تشهد الأزياء التقليدية الجزائرية ثورة نوعية في المدة الأخيرة، وأصبح المصممون يتنافسون في التفكير في قصات جديدة وإدخال أفكار مبتكرة.. القماش تمرد بمخمله وديباجه، وتضرج بالبروكار، رمز الترف الملكي، والسروال المشلوق سطع بألوان الميتاليك المضيئة، والبدرون لم يبق على حاله.. أما الإكسسوارات، فقّل زحامها على عنق العروس، فالعبرة ليست في من تختال بذهبها، ولكن في من تعطي لكل جوهرة قيمتها. إلى البدرون تهفو قلوب العذارى لا ندري كيف.. لكن البدرون تشبث بالحياة، وأعاد تجديد نفسه. فالبدرون البسيط أدخلت عليه تغييرات كثيرة تلائم تطور المرأة الجزائرية، فهو اليوم القطعة التي لا تتخلى عنها كل عاصمية، ولنقل كل جزائرية في تصديرتها.. وأضحت الموديلات بالدانتيل والأورجونزا، وتدعم البدرون بذيل من التول أو الساتان، وامتزج بالسروال المدور، وأضيفت إليه “كاب” من الكتفين… وأطلق المصممون العنان لخيالهم السارح في ما يخص التطريز من العدس والترتر. الكاراكو… قطعة من الجنة عن الكاراكو أتكلم، ذلك اللباس التركي الذي أخذ روحا جزائريا بسرواله المشلوق و”فيستته” المخملية المطروزة بخيوط الحرير، الذي شهد أكثر التغييرات جرأة على الإطلاق، فكاراكو الجدات لا يشبه كثيرا ما تطلبه العرائس هذه الأيام، اللواتي ثرن على الألوان التقليدية وأصبحن يرتدين تدرجات حديثة مثل الأزرق البترولي والبوردو والأحمر الملكي، حتى المجبوذ تغير، وأصبحت رسومه متأثرة بالطرز الفرنسي والهندي وغيرها، حتى إن إيلي صعب، المصمم العالمي اللبناني، استوحى مجموعته لعام 2018 من الكاراكو العاصمي، كما كان الفضل للكثير من المصممات الجزائريات في تسويق الكاراكو إلى العالم، مثل دار حفصة للأزياء، التي قدمت مجموعة رائعة بخيال أندلسي، وريم منايفي وفايزة عنتري بوزار وغيرهن.. الجبة القبائلية… روح جرجرة الشامخة بقيت الجبة القبائلية حبيسة التقاليد لمدة طويلة جدا، غير أنه الآن تحررت من كل القيود، وأضحت مطلبا شرعيا لكل البنات حتى من خارج منطقة القبائل، وهذا هو الجميل في الأمر، أن تلبس الجزائرية من كل ولاية من ولايات وطننا الحبيب. ورغم أن المصممين تشبثوا بالرسوم والتطريزات والزيڤزاڤ، إلا أن القصة تغيرت فدخلت عليها الكاب والذيل، وتأثرت أيضا بالقفطان المغربي والساري الهندي وبالجبة الشرقية.. من الجريئات من ارتدين الجبة القبائلية عارية الكتفين على شكل “بوستييه” والقصيرة أحيانا.. والبسيطات كان لديهن حظ وافر من هذا اللباس الأصيل، فتوحدت ألوان التطريزات لتصبح “مونوكروم” أي بلون واحد، ولم تفقد رغم ذلك هويتها الأمازيغية… أما عن الألوان، فسأحدثكم عن البيج والآزرق الأزوري والأصفر الكاناري وتدرجات الأخضر المائي والزمردي.. هي حقا ثورة على الأصفر والأبيض. النايلية تنادي السطايفية
هناك أزياء لا يمكنها أن تتغير كثيرا، وإلا تشوّه، مثل اللباس النايلي والجبة السطايفية والبلوزة الوهرانية.. لكن الموضة تسمح بكل الفانتيزي ماعدا ذلك، ولا عجب أن ترى في تصديرة عروس جبة سطايفي بلون معدني فاقع، أو بقماش غير عادي كالمخمل والبروكار، حتى التطريزات أراها نضجت وابتعدت عن الزحام والفوضى، لتصبح أكثر هدوءا وملاءمة في النهاية لستايل كل الجزائريات.. النايلي أيضا تحمل التغيير وليس نادرا أن ترى لباسا نايليا بقماش هندي وتطريز عاصمي، هذا المزيج بين كل الستايلات يوحد بطريقة ما الموضة التقليدية ويضفي عليها روحا عالمية. كل امرأة تتكلم الفرڤاني الجبة الفرڤاني والشدة التلمسانية من الأزياء الخاصة بقسنطينة وتلمسان، وعادة ما تكون مكلفة جدا ولا تستهوي أي عروس من خارج هاتين المنطقتين، لكن موضة تتقدم إلى الأمام، وما من شيء يوقف زمام الإبداع. الجبة القسنطينية، أضحت بسيطة بأنامل بعض المصممين، وخفت تطريزاتها، وحتى قصتها فقدت الجانب الفضفاض والثقيل، وراحت كل عروس تشترط أن تلائم هذه الجبة جسدها، بدل أن تختفي وراء عشرات الكيلوغرامات من التطريز، فالعروس هي نجمة الزفاف. ولا ضير في مزج الجبة الوهرانية بالمخمل والتطريز القسنطيني ولا ضير أيضا في أن تتنازل الشدة التلمسانية عن كبريائها لتلبسها البسيطات من عامة الناس.