التمس وكيل الجمهورية بمحكمة بئر مراد رايس، الاثنين، 18 شهرا حبسا نافذا، في حقّ رجل الأعمال علي حداد، ورئيس “الأفسيو” سابقا، فيما تمّ تأجيل الحكم إلى 17 جوان القادم، حيث لا يستبعد قانونيون استدعاء الأسماء التي ذكرها حداد، ومن بينهم الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، ووزير الداخلية آنذاك، نور الدين بدوي، وكذا الأمين العام لوزارة الداخلية حسين معزوز، وقد توبع المعني بجنحة التزوير واستعمال المزوّر وتقديم معلومات كاذبة. وقد تم تأجيل المحاكمة شهر ماي الفارط بسبب غياب الشهود وهم ثلاثة موظفين بالدائرة الإدارية لبئر مراد رايس، علما أنه تم توقيف علي حداد في مارس الفارط بالمعبر الحدودي لأم الطبول بولاية الطارف عندما كان يستعد لمغادرة الجزائر ليلا. القاضي: بداية، استرجعت عددا من الوثائق منها جوازات سفر رخص سياقة دولية ومبالغ مالية بالعملة الصعبة، التحريات أثبتت أن جواز السفر الثاني غير مقبول، وملفه القاعدي غير موجود على مستوى الدائرة الإدارية لبئر مراد رايس وتوصلت التحريات إلى أنك تسلمته عن طريق المتهم الثاني حسان بوعلام ما تعليقك؟ حداد: لكثرة تنقلاتي، نتيجة تلقي دعوات للسفر نحو الخارج من قبل رئاسة الجمهورية والسلطات، امتلأت صفحات جواز السفر الأول المتكون من28 صفحة، كان لا يزال به تأشيرات، وخلال لقائي بالوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال طلبت الحصول على جواز سفر آخر يتكون من 48 صفحة يمكنني من مواصلة سفرياتي في إطار نشاطي، وبدوره الوزير الأول أخبر وزير الداخلية آنذاك نور الدين بدوي وأعطى أوامر للأمين العام بالوزارة حسين معزوز. القاضي: هل تعلم أن القانون يمنع حيازة جاوز سفر ثان؟ المتهم: تحصلت عليه بموجب تعليمات وزارية وكان لابد من استخراجه ودون تقديم أي ملف. القاضي: لكن الجواز الأول لم يلغ ولم يتم دفع مستحقات الدمغة. المتهم: تحصلت عليه بموجب تعليمة وزارية بأمر من الوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال ووزير الداخلية سابقا نور الدين بدوي. القاضي: كيف أرسل إليك ومن أحضره؟ المتهم: شرطي سلمه للسكرتيرة الخاصة بدلا مني بعد أن تلقيت مكالمة هاتفية بأنه جاهز. القاضي: أين تسلمته؟ المتهم: بمكتبي في الدار البيضاء. القاضي: إذن تسلمته عن طريق الوزيرين سلال وبدوي؟ المتهم: نعم. القاضي: كم مرة استعملت الجوازين؟ المتهم: كنت أظهر الأول في بعض المرات والثاني حسب التأشيرة والبلد الذي أنا بصدد التوجه إليه، وعادة أقدمهما معا. القاضي: وفي أم الطبول؟ المتهم: هناك سلمتهم الجواز الأول لأني لم أكن بحاجة إليه. القاضي: لما كنت متوجها نحو تونس هل كنت ستهرب؟ المتهم: لا لم أكن فارا، بل كنت ذاهبا لقضاء عطلة. القاضي: كيف تقدمت بطلب للحصول على الجواز الثاني؟ المتهم: كنت أحتاجه لأمر طارئ، حين كنت مدعوا لحضور اجتماع بمجلس الشيوخ الأمريكي رفقة وفد من وزارة الصناعة متكون من60 رجل أعمال، وحدثت لنا مشاكل كثيرة لرفض قبول التأشيرة، ومعروف أن بعض الدول الأوروبية وأمريكا لا تقبل طالبي التأشيرة سبق أن سافروا نحو إيران، وكان من الضروري استخراج جواز سفر آخر، بعد فشلي في تلقي رد من السفارة الأمريكية على البرقية التي أرسلتها وتم تأجيل المؤتمر. القاضي: آخر كلمة لك المتهم: أطلب البراءة سيدي القاضي الحبس النافذ يهدد علي حداد من خلال المعطيات التي تضمنها ملف رجل الأعمال علي حداد، طالبت النيابة العامة بعد سماع أقواله رفقة المتهم الثاني بتوقيع عقوبة18 شهر حبسا نافذا وغرامة بقيمة 100 ألف دج مع مصادرة المبالغ المالية والوثائق محل المتابعة، وتجدر الإشارة أن المتهم وجهت له تهم التصريح الكاذب والتزوير واستعمال المزور في محررات إدارية، بعد اكتشاف أن جواز سفره لا يحوز ملفا قاعديا ولم يتم دفع المستحقات الخاصة بالدمغة، إلى جانب ذلك يعتبر أول شخص تحصل على جواز سفر بيومتري استعجالي من48 صفحة دفاعه يطلب براءته مسؤول مركز البيومتري: لا أعرف حداد شخصيا من قبل وجهت محكمة بئر مراد رايس أمس تهم التزوير واستعمال المزور، لعلي حداد رفقة محافظ شرطة منتدب لدى مديرية السندات المؤمنة والوثائق البيومترية “ب.ح” بعد ورود اسمه كشاهد بالملف، وأكد الأخير لدى استجوابه من قبل القاضي انه لا يعرف علي حداد شخصيا ولم يسبق وأن التقى به. وأضاف المعني ان إشرافه على استخراج جواز سفر ثان لرئيس منتدى المؤسسات السابق كان تطبيقا للأوامر والتعليمات بعد تلقيه أمر من طرف الأمين العام لوزارة الداخلية حسين معزوز، وكشف أن التعليمة المستند إليها تسمح للمواطنين بحيازة جواز سفر ثان بنفس الطريقة، وسبق أن استفاد منها18 الف شخص في حالة حيازتهم للجواز القديم ويكون بها تأشيرات لم تستعمل بعد وجاء ذلك في إطار تسهيل الخدمات البيومترية، على أن يتم تجديد الملف في حالة تغيير المعطيات. وردد المتهم أنه تقيد بالتعليمات لا أكثر، فيما جاء على لسان دفاعه أن موكله يعتبر “الأب الروحي” لنظام البيومتري في الجزائر، من المؤسف أن يتم إقحامه في ملف لا علاقة له به، بدلا من تكريمه نظرا لمسيرته الحافلة في عمله. هيئة دفاع حداد: اجراءات التوقيف والحبس “تعسفية” تقدمت هيئة الدفاع عن علي حداد بدفوع شكلية قبل الانطلاق في الاستجواب، تضمنت المطالبة ببطلان إجراءات المتابعة القضائية في حقه ووصفتها بأنها جاءت بطريقة غير عادية، كما لمح أعضاء الدفاع إلى أن حبس المتهم كان “تعسفيا”، بسبب تاريخ توقيفه الموافق ل30 مارس، فيما تم تدوين تاريخ 31مارس بمحضر سماعه من قبل الشرطة، وهو نفس تاريخ صدور تعليمة النيابة التي تقضي بمنعه من مغادرة التراب الوطني. وورد على لسان الدفاع أن تلك التعليمة جاءت بعد توقيفه بيوم واحد وعلى حد قوله هو خرق للقانون، وعرج الدفاع خلال المرافعة على بعض النقاط القانونية منها أن الملف كان من المفترض أن تتم معالجته من قبل محكمة الاختصاص الإقليمي بالطارف وبموجب إجراء المثول الفوري، فيما أحيل للتحقيق أمام نيابة محكمة بئر مراد رايس، وبرمجته بعد شهر من ذلك رغم خلوه من الوقائع، وانتهت المرافعة بالمطالبة بإفادته بالبراءة واسترجاع المحجوزات، من بينها الوثائق الخاصة ومبالغ مالية بالعملة الصعبة. كواليس وأصداء: – ظروف جد عادية طبعت أول محاكمة لرجل الأعمال علي حداد ورئيس منتدى المؤسسات، حول وقائع حيازته جواز سفر مزورا عقب توقيفه بالمعبر الحدودي أم الطبول شهر ماري الفارط. – قبل انطلاق الجلسة العلنية وصلت سيارة الشرطة الخاصة بالمتهم علي حداد في حدود الحادية عشرة إلا ربع إلى محكمة بئر مراد رايس في العاصمة، وتحت مراقبة أمنية شديدة وحضور إعلامي مكثف لمختلف الوسائل، حيث اكتظت القاعة الخاصة بالجلسات عن آخرها منذ انطلاق القاضي في معالجة الملفات المطروحة على طاولته. – تم توقيف الجلسة لدقائق لتحضير المتهمين الموقوفين، قبل أن يحين دور المتهم علي حداد بعد مناداة القاضي اسمه في حدود الساعة الحادية عشرة وعشرين دقيقة، المتهم تقدم أمام القاضي بابتسامة عريضة ومد بصره نحو القاعة لتوزيع التحية على عائلته ورفقائه بمن فيهم ابنته لينطلق القاضي في طرح الأسئلة على المتهم وجرت المحاكمة في ظروف جد عادية. – نصبت وسائل الإعلام المرئية كاميراتها منذ الساعات الأولى لصباح الإثنين بالقرب من المدخل الخاص بالمحبوسين، أمام محكمة بئر مراد رايس لالتقاط ورصد صور وتسجيل فيديو للمتهم علي حداد. – المتهم تردد في الخروج من القاعة بعد انتهاء الجلسة والاستجواب، وظل بالرواق الخاص للموقوفين لسرقة بعض النظرات التي وجهها نحو ابنته وزوجته، محاولا مواساتهما بابتسامة خفيفة والتلويح بيده. – تواجد كثيف لعناصر الأمن عند الباب الرئيسي للمحكمة وتشديد الرقابة داخل الجلسة. – على غير العادة تم منع الصحافيين من استخدام الهاتف، وأعطيت أوامر صارمة بتبليغ القاضي في حالة ضبط استخدامه لالتقاط الصور. – لم يتخلف المحامي المشطوب محسن عمارة عن الحضور ومحاولة لفت الانتباه بتصرفاته الغريبة، كان يقوم بها أثناء المحاكمات الاستثنائية بحضور الإعلام.