في غياب آليات قانونية لمراقبة نوادي الأنترنيت في الجزائر، أصبحت شريحة الأطفال والمراهقين، عرضة لعمليات غسيل الدماغ، من طرف شبكات الإرهاب التي توظف عديد المواقع الإلكترونية لترويج مرجعياتها بحثا عن متعاطفين ومجندين جُدد تستغلهم في تنفيذ اعتداءات إرهابية بعد تحويلهم إلى "إرهابيين". وتفيد معلومات موثوقة، بأن العديد من الأطفال والمراهقين يزورون نوادي الأنترنيت لدخول مواقع تروج للإرهاب والعمليات القتالية. ومن هؤلاء من يزور مواقع تهتم بصناعة واستخدام المتفجرات وكذا المواجهات المسلحة في عدد من الدول كالشيشان وأفغانستان والعراق. وقد أفاد شهود عيان و اصحاب بعض النوادي بأن أطفال في ال12 او ال11 من العمر قد زاروا مواقع تبين كيفية استعمال المتفجرات. وقد أثار الاستغلال المتكرر للتنظيم الإرهابي المسمى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، للأطفال والقصر(منفذ اعتداء دلس يبلغ من العمر 15 سنة) في تنفيذ تفجيرات انتحارية، تساؤلات جدية وسط المراقبين، وتكشف التحليلات الأولية حسب ما يسجله خبراء في المجال الأمني، أن توظيف أو تجنيد الأطفال، أصبح أسهل طريقة وأقصر طريق للقيام بعمليات استعراضية، في ظل الانشقاقات والصراعات وعمليات التوبة والفرار التي انتهت في غالبها بتخلي عشرات المسلحين "البالغين" عن النشاط الإرهابي مقابل الاستفادة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وبالنسبة للثغرات التي يتسرب من خلالها "الفكر الإرهابي" عبر آلاف المواقع الإلكترونية المنتشرة عبر شبكات الأنترنيت، يسجل مراقبون غياب آليات قانونية ووسائل تقنية لمراقبة نوادي الأنترنيت وطبيعة زبائنها(الجنس، السن، المهنة، العنوان)، وهو ما يجعل-على الأقل في ظل ما هو متوفر حاليا- تنظيم نشاط هذه الأندية المعلوماتية وما يجري بداخلها، سواء بالنسبة للتلقي أو للإرسال، مهمة مستحيلة، علما أن بعض الدول العربية كالسعودية مثلا قررت في وقت سابق منع وتوقيف مواقع معلوماتية معينة لأسباب متعلقة بالأخلاق العامة وأخرى مرتبطة بالأمن العام. وهناك نقطة مهمة، تكشف بأن تحديد هوية المتوافدين على مقاهي الأنترنيت، أمر مستحيل، بسبب كثرة وتعدد المتداولين على الحواسب والأجهزة الإلكترونية، وإنعدام أي بصمات بعين المكان، وهو نفس الشيء بالنسبة لأجهزة الإعلام الآلي النقالة المجهولة الهوية، وكذا أكشاك "الطاكسي فون" أو الهواتف العمومية، حيث يستحيل ضبط هوية المتصل، إلا إذا كان الأمر عن طريق الصدفة أو الحراسة المتواصلة والذكية والسريعة. وإذا كان المختصين قد اخترعوا حلولا عملية للتشويش على المواقع الإباحية مثلا، فإن ما يسمى ب "المواقع الإسلامية"، خاصة "الجهادية" منها تحديدا-والتي تأخذ أحيانا "المواقع العلمية" لتمرير مخططاتها- مازالت تتمتع بسهولة دخولها دون حسيب ولا رقيب، وهو ما جعل التنظيمات الإرهابية توظفها لفائدة نشاطاتها المسلحة، خاصة في مجال التجنيد وإدارة "الحرب النفسية والإعلامية"، بترويج معلومات كاذبة وبيانات مغلوطة ومضخمة تتضمن-على سبيل المثال- "حصيلة" إعتداءاتها الإجرامية، وذلك بهدف تغليط الرأي العام، والبحث عن تضامنه وتعاطفه. وبالعودة إلى نظام شبكة الأنترنيت، يؤكد أهل الاختصاص، بأن للأشخاص دون إستثناء حرية إنشاء المواقع الإلكترونية وتزويدها بالمضمون الذي يرغبون فيه، مع الإشارة إلى أن منشئ أي موقع هو مجهول الهوية والعنوان، مع إمكانية إطلاق مئات أو آلاف المواقع في ظرف دقائق معدودة، بالمجان وبدون الإلتزام بمقاييس أو قوانين أو شروط مسبقة. ومن بين المشاكل التي يمكن أن تواجهها عمليات توقيف موقع إلكتروني، إمكانيات تنقل نفس الموقع "المحظور" أو الممنوع إلى عناوين أخرى، في وقت قصير، سواء بنفس التسمية أو بتسميات مغايرة وجديدة وبذات المضمون السابق والأصلي، ويؤكد عارفون بمجال الاتصالات وتكنولوجيات الأنترنيت، بأن عدم توقيف بعض المواقع الخطيرة راجع إلى غياب شكاوى من طرف الجهة المتضررة ضد هذه المواقع الإلكترونية، ويرسم بهذا الصدد مراقبون، علامات استفهام أمام بعض ملاّك أو ما يعرف تقنيا باسم مضيفي المواقع التي تسمح لتنظيمات إرهابية باستخدام مواقعها، وهو ما يدفع إلى اعتقاد لا يستبعد فرضية تواطؤ هؤلاء لتحقيق أرباح تجارية ، الأمر الذي يعقد عملية توقيف الموقع نهائيا. ولمواجهة إنتشار "المواقع الإرهابية" في الجزائر، يعتقد مختصون، بأن المطلوب تنظيم عمليات تحري وتدقيق من طرف فريق عمل مختص مكلف بمهمة مراقبة وتصفية المواقع الإلكترونية عبر شبكة الأنترنيت، حيث يمكن توقيف بعض المواقع على المستوى المحلي عن طريق تقنيات تمنع إمكانية الإتصال بالحاسوب الذي يضيف الموقع، أو بواسطة مراسلة مضيف الموقع المعني ومطالبته بتوقيف نشاطه. وتستدعي مكافحة "الإرهاب الإلكتروني"، من جهة أخرى، مراقبة صالونات الدردشة الإلكترونية الواسعة الإنتشار في الجزائر-(90 بالمائة من مستعملي الأنترنيت بالجزائر يترددون على مواقع الدردشة)- ما يخلق فضاء سريا وآمنا للتنظيمات الإرهابية من أجل تمرير مرجعياتها خلال عمليات "غسيل المخ" لإستقطاب مجندين أو مناصرين جدد، مع الإشارة هنا إلى أن زوار المواقع ذات الصلة بالنشاط المسلح ليسوا بالضرورة إرهابيين، لكن عدد منهم مهدد بالتحول إلى الإلتحاق بالنشاط الإرهابي إذا لم تتخذ إجراءات وقائية وردعية عاجلة. وتدفع كل هذه المعطيات والمؤشرات، أوساط متابعة، إلى التأكيد على ضرورة دعم الإجراءات الأمنية "البدائية والتقليدية"، كحواجز التفتيش والتمشيطات، بتدابير جديدة تأخذ بعين الإعتبار "الحرب الفكرية والإلكترونية" للتصدي للجماعات الإرهابية وتجار الموت من مروجي التقنيات الخاصة بالمتفجرات والعمليات القتالية وغيرها من أساليب الإجرام. ج/لعلامي