يعرف مشروع الطريق السيار الرابط بين العلمة بولاية سطيف وجن جن بولاية جيجل، استئنافا محتشما للأشغال التي تأخرت لأكثر من أربع سنوات، ليعود الحديث عن هذا المشروع العملاق الذي يكتسي أهمية اقتصادية واجتماعية وسياحية. هذا المشروع الذي يربط مدينة العلمة بميناء جن جن بولاية جيجل على مسافة 110 كلم، منها شطر يبدأ من العلمة استلمه مجمع حداد للأشغال العمومية والري والبناء، يمتد على مسافة 62 كلم، انطلقت به الأشغال سنة 2014 وكان من المفروض أن يسلم سنة 2016، لكن بالنظر للوضع العام للبلاد في تلك الفترة أخر، وكانت الأشغال تسير بسرعة الحلزون، ولم تدرك بعد 6 سنوات كاملة سوى 17 بالمائة، وفي كل مرة كانت الشركة المعنية تستفيد من تمديد الآجال وتغيير لموعد الاستلام، إلى أن أضحى المشروع حلما صعب المنال. وانعكس ذلك على باقي الشركات المشاركة في العملية التي تعطلت هي الأخرى ووصلت الوتيرة إلى حد الصفر، فتوقفت الأشغال بصفة نهائية، منذ قرابة سنة. وبدل أن يفتح المسار عبر الجبال اصطدم المشروع بجبل التماطل وسوء التدبير. وهناك أجانب من إيطاليا وتركيا دخلوا في العملية عن طريق المناولة، لكن بعد تعفن الوضع غادروا الموقع. وبعد أن تغير وضع البلاد ومع محاسبة رجال الأعمال الضالعين في قضايا فساد، وإناطة تسيير شركة حداد بإداري عينته الدولة، بدأ المشروع يتنفس من جديد إثر الشروع في تسوية الوضعية المالية للشركات المشاركة في العملية، لتعود محركات الآليات إلى العمل من جديد، وهي عودة محتشمة بالنظر لوتيرة الأشغال وغياب بعض الشركات المعنية بالمشروع، ويتعلق الأمر خاصة بالإيطاليين والأتراك، الذين لم يدخلوا بعد إلى البلد بالشكل المنتظر، حيث وصل ممثلون عنهم كحالات خاصة، ومازالوا يخضعون للحجر الصحي قبل تنقلهم إلى الموقع في انتظار أن يلحق بهم باقي العمال الأجانب. "الاستئناف كان محتشما لكننا متفائلون!" وفي تصريح ل"الشروق"، يقول السيد رشيق بلعدوي، رئيس المشروع بولايتي سطيف وميلة: "إن الاستئناف كان فعلا محتشما، لكن نحن متفائلون بتحسن الوتيرة، خاصة بعد تسوية الوضعية المالية للشركات المعنية، والمشروع سيسير في أحسن الظروف، مع العلم أن المسار بولاية سطيف به مناطق صعبة للغاية، خاصة ببلدية الدهامشة، أين يوجد شطر طوله 13 كلم، يتطلب 13 منشأة فنية كبيرة لتجاوز الوديان والمشاتي ومختلف العقبات. وإذا كانت الأشغال توشك أن تنتهي على مسافة 17 كلم ابتداء من مدينة العلمة، فهناك صعوبات أيضا ببلدية بني عزيز، بالنظر لنوعية الأرضية المهددة بالانزلاق، التي تتطلب عناية خاصة. وأما منطقة عين السبت، فهي تتميز بجبالها وغاباتها، الأمر تطلب دراسة جديدة، تركزت على بناء جسور، عوضا عن شق المسار على الأرض. وهي الدراسة التي اقتربت من نهايتها، وبعدها سنشرع في الأشغال في هذا الشطر". ورغم تفاؤل المشرفين على المشروع، إلا أن المتتبعين يؤكدون على صعوبة المهمة في هذه الظروف، خاصة مع غياب الأجانب، الذين لم يتمكنوا من الدخول، بسبب الوباء، ما يعني أن العملية في حاجة إلى تدخل صارم، لتسريع وتيرة العمل وتذليل العقبات. يذكر أن هذا المشروع العملاق تقدر تكلفته ب 17 ألف مليار سنتيم، وهو أحد أهم المشاريع على المستوى الوطني، ويكتسي أهمية كبيرة، لأنه يربط ميناء جن جن بالطريق السيار، شرق غرب، ويشكل عصبا حيويا من شأنه أن يعطي دفعا كبيرا للحركة الاقتصادية، في هذه الجهة، مع استغلال أفضل لميناء جن جن، وسيسمح بتحريك عجلة الاستيراد والتصدير، كما سيقدم خدمات كبيرة لمصنع الإسمنت، بعين الكبيرة، الذي سيشرع في تصدير هذه المادة. وللمشروع آثار إيجابية على السياحة بولاية جيجل. فالتوقيت الحالي لقطع المسافة بين هذه الولاية وسطيف يصل إلى أربع ساعات، وبعد تجسيد المشروع، يمكن أن يختصر الزمن إلى ساعة واحدة، كما سيتم ربط هذا الطريق بالولايات الجنوبية، ولذلك فهو يعد حلما كبيرا لكل الجزائريين.