تتوالى الانتقادات الموجهة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من قبل السياسيين الجزائريين، في أعقاب التصريحات الأخيرة التي أدلى بها في حواره لمجلة "جون أفريك"، وجاء الدور هذه المرة على كل من رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، والناشط السياسي، كريم طابو، الذي يرأس حزب الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي غير المرخص. ودعا مقري السلطات الجزائرية إلى الرد على الرئيس الفرنسي، وكتب في صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي، فيسبوك: "إن لم يقع الاستدراك فورا فتصبح الدولة فاشلة وستلحق بالمستعمر قطعة واحدة"، وذلك في معرض تعليقه على التصريحات التي صدرت من ماكرون، وتضمنت دعما للرئيس عبد المجيد تبون، وهو الدعم الذي اعتبر من قبل بعض السياسيين "هدية مسمومة". وأضاف مقري: "إن هذا الرئيس (يقصد ماكرون) يتصرف بذهنية استعمارية فجة، فيعتبر الجزائر غير قادرة على قيادة نفسها بنفسها"، مشيرا إلى أنه "لم يغب الحضور الفرنسي في بلادنا منذ الاستقلال، وذلك من خلال الإستراتيجية الديغولية". وجاء في منشور مقري: "لقد ظننا أن الحراك حرّرنا إلى الأبد وأنه سيجسد الإرادة الشعبية وسيادتنا النهائية على بلدنا، فإذا به تتعمق أزماتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتزيد عليها مخاطر ثقافية لم تكن في الحسبان". ومضى قائلا: "إن الأغلبية داخل المجتمع لا تزال تقاوم النوايا الاستعمارية السيئة، ألم يئن الأوان للوطنيين من داخل الدولة والمجتمع وأصحاب الضمائر الحية أن يتحركوا لحماية البلد كما فعل أسلافهم في مواجهة الاستعمار". وفي رسالة مطولة دونها كريم طابو على صفحته الخاصة على "فيسبوك"، اتهم الرئيس الفرنسي ب"النفاق السياسي"، وكتب: "وراء هذا الموقف تكمن الفكرة الخبيثة القائلة إن دول الجنوب بشكل عام، والجزائر بشكل خاص هشة سياسيا وغير صالحة للديمقراطية"، مشددا على ضرورة توقف الوصاية الفرنسية على مستعمراتها السابقة. وكان رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، محسن بلعباس، أول من وجه انتقادات حادة لموقف ماكرون واعتبر تصريحاته بمثابة "إعطاء دروس" في الديمقراطية وإدارة الحكم لمستعمرات فرنسا السابقة، حيث كتب في منشور له: "لقد سمح (ماكرون) لنفسه بتوزيع شهادات الشرعية على قادة شعوب "الأنديجان" التي نمثلها"، كما اعتبر "فرنسا ما بعد الاستعمار هي جزء من مشكلتنا إلى جانب كونها جزءا من الماضي المؤلم للجزائر وأفريقيا". ويعتبر أقوى تصريح وجه لماكرون هو ذلك الذي صدر عن الأمين العام بالنيابة للمنظمة الوطنية للمجاهدين، محند واعمر بن الحاج، الذي دعا الساسة في فرنسا إلى التعامل مع الجزائر كندّ، وليس كدولة تابعة، ورهن إرساء تعاون بين الجزائر وباريس، بتراجع الأخيرة عن مواقفها المشحونة بالعقدة الاستعمارية، والتراجع عن قانون 23 فبراير 2005، الذي يمجد الممارسات الاستعمارية الفرنسية في مستعمراتها السابقة.