حذر خبراء في الأرصاد الجوية في منتدى الشروق من إضطرابات جوية عنيفة ستشهدها الجزائر خلال الأسابيع القادمة، داعين السلطات الوصية إلى مباشرة عمليات تهيئة وتحسيس واسعة لتفادي الكوارث، في حين كشفت وزارة الداخلية عن خسارة 3000 مليار ووفاة 11 مواطنا جراء الاضطرابات الأخيرة. ومن جهتهم، انتقد خبراء في البناء والمخاطر الكبرى التوسع العمراني الكبير في الأودية ما يجعل مدنا بأكملها مهددة بالغرق في أي لحظة، وأكد ممثل الحماية المدنية أن أغلب الوفيات كانت لمواطنين غامروا بأنفسهم بدخول الأودية والأنفاق.. مسؤول مصلحة التنبؤات الجوية جمال كيتون: نلتزم بإرسال نشريات تحذيرية لجميع الهيئات الرسمية كشف مسؤول مصلحة التنبؤات الجوية بالديوان الوطني للأرصاد الجوية، كيتون جمال، خلال نزوله ضيفا على منتدى “الشروق”، عن اعتمادهم نشريات خاصة ودقيقة باستمرار خلال الفترة ما بين فصلي الشتاء والربيع وكذا فصلي الصيف والخريف، وهذه الفترة يحدث فيها اختلاف في درجات الحرارة، وبحكم قرب الجزائر من أوروبا المعروفة بمناخها البارد، ومنطقتنا ذات الهواء الساخن، فإن هناك خلايا رعدية تتشكل على مستوى منطقة الهضاب، لكن تبقى هذه التنبؤات لا تقدم معلومات دقيقة وكافية حول كمية الأمطار المتساقطة. وأوضح المتحدث بأن هذه الطريقة تم إتباعها بعد كارثة قسنطينة في سبتمبر 2018، وتم استعمال تقنية رادار للحصول على معلومات أدق. وأشار المتحدث بأن التنبؤات الجوية ليست علوما دقيقة، بل هي توقعات فقط، وأردف مسئول مصلحة التنبؤات هناك أنواع من الخلايا ضعيفة، متوسطة، قوية وعنيفة، ضاربا مثلا بالخلايا القوية التي شهدتها ولاية سكيكدة في الأيام الماضية، حيث بلغت كمية التساقط 148 ملمتر، وهناك خلايا تتشكل في البحر ويكون خطرها أكبر مقارنة بخلايا الهضاب، التي تسمح بتساقط الأمطار وتنتقل لجهة أخرى، بينما المتشكلة في البحر تكون مشبعة وتتساقط بكميات وفيرة. وذكر مسئول مصلحة التنبؤات الجوية عن إرسالهم نشريات تحذيرية تحتوي تفاصيل الأحوال الجوية لكل من وزارة الداخلية، وزارة الموارد المائية والولايات، لإطلاعها على الوضعية حتى تتحرك لأخذ كافة التدابير اللازمة. رئيس نادي المخاطر الكبرى عبد الكريم شلغوم: مدن ووزارات ومشاريع كبرى شيدت فوق الوديان استغرب رئيس نادي المخاطر الكبرى، عبد الكريم شلغوم، خلال منتدى “الشروق”، من جدوى القوانين التي تسنها الدولة الجزائرية ولا يتم تطبيقها على أرض الواقع، مثل ما حصل مع قانون المخاطر الكبرى الموجود منذ 2004، لكن الكوارث مازالت متواصلة على مدار 15 سنة. وواصل المتحدث قائلا: يمنع البناء على أطراف الوديان، لكن ما نلاحظه وجود مشاريع مرخصة من طرف الدولة لمرقين عقاريين داخلها مثل مشروع 4 آلاف سكن في الشراقة، وزارة الطاقة، سكنات عدل، أولاد فايت، المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، جزء من عين البنيان بالعاصنة، فجميع هذه المشاريع شيدت في مواقع خطرة كانت وديانا. وأبدى شلغوم حيرته من مدن تغرق في الأمطار، في الوقت الذي تكون فيه كمية التساقط 40 ملمتر أو 20 ملمترا وأحيانا أقل من ذلك، محملا المسؤولية للأشخاص الذين اختاروا هذه المواقع، وهو ما يستدعي وضع سياسة وقائية قي الصميم. استغرب غرق مدن في أمطار لم تتجاوز 05 ملم الشيخ فرحات: الجزائر مقبلة على اضطرابات عنيفة ومخيفة وصف الخبير في الأرصاد الجوية، الشيخ فرحات، ما تعيشه الجزائر بالمشكل العالمي، فالمناخ يتغير في العالم بأسره، حتى في مواسم الجفاف يكون كارثيا وليس في موسم الأمطار فقط، وهو ما يتضح جليا من خلال الأحداث التي شهدتها الجزائر، وكذا إسبانيا فقد فاقت نسبة التساقط 300 ملمتر، بينما كانوا يتوقعون 150 ملمتر وسجلت كوارث. وعاد فرحات للحديث عن توقعات الأرصاد الجوية، فهي حسبه ليست علوما دقيقة، ولا تكون مضبوطة في هذه الفترة من السنة. ويرى المتحدث أن المسؤولية مشتركة بين المواطن والمسئول، لذا لابد من تحضير المواطن الجزائري، وتقديم الثقافة اللازمة له حتى يكون جاهزا لمثل هذه المخاطر من خلال تنظيف البالوعات، ومنحه ثقافة بيئية، ففي الجزائر توجد حوالي 3000 إلى 3500 مفرغة عشوائية في الهواء. وقال الشيخ فرحات أن شهر سبتمبر هو فترة خطرة، وما زاد من خطورتها هذه السنة تشكل سحب في البحر المتوسط، وهي كانت عاملا رئيسيا في كارثة سكيكدة، معتبرا ما يحدث أمر طبيعي يتكرر كل سنة ويدفع المواطنين والجهات الرسمية إلى أخذ النشريات الخاصة بعين الاعتبار، مع الابتعاد عن سياسة “البريكولاج” والقيام بدراسات قبل الشروع في بناء العمارات والمنازل. وركز الخبير في الأرصاد الجوية على أهمية التحسيس وتجهيز المواطنين، من خلال تسخير كافة الإمكانيات والمساجد لتوعيتهم بخطورة الفيضانات وكيفية التعامل معها. المكلف بالإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية نسيم برناوي: أغلب الوفيات سجلت في الوديان والأنفاق أكد المكلف بالإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية، نسيم برناوي، تسجيل عدة خسائر وقتلى خلال الاضطرابات الجوية التي تشهدها البلاد منذ 21 يوما، وقد مست 24 ولاية منها 6 ولايات غربية وجنوبية غربية، 8 ولايات وسطى و8 ولايات شرقية. وقد تدخلت مصالح الحماية لإنقاذ أكثر من 100 مواطن كانوا عالقين في المياه الراكدة والسيول الجارفة، مع انتشال 11 جثة متوفيين في السيول، أول ضحية كان في ولاية قسنطينة وآخر ضحية تم انتشالها صبيحة أمس الثلاثاء في ولاية عين الدفلى، لراع كان يرعى الغنم وعبر الواد فجرفه. كما تم تسجيل حالة وفاة لفتاة ببئر مراد رايس في اليوم الموالي للفياضانات، و3 غرقى في بركة مائية بأم البواقي ومن بين العمليات الصعبة إنقاذ طفلين في مسلمون بتيبازة، وكانت الظروف صعبة جدة. واستطرد المكلف بالإعلام في الحماية المدنية موضحا حول أكبر عمليات التدخلات كانت من أجل امتصاص المياه من منازل المواطنين والمؤسسات العمومية، وكذا المدارس وإنقاذ الأشخاص المحسورين في الأودية والمنحدرات والمناطق المنخفضة. وحول مدى الجاهزية لمواجهة المخاطر الكبرى كشف برناوي عن عمل منجز منذ سنوات بحضور خبراء، واعتمادهم برنامجا وطنيا تكوينيا لأعوان الحماية المدنية، من خلال تمارين حول مدى الجاهزية وكيفية التصرف في هذه الكوارث وكيفية التنسيق وصعود المعلومة وطريقة تسييرها، وكذا تكوين للمواطنين في مجال مسعف لكل عائلة وتكوين خاص للمنتخبين المحليين، البلديات، الدوائر، الولايات. ويرى المتحدث أهمية كبيرة للجانب الوقائي في الميدان لمجابهة هذه المخاطر والعودة للحياة العادية بعد الكارثة منذ 2010، حيث كان هناك برنامج رسكلة وتكوين لأعوان الحماية المدنية بعد فياضانات باب الوادي، زلزال بومرداس، وفياضانات غرداية. وهناك تم تبادل الخبرات مع الأجانب والعمل. وقد نالت الحماية المدنية الشارة الدولية في مجال البحث في المناطق الحضرية. وأعلن برناوي عن انطلاق الحملة الوطنية للتوعية من الفياضانات اليوم الأربعاء 18 سبتمبر، للتحذير من خطر الفياضانات والسيول والأمطار ويتزامن هذا البرنامج، مع استمرار برنامج موسم الاصطياف حتى 30 سبتمبر، وحرائق الغابات المتواصلة حتى شهر أكتوبر، ليتم المباشرة في المخطط الاستعجالي الخاص بالفيضانات على مستوى النعامة وبشار، أي في الولايات الجنوبية وستشارك فيها عدة قطاعات حتى تحظى بصدى واسع، وسيكون فيها خبراء مع التركيز على العمل الجواري والمناطق المتضررة والمعزولة وتوعية التلاميذ في الأطوار الثلاثة والجامعيين، وسكان المناطق النائية والمداشر الذين يقطعون الأودية يوميا. وستكون الحملة في مواقع التواصل الاجتماعي للتحذير خصوصا أن جميع حالات الوفيات المسجلة تتشابه في المغامرة واللامبالاة والنسيان، وهو ما أدى إلى وفاة 11 شخصا في الوديان منهم طفل في بشار كان بصدد قطع الواد. وأردف برناوي بأن الخطر لا يقتصر على الأمطار فبعض المواطنين يحتمون بالجسور والأنفاق، ما يجعلهم عرضة للوفاة في حال انهيارها ناصحا المواطنين بمتابعة النشريات الخاصة عبر وسائل الإعلام، والالتزام بالحيطة في الطرقات والتنسيق مع المساجد أيام الجمعة وسائر الأسبوع، لتوعية المواطنين وتوجيههم لكيفية التصرف في هذه الظروف. ودعا المتحدث لتفادي ترك مخلفات البناء في الهواء الطلق وسط الأحياء، سواء كانت ورشات خاصة أو عمومية والتحرك لإصلاح البالوعات، وضرورة تفادي المغامرة في السيول الجارفة وتجنب الوديان وحوافها مع مرافقة الصغار وكبار السن. بوداود رئيس المجمع الوطني للمهندسين المعماريين: “الطوبوغرافيا” كارثية ومشاريع عمومية أنشئت في مناطق مهددة بالفيضانات تساءل عبد الحميد بوداود، رئيس المجمع الوطني للمهندسين المعماريين، عن سبب عدم الاهتمام بمختلف الفيضانات التي عرفتها وتعرفها الجزائر منذ الاستقلال، وعن سر التهاون في دراسة أسبابها وتكوين لجان لمناقشة كيفيات مواجهتها وتجنّبها مستقبلا واستخلاص الدروس منها. وانتقد الخبير في العمران الطوبوغرافيا الجزائرية غير السوية التي تعتبر كارثية وبحاجة استعجالية للمراجعة، موضحا أن العمران مغيب ومهمّش، فالجزائر الغنية بقوانينها الجيدة، عاجزة عن تطبيقها، مؤكدا أن القانون الوحيد المطبق في بلادنا هو قانون حزام الأمن. وحذر المختص من الانتشار الفظيع للبناءات في الأدودية وعلى ضفافها، خاصة وان الأمر امتد إلى انشاء مشاريع عمومية في أماكن مهددة بخطر الفيضانات، متسائلا عن المسؤولية وكيفية الخروج من الأزمة الحالية؟ وطالب بوداود بتوسيع مجالات نشر المعلومة الجوية على مستوى البلديات وتوفير الآليات والتجهيزات لتمكين المواطنين من بيئة نظيفة وسليمة. وتطرق المتحدث إلى معلومات رسمية صادرة عن وزارة الري والموارد المائية بالتعاون مع مكتب دراسات، مفادها وجود 609 موقع مهدد بخطر الفيضانات بعضها في الشرق وبعضها الآخر في الغرب، متسائلا عن السبب في عدم تبادل هذه المعلومات مع المختصين والمصالح التقنية والبلدية المعنية على الأقل من أجل مراجعتها ودراستها قبل منح رخص البناء. وطالب المتحدث بتوسيع الجهود قصد التعامل الجيد والناجع مع كميات الأمطار المتساقطة، فإذا كان هذا حالنا مع قطرات قليلة لما يعرف شعبيا ب”غسالة النوادر”، فكيف سيكون مصيرنا مع الأمطار الكبيرة والمستمرة التي يتوقعها المختصون في الأرصاد الجوية بسبب التقلبات الجوية. وتطرّق بوداود إلى دور البلديات في متابعة رخص البناء التي تمنحها ومدى مطابقتها لما يبنى على أارض الواقع مع تقديم المخططات العمرانية، وكذا دورها في تهيئة البالوعات والمجاري المائية ومجاري صرف مياه الأمطار، وكذا دور المواطن في التمتع بالحسّ الحضاري للحفاظ على البيئة. زكي حريز رئيس الفيدرالية الجزائرية للمستهلكين: السلطات في الجزائر لا تتحرك إلا بعد وقوع “الفأس على الرأس” أفاد زكي حريز رئيس الفيدرالية الجزائرية للمستهلكين، بأنّ السلطات في الجزائر لا تتحرك إلا عندما تقع “الفأس على الرأس” مؤكدا أن البنى التحتية غير مهيأة في الجزائر، كما أن قنوات صرف مياه الأمطار غائبة في كثير من الأحياء ببلادنا. ودعا حريز إلى ضرورة تطبيق مبدأ تغريم الملوث وإجباره على تسديد غرامات مالية جراء ما يسببه من تشويه وضرر للمحيط والبيئة. وانتقد ممثل المستهلكين “الصّراع بين التقني والمسؤول الذي يمرّر دوما رأيه وقراراته وإن تعارضت بشكل جلي وعلمي الذي يعد مشكلا عويصا في بلادنا”، وهي كما وصفها مصيبة حقيقية لم يتم حلها، فالمرور للردع والعقوبة بعد توفير الإمكانيات لا بد منه ودائما تعود المسؤولية للمسؤول الذي يجب ألا يتقاعس في تنفيذ القانون فالملوث الذي يفسد المحيط يجب أن يضرب بيد حديدية. ولا يكفي سنّ القوانين لوحدها دون تطبيقها وإلا فإن كل الجهود في إحداث لجان تحقيق وتحديد المسؤوليات إن بقيت مع سياسة اللاعقاب فلن تقدم شيئا في القضية. فالمسؤول لما يكون على علم ويقين بأنه سيتابع ويحاسب سيكون أكثر حرصا على إتقان عمله وتأدية مسؤولياته على أكمل وجه، وإلا فإنه سيكرر نفس الأخطاء في كل مرة. وطالب حريز بضرورة مراجعة المنظومة القانونية الجزائرية خاصة ما تعلق بالجماعات المحلية وتمكينها من كثير من صلاحياتها لمنح الفرصة أمام الأفاضل والنزهاء من أبناء الوطن وتفتح لهم الشهية للتقدم لتسيير بلدياتهم. وفي الأخير قدّم زكي حزير جملة من التوصيات أهمها تمكين المواطن من المعلومة التقنية وإطلاعه على خرائط المخاطر الكبرى للبلديات، بالإضافة إلى إعادة الصلاحيات للبلديات وتفعيل مبدأ الملوث مسدد على المستوى المؤسساتي والفردي وكذا مشاركة المجتمع المدني في كافة العمليات التحسيسية التي تنظم في هذا المجال. الطاهر مليزي المندوب الوطني للمخاطر الكبرى على مستوى وزارة الداخلية: حذرنا الأميار من الفيضانات ولا نملك خارطة للمخاطر أكّد طاهر مليزي المندوب الوطني للمخاطر الكبرى على مستوى وزارة الداخلية أنّ النشرية الخاصة للأرصاد الجوية التي تستقبلها الوزارة يتم إرسالها مباشرة إلى الولايات المعنية في مدة لا تتعدى 10 دقائق ويتم التعامل معها حسب حدّتها، حيث يتم إنشاء خلية رصد ويقظة بالولاية وبالدوائر إن استدعى الأمر، وبناء على ذلك يتم تحذير البلديات الموجودة في الإقليم التي تتابع مع القطاعات المشتركة تطورّات الوضع وتحضر لمواجهتها. وأوضح مليزي أنّ الأحداث الحادّة مشكل لا يقتصر على الجزائر فقط، بل تعاني منه مختلف دول العالم حتى في اليابان واسبانيا اللتان تعدان من الدول المتقدمة. وتطرّق ممثل وزارة الداخلية إلى عدم مطابقة تنبؤات نشريات الأرصاد الجوية لما يحدث في الواقع، حيث تكون أحيانا مخالفة لما تم التنبؤ به مثلما وقع في ولاية سكيكدة مؤخرا أين كانت التوقعات بتساقط 40 ملم، بينما في الحقيقة النسبة فاقت 140 ملم. ويضيف “وفي هذا الوضع مهما كانت التحضيرات والاستعدادات فإنه يصعب مواجهة هذه الكميات الهائلة وما تخلفه من تبعات”. وأكد المتحدث وجود بعض التأخرات في حال غياب النشريات الخاصة إلى غاية حضور المصالح المختصة بعمليات الإنقاذ. وأشار مليزي إلى المرسوم الصادر في شهر فيفري الذي يلزم بتقديم تقرير عقب كل حادث خطير يحدد فيه المسؤوليات وهو حاليا قيد التطبيق، وإذا كان يحتاج إلى تحسين أو تعديل فسيتم ذلك. وأكّد مليزي أنّ المخاطر الكبرى ليست مسؤولية وزارة الداخلية لوحدها وإنّما تشترك معها قطاعات أخرى على غرار الموارد المائية والبيئة والحماية المدنية وغيرهم من الخبراء. وكشف مليزي أن وزارة الداخلية سجلت 77 حادثا مهما للفيضانات في 2018 توفي على إثرها 25 شخصا منهم 20 عند اجتياز الوديان الحاملة، وهو ما يستوجب حسبه عملا توعويا اكبر مما يجري حاليا بالشراكة مع الحماية المدنية وبقية القطاعات. وبالنسبة للسنة الجارية 2019 فقد مست الفيضانات 21 ولاية، فقد الحياة على إثرها 14 شخصا. وتخلف هذه الفيضانات والحوادث الكبرى سنويا حصيلة مالية ثقيلة فاقت خلال السنة الجارية وإلى غاية الآن ما يناهز 30 مليار دج تضاف إلى 53 مليار دج في سنة 2018 المنصرمة. وذكّر مليزي بالندوة الوطنية ليومين نظمت لأوّل مرة شهر أكتوبر الماضي، التقى فيها الخبراء بالمسؤولين وقدموا محاضراتهم ومداخلاتهم لتقريب وجهات النظر للمسؤولين من قبل الخبراء والتقنيين. ولتجسيد توصيات الندوة تم تنصيب لجنة مشتركة قطاعية ومنها انجاز خرائط ولائية وانجاز مختلف الخرائط التي نحتاجها، كون الجزائر لا تمتلك خارطة وطنية الى غاية الآن ويتم العمل حاليا بخرائط قطاعية. ولم ينكر مليزي مسألة البناء في الوديان واستشهد في ذلك بجانت التي منها 16 منزلا مبنية في الواد واتخاذ قرار إعادة إسكانهم مع اتخاذ قرار آخر بإعادة اسكان كل العائلات المهددة وتقديم منح وإعانات لبناء سكنات جديدة إضافة إلى انجاز خارطة لكل الأخطار المهددة لولاية ايليزي وستعمم على جميع الولايات المحددة حسب الأهمية ودرجة الخطورة لتشمل كافة ولايات الوطن ووضعها تحت تصرف الولاة والأميار للتعامل والتدخل وفقها. وكشف مليزي في السياق ذاته، عن انطلاق عملية تحيين إستراتيجية الوطنية للأخطار الموجودة 04-20 التي لم تراجع منذ 15 عاما مضت، علما ان المخاطر تزايدت وتغيرت منذ ذلك التاريخ ونظمت خلال ذلك العديد من الندوات الدولية التي أسفرت عن توصيات وأهداف واولويات يجب تجسيدها قبيل حلول 2030. واستطرد المتدخل ان البلديات اول المتضررين والمتدخل في حال حدوث الكوارث، لذا لا بد من استراتيجيات لكل بلدية. ودعا ممثل وزارة الداخلية إلى تحديث وعصرنة نظام الإنذار، خاصة مع ارتفاع حدة الحوادث وتسلسلها، مشيرا إلى أن البنية التحتية التي قامت بها وزارة الموارد المائية كلّفت 330 مليار دج، 500 مدينة تمر عليها الوديان وتمتلك تجهيزا واقيا وصرفا لمياه الأمطار وهذه الأنظمة انطلقت عام 2000. ومن بين أهم التوصيات التي نادى بها مليزي هي معرفة المخاطر الكبرى في بلادنا وإحصائها بشكل دقيق بالإضافة إلى تحسين الحكامة وتحديد المسؤوليات لمعرفة التقصير والتنسيق الحقيقي وتوعية المواطن بصفة علمية من خلال تدريس جدي للمخاطر في المؤسسات التربوية، وفي الأخير الاستثمار للحد من المخاطر كيف نبني ونراقب، وكيف نحضر للكارثة حتى المواطنين وأخذ الدروس والتقنيات الواجبة والجيدة للإنقاذ. ودعا إلى أخذ الدروس من الأحداث السابقة للجزائر سواء الزلازل أو الفيضانات.