شهدت مدينة المسيلة، الأربعاء، احتجاجات عارمة وغلق للطرقات ومحاولات انتحار، كما حاول البعض اقتحام السكنات الجاهزة، بعد الإفراج عن القائمة الأولية للمستفيدين من حصة 1262 سكن عمومي إيجاري، من طرف المقصيين الذين وجدوا أنفسهم خارج القائمة، بعد سنوات من الانتظار. وطلب المحتجون من السلطات الولائية التدخل الفوري من أجل إلغاء القائمة وإعادة التحقيق في القائمة التي احتوت على الكثير من الأسماء لا يحق لها الاستفادة، ومحاسبة المتورطين فيها وفق ما يقتضيه القانون. موجة الغضب اندلعت منذ الساعات الأولى للصبيحة بعد نشر القوائم، عبر عدة أحياء على غرار اشبيليا، أولاد سيدي إبراهيم، 108 مسكن، لاروكاد وبالقرب من مقري الدائرة والولاية وغيرها من الجهات، من خلال إضرام النيران في العجلات ووضع المتاريس، والصعود فوق بعض المقرات، على غرار مستشفى الزهراوي والتهديد بالانتحار الجماعي، وكذا أعلى السكنات الجاهزة والتهديد باقتحامها رفقة عائلاتهم، ألهبت كافة أحياء المدينة ومداخلها، الأمر الذي تسبب في عزل المدينة لعدة ساعات وتصاعد كثيف للدخان الذي غطى سماء الولاية. ودعا خلالها الغاضبون المسؤول الأول على رأس الولاية، إلى إعادة النظر في القائمة المفرج عنها، وهو الطلب الذي لقي استجابة من قبل والي الولاية إبراهيم أوشان الذي قرر، تبعا لبيان صحفي صادر عن خلية الإعلام بديوان الوالي إلى تجميد القائمة والقيام بالتحقيقات الأمنية اللازمة لكافة الأسماء الواردة في القائمة مع متابعة كل المتورطين في هذه العملية، وذلك تبعا للاحتجاجات العارمة منذ الإعلان عن القائمة الأولية وتبعا للمعلومات التي وصلت المسؤول الأول بالولاية، فيما يخص عدم أحقية بعض المستفيدين. وأكد المحتجون في السياق ذاته، في حديث مع “الشروق اليومي”، رفضهم المطلق لها، مُوجهين أصابع الاتهام إلى لجنة السكن والسلطات المحلية للبلدية، التي على حد قولهم تلاعبت بها، من خلال إسقاط الكثير من الحالات ذات الأولوية والأحقية على غرار أقدمية الملف وعدد الأولاد والوضعية الاجتماعية وغيرها، في الوقت الذي استفاد آخرون صغار في السكن وحتى من خارج المدينة ومن ولايات أخرى، وهو الأمر الذي رفضه المعنيون. كما اتهم هؤلاء الغاضبون، الذين لم يجدوا أية تبريرات أو تفسيرات، لما تضمنته القائمة التي وصفوها بالفضيحة المكتملة الأركان، كان أبطالها أعضاء لجنة التوزيع، خاصة في ظل المعلومات المتحصل عليها والتي تفيد بأن بعضا من أعضائها رفضوها قبل أن تخرج للعلن، كما اتهم هؤلاء اللجنة بممارسة المحاباة والجهوية والمحسوبية في عملية التوزيع التي لم تتم وفق المعايير القانونية، من خلال استفادة الكثير من الوجوه التي لا يحق لها على حد قولهم، من ميسوري الحال وموظفين يفوق دخلهم الشهري 24 ألف دج، وآخرين يحوزون سكنات وعقارات وغيرها، في الوقت الذي تم إقصاء المئات من الحالات الحرجة التي يقطن أصحابها في بيوت هشة والبعض منها مهدد بالسقوط، بينما يتكبد الكثيرون مبالغ مالية سنويا من أجل تسديد حقوق الإيجار، وهو ما يؤكد بأن الأخطاء التي وقعت في وقت سابق لا تزال سارية، وأن حقوق الضعفاء والفئات البسيطة ومحدودة الدخل تم هضمها. وقال المحتجون الذين انتقدوا الوصاية، خصوصا بعد اختفاء كل الجهات الرسمية وعدم تبرير هذه المهزلة التي وقعت بعد سنوات من الانتظار، ماعدا مصالح الأمن التي حاولت تأمين الممتلكات العمومية والدخول في حوار لتهدئة الجحافل البشرية التي بدت عليها ملامح الغضب والتذمر. تجميد القائمة ومتابعة المزورين أمام العدالة وقرر أوشان إبراهيم والي المسيلة، الأربعاء، إعادة تشكيل لجنة لتوزيع السكن العمومي الإيجاري على مستوى دائرة المسيلة، من مسؤولين آخرين وكذا تجميد القائمة المفرج عنها أمس وذلك بمثابة الالغاء الكلي على حد قوله، وذلك حسب المسؤول الأول على رأس الولاية في تصريح للصحافة، مساء أمس، بعد موجة الاحتجاجات التي شهدتها عاصمة الولاية من قبل المئات من المقصيين. والي المسيلة، أكد إعادة تشكيل لجنة التوزيع من موظفين آخرين بدلا من اللجنة الحالية، التي أشرفت على إعداد القائمة المطعون فيها والتي تم تجميدها بصفة رسمية، وذلك بغية إعادة دراسة كافة الملفات دون استثناء، مع إخضاع الأسماء الواردة في القائمة الأولية للمستفيدين من حصة 1262 وحدة للتحقيقات الأمنية، وبناءً على النتائج النهائية سيتم اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتحايلين وأصحاب الملفات المزورة. وقال إبراهيم أوشان، بأنه لم يطلع على القائمة إلى غاية الحادية عشر صباحا، لأنه يحترم القوانين وكانت له الثقة في أعضاء اللجنة بحكم الصلاحيات المحددة قانونا، حيث انتهت من أشغالها، خاصة وأنها تتكون من منتخبين يعرفون الوضعيات الاجتماعية للمواطنين، إلا أن الأصداء التي وردت بعد الإفراج عن القائمة، خاصة من قبل الجهات الأمنية، بينت وجود تجاوزات وخروقات وأناس لا يحق لهم الاستفادة ولا تتوفر فيهم الشروط، مضيفا بأن هؤلاء كانوا سيسقطون آليا من قبل لجنة الطعون التي يترأسها شخصيا. واستغل المسؤول الأول على رأس الولاية، الفرصة لطمأنة كافة المواطنين وأصحاب الملفات، بمتابعة هذا الملف بكل جدية وشفافية، مؤكدا بأن هذا النوع من السكن مُوجه إلى الفئات المحتاجة ومحدودة الدخل ووفق الأولويات، وأنه سيحرص على استفادة كل من له الحق وإقصاء المزورين والمتحايلين مع إحالة ملفاتهم على العدالة.