يتعامل سائقو الحافلات وسيارات الأجرة هذه الأيام، بمنطق الممثل يحي بن مبروك في الفيلم الجزائري الكوميدي "الطاكسي المخفي"، الذي حتمت عليه ظروفه الاجتماعية التحايل على القانون، لكن تحايل هؤلاء ليس فقط على القانون بل على إجراءات وقائية من شأنها نقل عدوى "كوفيد 19" إلى عائلاتهم وزبائنهم !.. "نموتوا بكورونا وما نخليوش أولادنا يجوعوا"، هذه هي حجة أصحاب "الطاكسي" وحافلات النقل هذه الأيام بعد عودة العديد من النشاطات إلى الحياة الطبيعية. لا ارتداء للكمامة، ولا توفير للمحلول الكحولي، والبلاستيك الذي تغطى به المقاعد ممزق ومغبر، هي حالة بعض سيارات الأجرة التي تتجول في شوارع العاصمة وتنقل الزبائن من مكان إلى آخر، ومع تزايد الطلب على "الطاكسي" بعد فتح الشواطئ والمنتزهات، وجد هؤلاء السائقين فرصة للربح وتعويض خسارة الحجر المنزلي، فبين الأزقة والشوارع الضيقة والبعيدة عن أعين مصالح الأمن، يقبلون حتى أربعة ركاب، وفيهم من لا يرتدي الكمامة. ودخلت فوضى النقل في محطات نقل المسافرين للحافلات، على الخط، فحسب استطلاع قامت به "الشروق"، في كل من محطات نقل المسافرين في القبة وباش جراح والحراش وبن عكنون، أين وقفنا على التدافع والاحتكاك بين الزبائن، وعدم ارتداء الكمامة حتى لدى قابض الحافلة أو سائقها، أين خالفت أغلب السلوكات الشروط الموضوعة من طرف السلطات لنشاط أصحاب هذه الحافلات. "وين راهي هذه كورنا"، و" لو طبقنا الإجراءات ما نعيشوش"، هذا ما قاله سائق حافلة نقل المسافرين بالقبة، عندما سألناه عن عدم منع أحد الركاب من الصعود رغم انه لا يرتدي الكمامة. ويتحجج سائقي سيارات الأجرة وكذا أصحاب حافلات نقل المسافرين، عند اختراقهم لشروط النقل المفروضة عليهم في ظل انتشار وباء كورونا المستجد، بان المواطن هو الذي يحمي نفسه ومسؤول عن التسبب في هذه الخروقات. مايقوم به الناقلون مغامرة بحياتهم وحياة الآخرين وفي السياق، قال آيت ابراهيم الحسين، سائق "طاكسي"، والرئيس السابق، لاتحادية سائقي سيارات الأجرة، أن ما يقوم به أصحاب هذا النشاط هو مغامرة بمعنى الكلمة داعيا مصالح المراقبة للقيام بدورها، وقال إن المسألة ليست تطبيق للقانون ولكنها قضية وعي وضمير.. ومن جهته، أكد عبد القادر بوشريط، رئيس الاتحادية الوطنية للناقلين الخواص، أن الشروط التي فرضت على أصحاب الحافلات، للوقاية من انتشار فيروس كورونا تعجيزية، ولم يستطيع تحملها هؤلاء، مضيفا أنه ضد فكرة التعامل مع نصف عدد الركاب أي بنسبة 50 بالمائة، حيث يعيش هؤلاء الناقلين حالة اجتماعية يرثى لها، وخاصة أن الحجر المنزلي تسبب في إفلاسهم وفقرهم. وحمل بوشريط المسافرين مسؤولية الوقاية، معتبرا أن صاحب الحافلة ينشط ليقتات وليس شرطيا يفرض الإجراءات على المواطن، وأن المسافر هو من يحمي نفسه بارتداء الكمامة، ووضع السائل الكحولي. وتأسف محدثنا من الوضع المزري لهؤلاء الناقلين قائلا: " الله غالب، نموتوا بكورونا ولا نترك أولادنا يموتون جوعا"، مضيفا: "لو منحت أجرة شهرية للسائقي سيارات الأجرة والحافلات، لتفادوا العودة إلى العمل، وفضلوا البقاء في البيت حتى لا ينقلوا العدوى لعائلاتهم". ويرى عبد القادر بوشريط، أن تغيير ذهنيات المواطن وتعويده على شروط النظافة أهم من فرض القوانين والإجراءات، لأن عقلية الجزائريين حسبه صعبة.