في ظلّ العدد الكبير من الراغبين في الترشح لرئاسيات 12 ديسمبر، وبعد اجتياز امتحان جمع التوقيعات، ورغم اشتراط حيازة المترشح على شهادة جامعية على غير المعتاد، فهل ستنجو رئاسيات 2019 من طابع التهريج الذي يفرضه غالبا بعض المترشحين، فتتحوّل حملاتهم الانتخابية إلى مسرحيّات كوميدية على الهواء الطلق!؟ سيجد المترشحون الناجون من مقصلة التوقيعات، أنفسهم أمام مهمة صعبة، لإقناع الناخبين بالتصويت لهم، لأنهم سيواجهون شباب الحراك ومعظمهم بين سن المراهقة و30 سنة، والذين يمتلكون مستوى معين من التفكير تتحكم فيه “الرقمية” ويرفض كل من يمثل النظام السابق، كما سيجد المترشح نفسه مجبرا على القيام بحملة انتخابية “نوعية” وذات مستوى، في ظل انعدام فرص التزوير حسب تطمينات سلطة شرفي. مطمئنون بغياب “مرشحين مهرجين” وفي هذا الصدد، يعتقد المنتج والإعلامي والمترشح للرئاسيات، سليمان بخليلي في تصريح ل”الشروق”، بأن اشتراط الشهادة الجامعية، ووجود ضمانات للنزاهة، يعتبران “عنصرين جديدين، وأتوقع تأطير العملية الانتخابية بطريقة عصرية، تضمن قدرا أكبر من النزاهة والموضوعية والجدية”. كما يعتقد محدثنا، بأن اشتراط شهادة جامعية “سيحول دون تسرب بعض الأسماء التي لا يمكن لها أن تقدم شيئا للعملية الانتخابية، بل ستكون عامل عرقلة لها من خلال تقديمها بوجه مرشح مهرج”. وبالتالي فالحملة الانتخابية المقبلة، حسب بخليلي، ستكون أكثر جدّية وأكثر تركيزا على أهم القضايا، التي ينتظر المواطن أن يعالجها المترشحون. وهذا ما سيركز عليه المتحدث في حملته الانتخابية، حيث قال “سنعالج الجانب الانساني في حياة الجزائريين، وصولا إلى معالجة قضايا اقتصادية، والتي تشكل العبء الأكبر على عاتق المترشحين”. غياب واضح للبرامج السياسية من جهته، يرى المحلل السياسي، سليم قلالة في اتصال مع “الشروق”، أن بعض المترشحين ليس لديهم برامج سياسية واقتصادية، بسبب ترشحهم السريع، وبالتالي فخطاب حملتهم “سيكون حول قضايا عامة ولن يذهب في التفاصيل”. وما يخشاه قلالة “هو غياب برامج ناضجة، في ظل وجود صراعات بين توجهات فكرية واقتصادية واجتماعية، وبالتالي نخشى أن يتحول خطاب الحملة، الى صراعات بين أشخاص، وبحث في الخصوصيات والمحيط”. وحسب مُحدثنا، في حال تمكن المترشحون، من جمع العدد الكافي من الاستمارات، وكانوا مؤهلين، فأتمنى أن يتحلىّ المترشحون بميثاق أخلاقي لرفع مستوى النقاش، وأضاف “كما أتمنى أن يبتعدوا عن شخصنة خطاباتهم، حتى ولو اقتضى الأمر أن توجه لهم السلطة المستقلة تعليمات شفوية بذلك” على حد تعبيره. ويتوقع أستاذ العلوم السياسية، أن يركز المترشحون حملتهم، على الخطاب العام، بعيدا عن الجوهر والنقاش التقني. القانون بالمرصاد لمخالفي أخلاقيات الحملة إلى ذلك، يرى الخبير في القانون الدستوري، رشيد لوراري ل”الشروق”، بأنه على المترشحين التقيد ببرنامجهم الانتخابي، سواء كان هذا البرنامج برنامجا حزبيا بالنسبة المترشحين باسم الأحزاب السياسية أو برنامجا لمترشح حر،حيث قال “يجب التأكيد على احترام هؤلاء المترشحين في برامجهم، لأحكام الدستور المختلفة”. ويتوقع لوراري، انطلاقا من التغييرات التي عرفتها العملية الانتخابية بالنسبة للانتخابات الرئاسية، وما تعلق منها بإنشاء السلطة الوطنية المستقلة، والتغييرات التي عرفها القانون العضوي للانتخابات، بأن يكون الخطاب الانتخابي هذه المرة “مرتفع المستوى، خاصة من حيث الطرح والمعالجة الموضوعية، بالنسبة لمختلف القضايا المطروحة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية”. كما يتوقع محدثنا “أن يتحلى خطاب هؤلاء، بالحدّ الأدنى من أخلاقيات الممارسة السياسية، وأن يرتفع مستوى الطرح إلى ما تصبو اليه الجماهير الشعبية، أي إحداث التغييرات المعبر عنها خاصة من قبل الحراك الوطني”. أما في حال تسجيل تجاوزات، من قبل بعض المترشحين، سواء تعلق الأمر ببعض الرموز والثوابت الوطنية، أو الطعن في أخلاق وحياة بعض المترشحين، فيعتبر لوراري “بأن القانون، ومن خلال ما يتضمنه من ضوابط ردعية، يمكن تفعيله في هذه الحالة، وأن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، ستتصدى لهذه السلوكيات المنافية للقوانين ولأخلاقيات الممارسة السياسية”. وحسبه، يكون التصدي من هذه الهيئة، بناء على إخطار من قبل الشخص أو الهيئة المتضررة، أو حتى تتحرك السلطة الوطنية من تلقاء نفسها “باعتبارها المخولة قانونا لضمان إجراء حملة انتخابية نظيفة وشفافة، وفي كنف من الاحترام للدستور والقانون”.