عادة ما يكون الجري وراء فرصة عمل وهاجس الحصول على أي وظيفة بعد التخرج من الجامعة سببا في الوقوع في فخ المحتالين الذين يصطادون في المياه العكرة لتكون البداية بملف إداري ومبلغ مالي، والنهاية جني الوهم وشكوى في مركز الأمن غالبا ما تقيد ضد مجهول أو تحال للعدالة بعدما يفقد الضحية الأمل في استرجاع أمواله المنهوبة. تكشف جلسات المحاكم اليومية عن درجة استغلال شبكات التزوير والنصب والاحتيال للشباب الراغبين في الحصول على فرصة عمل، حيث يترصدونهم ويعرضون عليهم خدماتهم ليسلبوهم وثائقهم الشخصية كبطاقات التعريف وشهادات الميلاد لتستعمل بعد التزوير في جرائم أخرى، أو يتم ابتزاز الضحايا وسلبهم الأموال بعد التحصل على ملفات إدارية خاصة بهم.
وللنصب طرق أخرى اهتدت شبكات النصب والاحتيال في الجزائر مؤخرا إلى طريقة جديدة للحصول على المال في أسرع وقت ممكن وبأقل تكلفة، مستهدفين بذلك خريجي الجامعات وحاملي الشهادات العليا، حيث أصبح النصب يجري على نطاق واسع مع وجود شبكة الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي "فايسبوك" و"توتير"، أين يتم التخطيط لعملية النصب بالإعلان عن مسابقات توظيف وهمية في وسائل الإعلام، وتطلب من المترشحين للمسابقة دفع حقوق تسجيل تتراوح مابين 2000 و5000دج، ولأن الضحايا يكون همهم الوحيد الحصول على وظيفة مهما كان الثمن، فليس بإمكانهم أن يكتشفوا الخدعة وأنهم وقعوا ضحية لعصابات الاحتيال التي تبيعهم الريح في مسابقات توظيف وهمية، والمشكل الكبير في كل هذا هو أنه لا يمكن للضحايا أن يميزوا بين الحقيقة والوهم خاصة أن مثل هذه الشبكات تستخدم الإعلان عبر الانترنيت وحتى في الصحف الوطنية بدرجة يصعب فيها التمييز بين الحقيقة والكذب، حيث يتم الإعلان عن طلب تخصصات موجودة في الواقع واستنساخ ملفات عن طلبات عمل حقيقية.
شبكة تبيع الوهم للجامعيين وفي هذا المقام نذكر قضية شبكة نصب واحتيال تنشط على المستوى الوطني والتي انتحل المتهمون فيها صفة أعوان إداريين وأسسوا إمبراطورية للنصب على المتخرجين من خلال الإعلان عن مسابقة وهمية شارك فيها آلاف الطلبة المتخرجين ودفعوا حقوق تسجيل وصلت 5000دج، وعندما حان موعد إجراء الامتحان اكتشفوا أنها مسابقة وهمية، ليتم القبض على عناصر الشبكة وإدانتهم بعقوبة خمس سنوات سجنا نافذا. قضية مماثلة تورط فيها شاب من العاصمة الذي وجد في الاحتيال فرصة سانحة لجمع المال، وهذا بعدما أعلن عن مسابقة لاختيار عارضات الأزياء والسفر لإقامة عروض في الخارج وتم نشر الإعلان في الجرائد الوطنية وعلى شبكة الانترنيت ليلقى رواجا بين الفتيات الراغبات في السفر ودخول عالم الأزياء وبعد إيداع الملفات عن طريق البريد تم استدراجهن بالتدريج بعدما أرسلت لهن رسائل قبول وتم مطالبتهن بتسديد مبلغ 10000دج كثمن للتسجيل على آمل تحديد يوم المقابلة لاحقا لكن الاتصالات انقطعت، لتنكشف الحيلة بعدما تقدمت إحداهن للعنوان الذي دون في الإعلان لتجد أنه مهجور وتكتشف الحيلة بعد فوات الأوان.
يدعون معرفة شخصيات معروفة كما تشهد المحاكم الجزائرية مؤخرا انتشارا مذهلا للقضايا المتعلقة بالنصب والاحتيال والتي غالبا ما يكون ضحاياها طلبة جامعيون أو متخرجون من المعاهد، فمنهم من يقع ضحية عصابات منظمة وآخرون يقعون ضحايا للطماعين ومقتنصي الفرص والذين يعرضون خدماتهم في الحافلات ومواقف الانتظار، وحتى بالقرب من البلديات وفي المقاهي بالادعاء أنهم ذوو نفوذ ولديهم معارف في الوزارة الفلانية أو في الإدارات المهمة وخاصة في الفترة التي تكون فيها إعلانات التوظيف في القطاع العام، ليقدم المحتال على رسم خطة جهنمية تبدأ بالتقرب من الضحية ثم جس نبضه وبعدها يعرض خدماته، ومنها أنه يستطيع التوسط له للحصول على عمل ويقنعه أنه يعرف المسؤول الفلاني وتربطه به صداقة جيدة وبعد اللعب على عقله يتم منحُه الأمان بعد الموعد الأول، لتكون الخطوة الأخيرة طلب مبلغ مالي معتبر مقابل تسوية الموضوع ثم يختفي المحتال نهائياً ليبقى الضحية في رحلة الاتصال والبحث عن شخص مجهول قد لا يعرف عنه سوى اسمه والذي غالبا ما يكون اسما وهميا وتنتهي القضية في مركز الشرطة بتقديم شكوى ضد مجهول.