تمنحه السلطات كهدية رمزية لضيوف "جرجرة" خلال "الأفراح الرسمية.. لا يفارق كبار السن بالمنطقة خلال جميع فصول السنة لاعتبارات عدة، يضعه العريس ليلة الحنة على كتفيه وترتديه العروسة عندما تخرج من بيت أهلها، بالطبع الأمر لا يتعلق بوسام أو غيره بل ب "البرنوس" والذي يبقى حاضرا رغم أن صناعته من الحرف التقليدية التي ابتلعها الزمن لأسباب كثيرة. عرفت صناعة البرنوس، والتي تعتبر من الحرف التقليدية بمنطقة القبائل والتي تورثت أبا عن جد وتمتهن النساء عادة باتقانها وتعليمها للفتيات في وقت مضى لأنها تعكس عادات وتقاليد ومناخ المنطقة، إذ يلجأ سكان القبائل منذ عقود إلى ارتداء الرجال للبرنوس وهو رمز للهيبة والوقار وخاصة حسن السلوك، بالإضافة إلى ذلك فإنه يحمي الجسم من قساوة الطبيعة بالمناطق الجبلية. وإذا كان سكان المدن الكبرى قد تخلوا عنه، وذلك لأسباب اجتماعية واقتصادية وخاصة لمسايرة "الموضة" والتي أطاحت بالبرنوس إلا أن سكان القرى، خاصة بعين الحمام، إفرحونان، الأربعاء نايت إيراثن وغيرها احتفظوا به وأصبح لا يفارقهم لا في أقراحهم ولا في أفراحهم، ودورة سريعة على مستوى مجالس القرى تؤكد ذلك حيث حمى ارتداء البرنوس مست حتى الشباب والمراهقين والذين يحاولون الاقتداء بالكبار، وهي أيضا رسائل مشفرة للأولياء حيث عادة ما يفسر ميل الشاب إلى وضع البرنوس على كتفيه برغبته في الزواج. لكن اليوم وللأسف يشاء الزمن، بتقدمه التكنولوجي وآلاته التي تستطيع أن تغرق السوق بسلع كثيرة بغض النظر عن نوعيتها، أن تتعرض حرفة حياكة البرنوس لمضايقة ومنافسة شديدة جعلت محترفيها يبتعدون تدريجيا عن إنتاجها، فهم يعدون في الماضي بالمئات حيث أن الكل يتقن هذه الحرفة، أما اليوم فيعدون على أصابع اليد ومن الصعب العثور عليهم، رغم أن هذا المنتوج اليدوي الذي بقدر ما يتسم بالبطء هو أيضا ميزان للإتقان والجودة. وحتى لا يبتلع الزمن هذه الحرفة التي تتقنها أنامل نساء جرجرة ولضمان الديمومة، يجب الاهتمام بها على مستوى المعاهد ومؤسسات التكوين المهني المتواجدة عبر تراب ولاية تيزي وزو.. هكذا ينصح المهتمون. صونية قرس