كشفت دراسة بريطانية عن معاناة مدمني موقعيّ فيسبوك وتويتر من أعراض الإنطواء حال ابتعادهم عنها، وفي المقابل وصف البعض تجربتهم الأولى في المواقع الاجتماعية أنها دافعة للإدمان. وخلال الدراسة طُلب من عشرة أشخاص اعتبروا أنفسهم من مدمني فيسبوك، وعشرة من المغردين النشطين في تويتر التوقف عن استعمال حساباتهم لمدة أربعة أسابيع. وعبر المشاركون عن شعورهم بالعزلة عن أصدقاءهم وعائلاتهم خلال تلك الفترة، بالإضافة إلى فقدانهم أداتهم الرئيسية للتواصل، وقال البعض أنهم أحسوا بأنهم "منقطعون عن العالم". وذكرت إحدى المشاركات في التجربة أنها لم تتواصل مع أسرتها طوال الأسبوع، وعبر آخر عن شعوره بالوحدة، وافتقاده فيسبوك حتى أن أصابعه تتجه تلقائياً لتطبيق فيسبوك كل مرة يمسك فيه هاتفه، ورأى الدكتور دافيد جليز، مدرس علم النفس الإعلامي في جامعة وينتشر البريطانية والذي أشرف على الدراسة، أن الاستخدام الكثيف لوسائل الإعلام الاجتماعي لا يعد أمراً خطيراً بالضرورة، وأضاف أن البعض يرى أن هذا الإدمان يطغى على حياة الناس، لكن أغلب من يوصفون بالمدمنين يمارسون على الإنترنت تصرفات اجتماعية بالفعل. وقال جيلز إن شخصية مستخدم الإنترنت العادي ذو معدل الاستخدام المتوسط اليوم لا تشبه نمط التسعينات، لكنه يستخدم الهاتف الذكي ليدير حياته الاجتماعية وعلاقاته الشخصية عبر الإنترنت، وفي الوقت نفسه لم تكن آثار الانقطاع عن المواقع الاجتماعية سلبية في مجملها؛ إذ قالت واحدة من المتطوعات في الدراسة أن انقطاعها عن فيسبوك أتاح لها إتمام الأعمال المنزلية. واعترف آخر أنه اتجه لقضاء وقت أطول بصحبة ابنته. وهو ما قد يدفع إلى القول بأن الاعتدال في الاستخدام أفضل، كما لم يكن الشعور بالانطواء والانعزال واحداً لدى مستخدمي فيسبوك وتويتر، فقد تعامل مستخدمو تويتر بشكل أفضل مع عزلتهم، وهوما عزاه الباحثون إلى الطبيعة الأقل "اجتماعية" لتويتر، وتوافر مصادر أخرى للبحث عن المعلومات والأخبار، وعلى الجانب الآخر شملت الدراسة عشرة أشخاص لا يستخدمون تويتر وفيسبوك بانتظام، وعشرة آخرين لم يسبق لهم استخدام المواقع الاجتماعية، وطُلب منهم التغريد والكتابة بانتظام لمدة أربعة أسابيع، واعترف البعض أنهم وجدوا المواقع الاجتماعية دافعة للإدمان، وأكد بعضهم نيتهم أن يواصلوا بنفس الوتيرة بعد انتهاء التجربة. وقالت واحدة من المشاركات أنها في بعض الأحيان أمضت ساعات متواصلة في كتابة التغريدات في "تويتر"، وكانت تبتهج في كل مرة تتلقى رداً من أحد المشاهير المفضلين لديها؛ وبينما توقع أحد المشاركين أن يكون استخدام فيسبوك وتويتر أمرا مملا وغير ذي نفع، قال إنه استمتع بالتجربة ورأى أنها ساعدته على رؤية أصدقائه أكثر. وعلق دافيد جيلز، أن الكثير من الناس سيضطرون في نهاية الأمر لاستخدام المواقع الاجتماعية بوصفها حقيقة من حقائق الحياة، ففي كل يوم تصبح الحياة أصعب بالنسبة للأشخاص الذين لا يمتلكون حساب للبريد الإلكتروني وفيسبوك، وصارت الشركات تعاملهم بوصفهم "متشردو العصر الرقمي"، وقال "إذا كان كل أصدقائك يستخدمون موقع فيسبوك أو تويتر طوال الوقت فأنت تخاطر بعزل نفسك عن الحياة الاجتماعية إذا لم تفعل المثل، ولذلك تمضي عدة ساعات كل يوم في الإنترنت لتتجنب الشعور بالاستبعاد من المحادثات أو الانعزال عن أصدقاءك". وشملت الدراسة، التي أجريت بتكليف من شركة First Direct المتخصصة في الأعمال المصرفية بهدف صياغة استراتيجيتها في التواصل مع العملاء، رصدا لأنماط شخصيات مستخدمي المواقع الاجتماعية، ومسحا شمل 1500 من البالغين في المملكة المتحدة لرصد استخدامهم للمواقع الاجتماعية. وتوصل المسح إلى أن البريطانيين يقضون نحو 62 مليون ساعة كل يوم في فيسبوك وتويتر، واحتل فيسبوك المرتبة الأولى بوصفه السبكة الاجتماعية المفضلة باختيار 59بالمائة، تلاه تويتر بنسبة 9 بالمائة، ثم "لينكد إن" بنسبة 7 بالمائة. وكشف المسح أن 30 بالمائة من مستخدمي فيسبوك في المملكة المتحدة يقضون ساعة يومياً على الأقل في تصفح الموقع، بينما يمضي 13 بالمائة ساعتين على الأقل، ويتفقد 26 بالمائة من النساء صفحتهم في فيسبوك عشرة مرات على الأقل كل يوم بالمقارنة مع 18 بالمائة من الرجال، كما يقضي 31 بالمائة من مستخدمي تويتر ساعة يومياً في تصفح الموقع، مقابل 14 بالمائة يتجاوز استخدامهم اليومي ساعتين.