الحاجة حدة - ربي يحفظها تقيم من يُعتقد أنها أكبر معمرة بالجزائر ببلدية لعوينات شمال ولاية تبسة وتبلغ من العمر أكثر من 126 سنة ولا تزال تذكر عدد أبنائها بينما تجهل عدد أحفادها ال 427، تحتفظ في ذاكرتها بشخصيات تاريخية وتردد أغاني عيسى الجرموني وأبدت إعجابها بصوت نانسي عجرم. بخلاف كل النساء في وقتها، تزوجت حدّة في الأربعين من العمر نظرا لانشغالها بتربية أشقائها الأربعة بعد وفاة أبويها في سن مبكرة، وكان تاريخ زواجها نفس تاريخ تسجيل ميلادها أي أن سنها المقدر ب 126 سنة يُحسب بدءا من سنة 1882 وتعد بذلك أكبر معمرة في الجزائر.لا تزال ذاكرتها قوية رغم أن الأسرة أعلمتنا أنها غيّبت شيئا منها لقلة نومها إلا أنها ذكرت لنا على التوالي مواقيت الصلوات الخمس وعدد الركعات لكل صلاة، إضافة إلى تلاوة سورة الفاتحة والنصر والصمد، وهي إلى اليوم تؤدي الصلوات الخمس جلوسا ولم تفطر شهر رمضان إلا السنة الفارطة فقط.لم تزر الحاجة حدة الطبيب إلا سنة 1984 أي بعد أن بلغت القرن وعامين من العمر من أجل إجراء تحاليل حول نسبة معدل الضغط في العين، وهي الآن تتناول بعض المقويات والفيتامينات التي تقويها على مشاقّ العيش وليس من أجل التداوي. وقد بدا على الحاجة حدة الإعياء ورسم طول السنين أثره على وجهها الجميل، حيث امتلأ بالتجاعيد ولم تسلم يداها من قساوة مرور الأيام حيث بدأ جلدها بالتقشر. وبالرغم من أنها فقدت بصرها في ذات السنة، إلا أنها تتحسس كل ما هو موجود من حولها، ولم ينقص البصر من قوة بصيرتها شيئا ولا استطاع طول العمر أن يفقدها حاستها كأم وجدة يوحي لها حنانها المتدفق بالخطر المحيط بكل فرد من الأسرة المنحدرة من صلبها. وتبدي الجدة اهتماما بليغا بالأخبار والحقل الإعلامي، وذكر لنا أحفادها وأبناؤها أنها تتبع الأخبار أحسن منهم وتدرك كل ما يقال فيها ورأينا بأمّ أعيننا كيف أنها تولي عناية بالصحافة. يبلغ عمر أكبر أحفادها 60 سنة وأصغرهم شهر ونصف وهو من الجيل الثالث الذي تحضره العجوز حدة، أما أبناؤها فأكبرهم سنا يبلغ 83 سنة. وعلى الرغم من أنها نسيت ترتيبهم متى ولدوا إلا أنها تذكر جيدا الأكبر فيهم من الأصغر ولم تنس ربيبتيها الاثنتين. وطوال جلوسنا معها لم تخطئ السيدة في أي لفظ يوحي بأنها لم تعد تدرك ما يدور، كما أنها راحت تحكي عن سنوات الثورة، حيث عملت كطباخة لمجاهدي التحرير، وكيف أن منزل زوجها كان مركز عبور جيش التحرير الوطني، مشيرة إلى أن أربعة من أولادها من المجاهدين. تتذكر تاريخ الثورة والمقاومة وتدرك كل ما يقال بشأن البشير الإبراهيمي والشيخ العربي التبسي، حيث كان زوجها الحاج الحسين عضوا في جمعية العلماء المسلمين، وها هي ذاكرة العجوز تشيخ فعلا ولا أحد تقدم إليها لتسجيل شهادتها كسند حي حول الثورة الجزائرية.كلمات عيسى الجرموني ما تزال حاضرة بذاكرتها، حيث غنّت لنا "حدة يا حدة" وأغنية "يا عين الكرمة" بصوت قوي أدهشنا، ولما سمعت صوت المغنية نانسي عجرم أسكتت أحفادها قائلة "أنصتوا إن لها صوتا جميلا".