تسارعت الأحداث منذ مصادقة مجلس الوزراء على قرار ترقية تقرت من مقاطعة إدارية منتدبة إلى ولاية كاملة الصلاحيات رفقة 10 ولايات أخرى، حيث قدم عدد من أعضاء الولاية بمجلس الأمة ونواب المجلس الشعبي الوطني مقترحات وتحركات مكثفة لدى السلطات المركزية لتسجيل مشاريع إضافية إلى الولاية الجديدة تقرت باعتبارها نموندجية مقارنة مع بقية الولايات الجديدة. ورغم أن قرار ترقية تقرت إلى ولاية كاملة الصلاحيات جاء متأخرا عشية الرئاسيات وبعد سنوات من الوعود والانتظار حسب سكان الولاية الجديدة التي تضم 11 بلدية، إلاّ أنهم ثمّنوا هذا القرار التاريخي الذي سيقرب الإدارة أكثر من المواطن الذي عانى لعقود من الزمن بقطع مسافة طويلة للوصول إلى الولاية الأم ورقلة من أجل إستخراج وثيقة من مختلف الإدارات الولائية. ويضطر للتنقل ذهابا وايابا بشكل شبه يومي لقضاء مصالحه، كما ثمّن المواطنون الذين احتفلوا بقرار الترقية بساحة الحرية بقلب المدينة ثمّنوا المساعي الجادة والحثيثة لنواب الولاية بمجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني للظفر بمنشآت وهياكل هامة للمنطقة، من خلال تكثيف مساعيهم لدى السلطات العليا بالتزامن مع تسلم رئيس الجمهورية الجديد عبد المجيد تبون مقاليد الحكم وتقديم لقتراحاتهم وإقناعهم بضرورة استحداث مرافق هامة. وحسب عضو مجلس الأمة عبد القادر جديع في حديثه ل”الشروق” فقد تقدم رفقة زملائه بالغرفة العليا للبرلمان بوقفة عبد العزيز ومحمد بن طبة وبعض النواب بالمجلس الشعبي الوطني بجملة من المطالب المستعجلة للولاية الجديدة تقرت من بينها إنشاء مركز جامعي يتسع لأكثر من 10 آلاف طالب، بما أن طلبة بلديات الولاية الجديدة تقرت الذين يدرسون في مختلف جامعات الوطن يفوق عددهم 8 آلاف طالب وأكثر من 300 أستاذ جامعي، بالإضافة إلى ترقية مطار سيدي مهدي بتقرت إلى مصاف المطارات الدولية وتنويع ومضاعفة رحلاته لتشجيع السياحة والتجارة. وتم رفع مطلب اعادة الاعتبار للإذاعة الجهوية بتقرت التي تعتبر أول إذاعة بالجنوب الجزائري خلال الحقبة الإستعمارية، خاصة أن الإعلام شريك في التنمية خصوصا الإعلام الجواري منه، بما أن تقرت تعج بالعديد من النشاطات والملتقيات والانشغالات والتظاهرات بشكل شبه يومي وتحتاج إلى مرافقة إعلامية أكبر، خاصة وأن الكفاءات الإعلامية متوفرة بالمنطقة. ويأتي هذا المطلب تماشيا مع القرارات الجريئة للدولة ووزارة الاتصال بفتح فروع تابعة للتلفزيون الجزائري بالعديد من مناطق الوطن لاسيما الجنوب، لاسيما أنه يوجد حاليا بتقرت فرع إذاعي به أستوديو تابع لإذاعة ورقلة الجهوية، لكنه غير مجهز لعدم موافقة المدير العام السابق للإذاعة الوطنية على فتحه بسبب أزمة التقشف سنة 2017. وتم رفع مطلب ضمّ كل من دائرتي الحجيرة والبرمة إلى تقرت لعوامل اقتصادية وصادق عليه البرلمان بغرفتيه في إطار التقسيم الإقليمي الجديد، بالإضافة إلى رفع مطلب فتح الطريق الرابط بين دائرة البرمة وتقرت على مسافة 240 كلم مرورا ببلدية بن ناصر بدائرة الطيبات، وأيضا فتح المعبر الحدودي بين البرمة والجارة تونس والذي يحتاج لموافقة السلطات العليا للبلاد فقط بالنظر لأهميته لسكان الدائرة الحدودية البرمة لفك العزلة عنها وتنشيط التجارة. وتجدر الإشارة أن ولاية تقرت من دون احتساب دائرتي الحجيرة والبرمة وحسب الإحصائيات الحديثة لسنة 2019 تضم 11 بلدية و4 دوائر بمساحة 1.742.500 هكتار، ويبلغ عدد سكانها 315246 نسمة بنسبة 44.9 بالمائة من التعداد الاجمالي لولاية ورقلة بأكملها، حسب الإحصائيات الأخيرة لسنة 2019 التي أشار إليها الدكتور بجامعة ورقلة حود ميسة إلياس. ويتمركز أغلب السكان في دائرة تقرت، حيث تتصدر بلدية النزلة عدد السكان ب66974 نسمة تليها بلدية تقرت ب50228 نسمة، كما تحوز تقرت بمختلف دوائرها على منشآت هامة في مختلف القطاعات. ويتوفر قطاع التربية على أكبر نسبة من الهياكل، إذ يبلغ عدد المدارس الإبتدائية 150 إبتدائية ومدرسة خاصة واحدة من أصل 314 ابتدائية على مستوى ولاية ورقلة بالإضافة إلى 51 متوسطة من بين 113 متوسطة على مستوى ولاية ورقلة و21 ثانوية من أصل 49 ثانوية على مستوى ولاية ورقلة. وفي قطاع التكوين المهني، فتتوفر الولاية الجديدة تقرت على 8 مراكز للتكوين المهني ومعهدين متخصصين، كما تتوفر على هياكل محورية هامة في قطاع النقل لا تتواجد حتى في ولايات كبرى بتوفرها على مطار ومحطة للنقل بالسكك الحديدية لنقل المسافرين باتجاه العاصمة وقسنطينة بالإضافة إلى نقل العتاد والسلع والمواد البترولية باعتبار أن الموقع الاستراتيجي لتقرت أهّلها لأن تكون نقطة عبور وتواصل بين شمال وجنوب الوطن، كما أن محطة نقل المسافرين التي ستدخل حيّز الخدمة تتوفر على كافة الخطوط باتجاه جلّ ولايات ومناطق الوطن، كما أن الموقع الإستراتيجي الذي يربطها بأربع ولايات وهي ولاية ورقلة والمغير والجلفة والوادي، وكذا القطب البترولي حاسي مسعود جعل من تقرت منطقة عبور بين شرق ووسط وجنوب البلاد ومحطة تبادل ومبادلات هامة في النقل البري والجوّي. وفي مجال التجارة والاستثمار، فتعج ولاية تقرت بالهياكل الاستثمارية التي تمول ولايات الوطن كمصانع الآجر والبلاط والإسمنت والمعادن والمطاحن والصناعات الغذائية والزراعية ومواد التنظيف والأفرشة والمعادن والعجائن. وفي قطاع السياحة عرف هذا الأخير خلال السنوات الاخيرة انتعاشا من خلال المناطق السياحية أو الفنادق التي بدأ الخواص الاستثمار فيها، اما القطاع الفلاحي فيتوفر على 725194 هكتار، مستغل منها 17319 هكتار ومن هذه المساحة 16385 مساحة مسقية، وتبلغ مساحة الرعي 219374 هكتار، حيث تتميز تقرت على غرار مناطق الواحات بشعبة النخيل، حيث تم إحصاء 1321898 نخلة بمساحة 113776.69 هكتار، إذ بلغ إنتاج الموسم الفلاحي الماضي 848174 قنطار من التمور. وأما قطاع الشباب والرياضة يشهد كعادته حيوية وحركية كبيرة بمختلف المؤسسات الشبانية والرياضية المنتشرة، أما في قطاع الصحة فيترقب السكان بفارغ الصبر موعد دخول حيّز الخدمة لمستشفى 240 سرير بتقرت الذي وصلت نسبة إنجازه 87 بالمائة والذي يعرف تأخرا كبيرا بالإضافة إلى مستشفى تماسين الذي من شأنه تحسين الخدمات الصحية. وتظل النقطة السوداء التي سترثها الولاية الجديدة في قطاعات الشغل والسكن بالنظر لنسبة البطالة المتزايدة وحساسيتها بالمنطقة بالإضافة إلى أزمة السكن التي وصل فيها الطلب لأعداد كثيرة تفوق العرض، كما أن أزمة المياه الصالحة للشرب او الاستعمال تعتبر من بين المشاكل التي تؤرق يوميات المواطن المحلي بالعديد من الأحياء وخاصة وسط المدينة، كما أصبح من الضروري تدعيم المنطقة بالتعداد الأمني البشري الكافي ومضاعفة الهياكل الشرطية.