أكد المدير السابق للوكالة الوطنية لتسيير المشاريع الثقافية الكبرى السيد عبد القادر غصاب في تصريحات للشروق أن سبب إقالته من منصبه راجع إلى إبلاغه عن ملفات الفساد، تتعلق بتجاوزات مالية وإدارية اكتشفها بعد مباشرته مهامه في الوكالة. وتعود وقائع القضية مثلما أشار إليها غصاب إلى اكتشافه لخروقات خطيرة متعلقة بملفات الترميم التي تشرف عليها الوكالة الوطنية للمشاريع الثقافية الكبرى تحت وصاية وزارة الثقافة والفنون والمتعلقة بالمساهمة في عملية "دراسة ومتابعة الأشغال وإعادة ترميم البرج البحري بوهران" التي خصّصت لها ميزانية وأموال طائلة دون احترام المعايير اللازمة في قانون منح الصفقات العمومية. وتحوز "الشروق" وثائق توضح المعايير المعتمدة "الخاطئة" لمكتب الدراسات الحائز على الصفقة رغم عدم كفاءته وحيازته على الوسائل الكافية لتنفيذ المشروع في الوقت الذي تم فيه إقصاء مكاتب دراسات أخرى بصفة غير قانونية في العرض التقني، حيث تبين الوثائق من خلال التحليل التقني والمقارنة أنه من المفروض منح الصفقة تبعا للمعايير الحقيقية والصحيحة بعرض قيمة أشغال المشروع ليتضح من خلال اقتراح مكاتب الدراسات أن العرضين الأول والثاني قريبان نوعا ما للتقييم الإداري الفعلي إلا أن الوكالة صادقت على مقترح مكتب دراسات آخر قدم عرضا "أكبر بكثير من العروض المقترحة الأولى بشكل مبالغ وخاطئ" مثلما توضحه تقرير الخبرة مما يبين اختلاس مبالغ خيالية من صندوق الدولة حسبما أشارت إليه الوثائق بالإضافة إلى دفتر الشروط الذي أعد من طرف رئيس المشروع والمديرية الفرعية التي تعتمد على معايير خاطئة وغير قانونية تم إضافتها في دفتر شروط خاصة بمشاريع تأهيلية أخرى والذي سمح مرة أخرى لنفس مكتب الدراسات من الاستفادة والحصول على المساهمة في مشروع الدراسات. وأكد عبد القادر غصاب في تصريحه أنه راسل وزيرة الثقافة والفنون في عديد المناسبات لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وأنه هو من طلب بفتح تحقيق معمّق في كافة الملفات على مستوى الوكالة الوطنية لتسيير المشاريع الثقافية الكبرى ليتفاجأ بقرار تنحيته من منصبه دون سابق إنذار بعد تكليفه بتسيير الوكالة في سبتمبر 2020. وقد أشار غصاب أنه أبلغ الوزيرة مليكة بن دودة عن تعرضه لحملة تشهير وتشويه من قبل جهات من داخل وزارة الثقافة دون أن يعرف دوافعها وذلك من خلال تحريضها لبعض عمال الوكالة من موظفين وإداريين خاصة بعد إرساله التقرير الخاص بملف دراسات إعادة التأهيل لبعض المشاريع والذي عينت الوزارة على إثره مفتشين من أجل التحقيق في ذلك. وأفاد السيد غصاب أن تكليف دحدوح بتسيير الوكالة في الوقت الحالي يأتي بهدف سحب الشكوى التي أودعها هو لدى القضاء والتي تكشف وقائع فساد خطيرة في قطاع الترميم مؤكدا أنه حتى لو سحبت الشكوى من العدالة سيعاود تقديمها باسمه الشخصي لدى. وكانت وزارة الثقافة والفنون قد نفت في بيان سابق ما اصطلح عليه ب"إقالة مدير عام" للوكالة الوطنية لتسيير المشاريع الثقافية الكبرى؛ وأوضحت أن سبب تنحية عبد القادر غصاب راجع إلى عدم استيفائه الشروط القانونية اللازمة للتعيين الرسمي في المنصب، بينما يؤكد غصاب بأن الوزارة استعانت به من أجل حلّ المشاكل التي كانت الوكالة تتخبط فيها وقد جاء قرار تعيينه سابقا إيجابيا فماذا حدث حتى يعاد النظر في تحقيق الملف الخاص بتعيينه والذي تم ربطه بمشكل السن "67 سنة" رغم أن عديد مديري المؤسسات تحت الوصاية أكبر من هذا السن بكثير يتساءل المتحدث؟ وأشار غصاب في حديثه للشروق أن بيان الوزارة هو الذي دفعه للخروج عن واجب التحفظ الذي يفترض أن يلتزم به إطارات الدولة. وما دامت بن دودة نفسها لم تلتزم به، يرى غصاب أن بيان الوزارة اتهام غير مباشر له بسوء التسيير وإهانة لمسار كرّسه في نجدة مؤسسات قطاع الثقافة. وقد أقدم غصاب على مراسلة الوزير الأول عبد العزيز جراد في الثاني من مارس الجاري مناشدا إياه التدخل لوضع حد لسلسلة التعسفات والمضايقات التي يتعرض لها "نتيجة إبلاغه عن ملفات فساد في قطاع الثقافة". وحسب المراسلة التي تحوز الشروق نسخة منها فقد فصل غصاب في وقائع القضية التي قدم بشأنها تقريرا للوزارة مطالبا عون جراد لرفع الظلم عنه بصفته إطارا وجد نفسه بعد سنوات عرضة للتهميش والظلم والحقرة والاتهام بسوء التسيير. وتطرح الوثائق التي بحوزة الشروق عدة تساؤلات حول التزام بن دودة الصمت حيال الملفات المرفوعة لها وتنفيذ مشروع الترميم بأخطائه رغم أن جل تلك الصفقات والمشاريع قد تم إطلاقها ومباشرتها قبل استوزراها.