مرت الذكرى السادسة والاربعون لاحتفالات 19 مارس 1962 أو ما سمي رسميا بيوم النصر، مرورا محتشما لم تعط للمناسبة حيزا يذكر الرأي العام بأهميتها كما تذكر بدعة المفرقعات قدومها بدوي يجعل الاصم يسمع. وإذا كان يوم النصر الذي اجبرت فيه جبهة التحرير الوطني فرنسا المستعمرة بمدينة ايفيان السويسرية على وقف اطلاق والاعتراف بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره بكل حرية، يذكر بأقبح استعمار طال شعب في العصر الحديث، فإنه يبين في نفس الوقت مدى الحروب التي لم تنتصر فيها الجزائر بعد، فهناك العديد من الحروب المفتوحة في رزنامة الدولة ضد اعداء على رأسهم الجهل والرشوة والبطالة والتهميش والفقر... القابعة في الجزائر منذ يوم النصر. وأولى المعارك التي لا بد ان تخوضها السلطة تلك ضد الجهل لأنه من الجهل ان تسقط ملايين الاسر سنويا في عبث المفرقعات يمولها أولياء كان اجدر بهم ان يحولوا أموال هذا الفساد الى من يشكو قلة ذات اليد كما كان يفعل خاتم الانبياء. والانتصار ضد الجهل يقترن بإرساء شيء من الاخلاق والثقافة النابعين من صلب الامة وعقيدتها الصحيحة لنسد بهما الفراغ الفكري والروحي المتسبب في العبث الذي طال الكثير من مكونات الامة، فالتخلف لا يعني فقط نقص التغذية والصحة وانعدام الاكتفاء الذاتي، بل يعني ايضا غياب هوية تميز شعبا ما عن غيره وذلك بثقافة وتاريخ بعيدين عن الشعوذة والمغالطات يرثها الاجيال، فكل شعب حفظ تاريخه استطاع فهم حاضره وعرف كيف يتنبأ لمستقبله.ومن الاجدر ايضا على اولي الامر ان يخوضوا معارك طاحنة ضد المحسوبية والرشوة اللتين صارتا اكثر الآفات ضررا بالاقتصاد وسببب تعطيل تقدم الجزائر، لأن مفهوم التقدم يعني قدرة الدول على مواكبة التطور الاقتصادي وتحقيق الرخاء الاجتماعي والانتعاش الثقافي بفضل استغلالها الحقيقي والعقلاني لمواردها الطبيعية والبشرية، وبالتالي لا مكان لدى اية دولة عاقلة وتنادي للحكم الرشيد لمثل هاته الآفات، كما من الضروري ان تكون المعركة ضد البطالة والتهميش والفقر ام المعارك لأن استفحالها ادى الى اليأس الذي فتح الباب للعنف التدميري... وعواقبه معروفة. [email protected]