نتعجب لبيان زعموا أنه لسكان مدينة وهران يندّدون أصحابه بتوقيف بث مسلسل “أولاد الحلال” الذي قد يكون أول تجربة تلفزيونية تجاوزت المألوف الرديئ فيما يخصالدراما. لقد جمعت كوكبة من أحسن الممثلين المبدعين الجزائريين في أدوار اجتماعية واقعية ومتناقضة من مكوّنات المجتمع الجزائري نفسه. استطعت من خلال بعض الحلقات أن أكتشف الرغبة في إنتاج صور متحركة جميلة نابعة من واقع اجتماعي وهراني مرّ وتعس كسائر مجتمعات المدن الكبرى في الجزائر. الملاحظ أن الأسلوب التقني السينمائي قد وفر طبيعة الجو الذي تجري فيه الأحداث المختلفة ووفق الفكرة الأساسية للمسلسل وتعبيرا عن نسيج اجتماعي ملوّث بخيوط الجريمة التي ينتجها النظام الفاسد. أثار المسلسل إشكالية الاسترزاق من خلال شبكة معقدة بالتزوير والرذيلة من جهة وما نسميه “اولاد الحرام” في لغتنا الشعبية ومن جهة أخرى الأخلاق الصادقة وما نسميه “اولاد الحلال”، فالمسلسل عبارة عن كاشف لما يدور حقا في جوف المحيط الوهراني الذي لا يختلف مثلا عن المحيط العاصمي أو العنابي أو أي مدينة جزائرية كبيرة، لقد نجح الفيلم في استقطاب عدد كبير من المشاهدين ويعتبر من أحسن المسلسلات الجزائرية وهذا دليل قاطع على أن العمل متميز ولا أعتقد أن حراس المعبد الذين نشروا بيانا يندّدون فيه بالعمل الفني له قيمة أو تأثير أولا لأننا لا ندري من هي الجهة الرسمية التي باشرت بهذا البيان “الأخلاقي” الرقابي الذي يذكرنا بجماعة “النهي عن المنكر” في السعودية سابقا. إن الجماعة التي نشرت هذا البيان وكل عاهدها لا يدركون أن العالم تغيّر والجزائر كذلك ولا أعتقد أنهم يمثلون ناس وهران المتفتحين الطيبين كرما وأخلاقا. وهران مدينة يعشقها كل الجزائريين منذ زمان بعيد. نجح العمل الفني التلفزيوني على كل المستويات ماعدا بعض النقص في كيفية ترابط الأحداث ووتيرتها الدرامية أو ما نسميه بالبناء الدرامي والصوت، نتمنى أن تستمر التجربة على هذا المنال لكي يستطيع المشاهد الجزائري أن يعود إلى أرضه وواقعه ليغيّره. المسلسل جزء من الثورة السلمية ضد الفساد.