نقلت جريدة "الحياة" اللندنية، في عددها الصادر أمس، إستنادا إلى مصدر ديبلوماسي عربي في العاصمة الفرنسية باريس، بأن "المغرب منزعج من تخصيص الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، أول زيارة له خارج أوروبا للجزائر، بإعتباره قطيعة مع تقليد إتبعه الرؤساء الفرنسيون الذين كانوا يخصون الرباط بمثل هذه الزيارة". ونقل عن المغرب، أن تعزيز العلاقات بين باريس والجزائر "ينبغي أن لا يكون على حساب العلاقات مع الرباط"، داعيا إلى "العمل على تحسين الأولى من دون المساس بالثانية". وكان نيكولا ساركوزي زار الجزائر وتونس، في العاشر من شهر جويلية الجاري، ولم تشمل جولته زيارة المغرب، الذي قال بأنه "يفضل أن تكون الزيارة الأولى للرئيس الجديد زيارة دولة"، مركزا على أن بدء الرئيس الفرنسي زيارته بالجزائر يعكس "إهتمام فرنسا بعلاقاتها مع هذا البلد". وسجل نفس المصدر بأن الرئيس الفرنسي "تعمّد زيارة الجزائر أولا، لتمييز نفسه عن سلفه جاك شيراك، ولتعزيز فرص نجاحه في ملف العلاقات الجزائرية - الفرنسية وتحسين العلاقات، وهو ما فشل فيه الرؤساء السابقون"، مشيرا إلى أن "هذا التطور على صلة أيضا بشخصية ساركوزي، الذي يريد ترك إسمه في التاريخ، من خلال لعب دور كبير على صعيد العلاقات مع الجزائر". ونقلت "الحياة" عن ذات المصدر، قوله أن "هذا التطور يؤكد أن ساركوزي يحب التوجه أولا إلى حيث توجد المشكلة ليتعامل معها مباشرة، وهذا ما بدا بوضوح من خلال تعامله مع مشكلة إدارة مجموعة الطيران والدفاع الأوروبية وعلاقته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتناوله لموضوع لبنان". غير أنه أكد أن "المغرب منزعج من رغبة ساركوزي في مواجهة المشاكل على حساب العلاقة الفرنسية - المغربية التي لا تسودها مشكلة"، لكنه إعتبر أن "الأهم من ذلك كله أن السياسة الفرنسية حيال المغرب في ما يخص قضية الصحراء الغربية، لم تتغير"، مشددا على وجود "إلتزام فرنسي بتأييد السيادة المغربية على الصحراء". وذكر بأن الجزائر التي تؤيد طلب جبهة البوليزاريو، إجراء إستفتاء لتقرير مصير الصحراء الغربية "ما زالت تطالب فرنسا بتغيير موقفها من الصحراء لتحسين العلاقات الثنائية، وبالتالي فلن يكون من السهل على ساركوزي أن يحسن العلاقات الفرنسية - الجزائرية، لأن تلبية هذا الطلب ستكون صعبة جدا"، مضيفا بأن "المغرب كان بإستمرار حليفا إستراتيجيا لفرنسا على الصعيد الدولي، وفي عمليات حفظ السلام في العالم". وقالت "الحياة" بأن أوساط ديبلوماسية غربية، كانت رجحت أن يكون إختلاف وجهات النظر بين الرباط وباريس بشأن الصحراء الغربية، "سببا لعدم توقف ساركوزي في المحطة المغربية"، لكن المصدر العربي قال في تصريحه ل "الحياة"، إن إلغاء زيارة الرئيس الفرنسي للمملكة المغربية، "سببه رغبة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في أن تدرج الزيارة الأولى لساركوزي ضمن إطار لائق بالعلاقات بين البلدين"، مشددا على أن "العلاقة بين باريس والرباط لم تتغير في المضمون، ومردها ليس إلى علاقة شيراك بالعاهل المغربي، بل إلى مصالح فرنسا الإستراتيجية في المغرب". وأدى الرئيس الفرنسي في العاشر جويلية الماضي، زيارة إللاى الجزائر إستمرت بضع ساعات، أعلن خلالها عن زيارة دولة سيقوم بها مجددا للجزائر في نوفمبر القادم، وقال ساركوزي "نقل إلي الرئيس بوتفليقة عزم الجزائر على التحضير لمرحلة ما بعد المحروقات ورغبتها في أن تعتبر شريكا إقتصاديا لفرنسا"، مؤكدا "عزم فرنسا على التعاون مع الجزائر في مجال الطاقة" وتحديدا الغاز والطاقة النووية، وجدد "ساركو" خلال ندوة صحافية مشتركة مع بوتفليقة، رفض باريس الإعتذار عن الجرائم الإستعمارية وكذا "الإعتراف بالذنب"، مشيرا إلى أنه لا ينتمي إلى جيل حرب الجزائر، وقال "لم آت إلى هنا لأجرح مشاعر أي كان ولا لأعتذر"، مضيفا "عرف الجزائريون الكثير من المعاناة، وأنا أحترم هذه المعاناة، لكن هناك أيضا الكثير من المعاناة من الطرف الآخر ويجب إحترامها..هذا هو التاريخ، هذا هو الماضي، والآن دعونا نبني المستقبل". جمال لعلامي:[email protected]