب تسييرية. سوء التسيير بعث برج منايل وقالمة والقل وفرق أخرى إلى الجحيم يجمع الكثير من المتتبعين للشأن الكروي الجزائري، بأن الكثير من الأندية التي تعاني في جحيم الأقسام السفلى قد دفعت فاتورة سوء التسيير والصراعات الداخلية، ما تسبب في مغادرتها للدرجة الأولى، في الوقت الذي أعطت في وقت سابق صورة إيجابية وأنجبت لاعبين بارزين، على غرار شبيبة تيارت التي غابت عن الواجهة منذ عدة سنوات، وترجي قالمة الذي يتواجد في بطولة ما ربين الرابطات، واكتفى هذا الموسم بالمرتبة الثانية وراء مولودية باتنة، حيث سبق للترجي أن أعطى صورة مشرفة، وهو الذي كان يلقبه الكثير ب “السرب الأسود”، والكلام ينطبق على مولودية باتنة المعروفة هي الأخرى بشعبيتها الكبيرة على مستوى الشرق، حيث افتكت هذا الموسم الصعود إلى القسم الهاوي قبل الأوان، بعد مسيرة مميزة بقيادة المخضرم لزهر حاج عيسى، وعانت مولودية باتنة خلال السنوات الأخيرة من التسيب وسوء التسيير، ما جعلها تغرق في بطولة ما بين الرابطات لعدة مواسم، بل وصل الأمر الموسم المنصرم إلى إجراء بعض مبارياتها دون جمهور إثر مقاطعة أنصارها بصفة جماعية استياء من طريقة تسيير النادي، قبل أن تستعيد أجواءها المميزة بعد عودة مسعود زيداني إلى رئاسة النادي، ومساهمته الفعالة في مغادرة ما بين الرابطات. وفي السياق ذاته، غابت مدرسة وفاق القل عن الواجهة وهي التي أنجبت لاعبين وصلوا إلى المنتخب الوطني في صورة بوطمين وبغلول وبوقادوم وقشير وفنازي وغيرهم، كما يتذكر البعض بنوع من الحنين الصور الجميلة التي تركها شباب برج منايل في الثمانينيات والتسعينيات، قبل أن يغادر حظيرة الكبار بعد رحيل رئيسه التاريخي تحانوتي، وهو الآن يعاني في الأقسام السفلى، كما أن اتحاد الشاوية الذي صنع الحدث في التسعينيات ونال لقب البطولة بعد عام من تواجده في القسم الأول أصبح يكتفي بضمان البقاء المريح في قسم الهواة، وهو نفس الحال الذي يعيشه شباب باتنة الذي سقط في موسمين من حضيرة الكبار إلى قسم الهواة، هذا القسم الذي يحوي فرقا عديدة صنعت الحدث، في صورة مولودية قسنطينة واتحاد خنشلة واتحاد تبسة وجمعية الخروب وغيرها من الفرق التي لا تزال بعيدة عن الأضواء، في الوقت الذي غابت أندية أخرى معروفة عن الواجهة، في صورة أولمبي العناصر ونادي الرغاية ومكارم ثليجان ونادي سطيف ومديوني وهران وغيرها من الفرق التي أصبحت مجرد أرقام ثانوية في الأقسام السفلى.