مع انقضاء أسبوعين من عمر مرحلة جمع التوقيعات للانتخابات التشريعية المرتقبة في 12 جوان المقبل، برزت إلى الواجهة الكثير من الأسئلة الملحة بشأن ضمان تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين، بل وأكثر من ذلك نزاهة وشفافية الاستحقاق المقبل. السلطة المستقلة أصدرت العديد من البيانات والتوجيهات التي تنظم العملية الانتخابية، كما أن رئيسها اعتاد تنظيم ندوات صحفية غلب عليها الطابع التقني، كونه يكتفي بتقديم الأرقام المتعلقة بقوائم المترشحين وسحب الاستمارات، غير أنه ومع ذلك يرى الكثير من المعنيين بالاستحقاق المقبل، أن هناك الكثير من نقاط الظل، التي يتعين على هيئة شرفي، تسليط الضوء عليها. ورغم أن القانون العضوي الجديد المتعلق بنظام الانتخابات الصادر مطلع الشهر الجاري، أطر العملية الانتخابية، إلا أنه لم يغط حيثياتها وتفاصيلها الصغيرة بشكل كامل، وهو ما أدى إلى تباين في الإجراءات بين لجنة ولائية وأخرى، فهناك من اللجان الولائية من تشترط البصمة عند سحب استمارات اكتتاب التوقيعات، وهناك من اللجان الولائية التي لا تشترط سوى قائمة بعدد المقاعد المطلوبة للولاية المعنية مصحوبة بتوقيعاتهم، الأمر الذي خلف حالة من الارتياب لدى البعض. ولتفادي أي تأويل أو قراءة في غير محلها، كان يتعين على السلطة أن تصدر بيانا تشرح فيه سير العملية الانتخابية من ألفها إلى يائها. وإن كان البيان الذي عممته السلطة المستقلة مطلع الأسبوع الجاري، قد خصص لقضية التصديق واعتماد استمارات اكتتاب التوقيعات، إلا أنه أهمل الإجراء المتعلق بكيفية وشروط سحب استمارات التوقيعات. هذا، من الناحية التقنية، أما من الناحية السياسية، فهناك الكثير من المخاوف التي عبر عنها أكثر من طرف، ومن بينها ما جاء على لسان رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري في خرجته الأخيرة إلى ولايتي النعامة وسعيدة، والتي اتهم خلالها قناصلة وإطارات في الإدارة، بالسعي إلى التأثير في الانتخابات المبكرة. ووفق الرجل الأول في "حمس" فإن "هناك قنصلا في إحدى القنصليات الجزائرية في بلد عربي يشرف شخصيا على تشكيل قائمة مستقلة ويدعمها، كما أن هناك مسؤولين على مستوى بعض الولايات يتصرفون خلافا لما وعد به الرئيس عبد المجيد تبون من شفافية ويتدخلون في تشكيل القوائم الانتخابية"، وهي المخاوف التي تتناغم مع تصريح آخر لرئيس حركة البناء، عبد القادر بن قرينة، الذي دعا مناضلي حزبه إلى الدفاع عن نزاهة وشفافية الانتخابات. وكان الرئيس تبون، قد شدد في الرسالة التي وجهها بمناسبة ذكرى عيد النصر على أنه وفر كل عوامل نزاهة الاستحقاقات المقبلة، عندما قال: "قد تمت إحاطة موعد 12 جوان بكافة ضمانات النزاهة، لبناء دولة المؤسسات بإرادة الشعب من خلال الاختيار الديمقراطي الحر وعبر التنافس الشريف، وبإحداث القطيعة الجذرية مع ممارسات الخزي والوبال". وإلى غاية اللحظة، لم تتعد تصريحات وزير العدل الأسبق ورئيس "السلطة المستقلة" بشأن الانتخابات التشريعية المقبلة، كل ما تعلق بالجانب التقني في العملية الانتخابية، وبتثبيت موعدها كما حدده رئيس الجمهورية، إلا أن التساؤلات ذات الطابع السياسي والتي رفعها الكثير من قادة الأحزاب، تبقى من دون إجابة، ولا سيما ما تعلق بالتغييرات الأخيرة التي طرأت على تشكيلة السلطة، وأثارت الكثير من الجدل، وهي التغييرات التي بقيت من دون توضيحات من قبل "السلطة المستقلة".