باستثناء منتخب الثمانينات، عندما كانت الكرة الجزائرية تزدحم باللاعبين الموهوبين، وكان بإمكانها اللعب بثلاثة منتخبات من مستوى عال جدا، فإن ما حدث في المباراة الثالثة من دور المجموعات من كان مصر للمنتخب الجزائري أمام تانزانيا ترك المتعاطفين مع المدرب جمال بلماضي، يشفقون عليه بداية من مباراة الأحد القادم في القاهرة في الدور الثمن النهائي، حيث سيجد المدرب صعوبة كبيرة في وضع التشكيلة الأساسية التي سيكون أمامها مهمة انتزاع بطاقة المرور للدور الربع النهائي. مباراة تانزانيا فجّرت طاقة العديد من اللاعبين الذين ملّوا من مقعد الاحتياط في أولى مباراتين، وعلى رأسهم آدم وناس الذي اكتفى بشوط واحد، سجل فيه هدفين لم يتمكن بغداد بونجاح من تسجيلهما في ثلاث مباريات، كما قدّم تمريرة حاسمة هي الاجمل والأدق والأروع منذ بداية دورة أمم إفرقيا، وسيكون محرجا جدا لو ترك جمال بلماضي آدم وناس على مقاعد الاحتياط، بالرغم من أن صاحب ال 22 سنة مطالب بشغل منصب رياض محرز، مما يعني أن جمال بلماضي يصعب عليه القرار. كما أن الظهور الرائع في أول مشاركة كأساسي للوافد الجديد على الخضر آندي ديلور، تجعل من عدم الاعتماد عليه كأساسي صعب جدا، وأظهر محمد فارس حيوية قد تسحب من تحت أقدام رامي بن سبعيني بساط الأساسي، وهذا من دون إشراك ياسين براهيمي المصاب في التشكيلة الأساسية. ساير جمال بلماضي المنطق في مباراته أمام تانزانيا، فهو يدرك تعطش الاحتياطيين للعب وللتألق، فنفخهم إلى حد التخمة، ورسم لهم تكتيك جعلهم يلعبون بطريقة أنستنا ما قدمه أشبال بلماضي في مباراتي كينيا والسنغال، فقد منح رايس مبولحي فرصة لعب ثالث مباراة من أجل أن يكسب الحارس مزيد من المباريات، وتبقى مشكلة مبولحي الذي لم يدخل شباكه إلى غاية المباراة الثالثة أي هدف، هو عدم اختباره من طرف مهاجمي كينيا والسنغال وأوغندا، وإلى غاية نهاية الدور الأول لم يوقف رايس مبولحي أي كرة خطيرة، لأنه ببساطة لم يتلق أي قذيفة أو تعرض لانفراد مع مهاجمي المنافس. وفي الدفاع يبدو أن وسط الخط الخلفي سيبقى بين أقدام جمال بلعمري وعيسى ماندي، وحتى في حالة أي طارئ فسيتم تحويل رامي بن سبعيني إلى هذه المنطقة، لأن تاهرات وحليش كانا خارج الخدمة، ولعب زفان مباراة حسب إمكانياته، وسيبقى احتياطيا ليوسف عطال، بينما سيجد رامي بن سبعيني في الرواق الأيسر منافسة حقيقية من محمد فارس. في خط الوسط ربما أخطأ جمال بلماضي بمنح دقائق كثيرة لاسماعيل بن ناصر الذي بدا متعبا مقارنة بمباراتيه أمام كينيا والسنغال حيث نال لقب رجل المباراة فيهما، وواضح بأن جمال بلماضي لن يغير خط الوسط وسيبقي على الثلاثي المتألق فيغولي وقديورة وبن ناصر، أما في خط الهجوم فإن مشكلة بغداد بونجاح وعقمه أمام الشباك لن يصبر عليها كثيرا جمال بلماضي، وقد يسارع إلى التغيير إن لم تسر الأمور جيدا في شوط المباراة الأول في الدور الثمن النهائي، فهو يمتلك خيارات كثيرة ومنها على وجه الخصوص آدم وناس وآندي دولور. ترك جمال بلماضي عندما أقلع نحو القاهرة فريق كامل مدجج بالنجوم ومنهم نبيل بن طالب وإسحاق بلفوضيل ورياض بودبوز وسفيان هني ورشيد غزال وفوزي غولام وياسين بن زية، ولا أحد تبادر إلى ذهنه بأن بلماضي لن يندم لغياب هؤلاء، فقد لعب بن طالب وبلفوضيل وغولام رابطة أبطال أوربا، ولعب بن زية وهني أوربا ليغ، ولكن مع مرور المباريات في الدور الأول نسي بلماضي، ونسي معه الآخرون كل هؤلاء النجوم الذين قد يدفعون الثمن غاليا بغيابهم عن الدورة في حالة التتويج باللقب، حيث سيبقى أمام جمال بلماضي هدف العودة إلى مونديال قطر 2022. سيكون من غير المنطقي أن لا يلعب الخضر الآن من أجل الفوز باللقب، فلا منافس لهم في اللعب الاستعراضي والواقعية والفاعلية سوى المنتخب المغربي، ومع صرامة جمال بلماضي تبدو الفرصة مواتية للتتويج باللقب الذي تحدث عنه جمال بلماضي عندما تسلّم زمام تدريب الخضر، وظن الناس بأنه يرمي الورود أو يذرّ الرماد في العيون وفي الأسماع. ب.ع