تمكن تلاميذ بمصلحة طب الأطفال بمستشفى بني مسوس (غرب الجزائر العاصمة) الأربعاء الماضي من اجتياز امتحان نهاية الطور الابتدائي في صورة تعكس إرادتهم القوية في تحدي المرض بمعنويات مرتفعة. سيرين، عز الدين، بشرى، إلهام ولينا… أطفال في عمر الزهور اجتازوا امتحان الخامسة، صانعين بذلك تحديا كبيرا وإصرارا على اجتياز هذا الامتحان بمستشفى بني مسوس الذي يمكثون به منذ أشهر لمتابعة العلاج من مرض السرطان. سيرين ذات ال 11سنة من الجزائر العاصمة تلميذة بشوشة، استطاعت بنفسها المرحة أن تخطف الأنظار وتصنع لزميليها عز الدين وبشرى جوا من البهجة لاستعادة الأمل والتأكيد بأن الثقة بالنفس والشجاعة كفيلة بصنع المعجزات والتغلب على هذا المرض الخبيث، فهي تارة تقدم الإجابة وتارة أخرى تبتسم، وعند الاستراحة تصنع عالمها المرح باللعب على الأرجوحة للترفيه عن نفسها وتقليص حجم الألم بعد المجهود الذي بذلته في الإجابة عن أسئلة امتحان مادة اللغة العربية بقاعة النشاطات الترفيهية بالمستشفى. وتروي أستاذتها سعيدة أن سيرين التي تقيم بالمستشفى منذ نحو سبعة أشهر، أثبتت شجاعتها في تحدي المرض وتمكنت، بفضل عزيمتها ومثابرتها الدائمة على الدراسة والنجاح، من إثبات أن المرض ليس عائقا أمام النجاح وتحقيق الذات، حيث حافظت على معدلاتها التي تراوحت ما بين 8 و9 من عشرة على الرغم من أنها قضت كل السنة الدراسية بالمستشفى. أما عز الدين (11 سنة) المنحدر من ولاية تيارت فقد تمكن هو الآخر من اجتياز هذا الامتحان بالرغم من الآلام التي عانى منها خلال إجابته على أسئلة امتحان مادة اللغة العربية، حيث جعل من التحدي والنجاح عنوانا له لمواصلة هذا الامتحان بكل ثقة وعزم أملا في تحقيق التفوّق والنجاح. بدورها، استطاعت بشرى المنحدرة من ولاية الجلفة من مقاومة المرض، حيث قضت الفترة الأولى من الامتحان على الطاولة التي خصصتها إدارة المستشفى لهؤلاء التلاميذ، لكن الألم وارتفاع درجة حرارتها الجسدية جعلا الطاقم المشرف على الامتحان يمنحها قسطا من الراحة مع تقديم جرعة من العلاج قبل أن تتقدم لامتحان الرياضيات الذي تمت برمجته مباشرة بعد امتحان اللغة العربية. وبين سيرين وعز الدين، لم تتمكن إلهام صاحبة ال 11 ربيعا من ولاية المدية من الالتحاق ببقية زملائها، غير أنها أصرت على اجتياز الامتحان وهي ملقاة على السرير. تقول أستاذتها زكية إن هذه الطفلة التي تصارع المرض تعد مثالا في التحدي والاجتهاد، حيث أكدت أن الدكاترة نصحوا بضرورة توفير الراحة لها، غير أنها أصرت على اجتياز الامتحان. وفي هذا الصدد، تقول مسؤولة النشاطات الترفيهية للأطفال المرضى بالمستشفى، هندة ليندة، إنه تم تخصيص مربيات من مديرية الشباب والرياضة لولاية الجزائر ومديرية التربية، بالتنسيق مع مديرية الصحة، لمرافقة هؤلاء الأطفال في مسارهم الدراسي عبر “التعليم المكيف” الذي يتناسب مع الحالة الصحية لكل تلميذ. ويتم تنظيم لفائدة هؤلاء الأطفال نشاطات ترفيهية وأشغال يدوية لمساعدتهم على تجاوز المرض والرفع من معنوياتهم وبعث الأمل في نفوسهم. بدورها، ذكرت الأستاذة المساعدة في طب الأطفال بمستشفى بني مسوس، نبيلة بوترفاس، أن هؤلاء تمكنوا بكل شجاعة من اجتياز امتحان نهاية الطور الابتدائي، مؤكدة أن المرض والمكوث بالمستشفى لم يمنعهم من حضور هذا الموعد الهام في حياتهم.