رغم كل الاطراء لجناح ريال مدريد والبرتغال كريستيانو رونالدو هذه الأيام الذي ساعد بلاده للتأهل لنهائيات كأس العالم والمرشح القوي لنيل جائزة الكرة الذهبية، إلا أنه لا يستطيع مثلاً أن يقول لبيب غوارديولا "ليست لديك أي شجاعة" أو "يمكنك أن تذهب إلى الجحيم"! ولكن إبراهيموفيتش فعل ذلك، وقال للعالم الكثير في سيرته الذاتية الرائعة "أنا زلاتان إبراهيموفيتش" التي كادت تفوز بجائزة أفضل كتاب رياضي هذا العام. الشيء الرائع عند قراءة "أنا زلاتان إبراهيموفيتش" هو أن المرء لا يستطيع إلا أن يتأمل ويقول "نعم، أنت زلاتان إبراهيموفيتش"، لأن كتاب سيرته الذاتية لم يكن شيء تافه عن العلاقات العامة، ولا قصة لحسابات مخففة المعتادة للمليونير المدلل،وعلى رغم أن رونالدو لم يكتب بعد سيرته الذاتية، إلا أنه إذا فعل ذلك، فإن معظم المراقبين يتوقعون أنه سيحتوي الكثير عن حكايات مروعة في حياته: في اليوم الذي احتاج إلى المرطبات، أو أدق التفاصيل عن نتف حواجبه! ولم يخف السويدي في كتابه انتقاده اللاذع لأي شخص تجرأ على شطبه، أبرزهم غوارديولا. فمتى كان آخر مرة للاعب كرة القدم ما يزال يلعب في ذروة سلطاته مع هذا الصدق المدمر؟ وكتب إبراهيموفيتش كل القصة كأنه كان يجلس في حانة يحكي لأصدقائه حكايته مع تعاطي الجعة. إنه الكتاب الذي يجب أن يعتز به. إنه قصة صبي مهاجر يناضل إلى الأبد – في الكثير من الأحيان واقعياً –ليثبت على أنه أفضل من المتكبرين الذين لا يعدون ولا يحصون والذين ينظرون إليه بإزدراء منذ طفولته المضطربة في حي روسنغورد القاسي وهي منطقة في مالمو. والكتاب أيضاً قصة لرجل مجنون. إبراهيموفيتش هو الوريث الحقيقي للاسطورة الفرنسي اريك كانتونا المعروف بعصبيته. عبقري على أرض الملعب وقادر على ما يبدو، أن يعمل المستحيل مع الكرة عند قدميه، ولكن في الكثير من الأحيان لا تقدره المؤسسة الرياضية، فهو يميل للعنف وألفاظه تكون قاسية. وإضافة إلى رسمه لوحة لغوارديولا بمثابة المدرس العدائي المناهض للمجتمع، كان إبراهيموفيتش سليط اللسان مع لاعبين من أمثال فان دير فارت ولويس فان غال، حتى أنه يدعو زوجته "الكلبة الشريرة سوبر ديلوكس" ولكن بمودة في هذه الحالة. واللحظة الأكثر جنوناً يمكن أن تكون عندما اعترف النجم السويدي أنه رمى مفرقعات نارية في صندوق بريد لمنزل رجل وصفه وزملائه بالغرباء بعدما اشتروا منه نقانق،وكان إبراهيموفيتش يلعب لاياكس في ذلك الوقت. ولا يمكن التغاضي عن سلوكه العنيف ، ولكن الخوض في قصة طفولته فإنه سيكون كل شيء واضح جداً لماذا عاش حياة ماجنة، فوالده البوسني كان مدمناً على تعاطي الكحول، تعذب مع ذكريات الحرب الأهلية اليوغوسلافية، و سرق من متجر والدته وكان يضرب أطفاله بملاعق خشبية، وعندما طلق زوجته ترك شقيقته، ونبذت العائلة الاخت الاخرى من الأم بعد تورطها بالمخدرات بشكل كبير. كانت روسنغورد كالغابة معبأة بالكامل مثل إبراهيموفيتش من الأتراك والألبان وغيرهم. وكانت كرة القدم تحرره من تلك الحياة المنزلية المضطربة، ولكن كان يُعتبر دخيلاً. طفل أجنبي مجنون في عيون المدربين السويديين، اضطر إلى الانتقال من نادٍ إلى آخر بعد شجاره مع أطفال آخرين، حتى أنه ذكر في كتابه معترفاً "كنت مشاكساً وكنت قد فقدت عقلي". ولم يتخلَ إبراهيموفيتش عن عدوانيته كما لاحظ المدافع أوغوتشي أونيو خلال شجارهما في مركز تدريب ميلان. بعد الجدال خاشنه المدافع الأميركي الثقيل عندئد قال السويدي "خطأ كبير ارتكبه اوغوتشي أونيو"، وفي أسلوب من العمل البطولي أزال الأشرار من غرفة تغيير الملابس. وعل كل ما فعله من لحظات جنونية، فمن السهل أن يغفل المرء أن إبراهيموفيتش هو لاعب عظيم في كرة القدم الحديثة. فقد فاز بألقاب الدوري في ثمانية مواسم متتالية مع اياكس ويوفنتوس وانتر ميلان وبرشلونة وميلان. والسؤال الذي يطرح نفسه: من هو اللاعب الآخر الذي استطاع أو يستطيع أن يحقق ذلك؟ مع الاستثناء لوقته المشؤوم في كاتالونيا (بالمناسبة، سجل هدف الفوز في الكلاسيكو)، فإن الإلهام كان وراء قصة الانتصارات، بالإضافة إلى فوزه بلقب آخر في الموسم الماضي مع باريس سان جيرمان. ومع كل موهبة إبراهيموفيتش التي لا تصدق، ما يزال العديد من مشجعي كرة القدم لا يقدرون مواهبه، خصوصاً على الشواطئ البريطانية، وهذا هو السبب لماذا لم يفز كتابه بجائزة وليام هيل الرياضية لهذه السنة التي تم الإعلان عن نتائجها في وقت متأخر من يوم الأربعاء. ولكن السويدي لا يهمه ذلك، فقط سيغرز اصابعه في عيني أي شخص يشك بقابلياته ويثبت أنه كان على خطأ على أرض الملعب. وهذا ما فعله طوال حياته المهنية. وفي الوقت الذي ينصح الكثير من النقاد بقراءة كتاب "أنا زلاتانإبراهيموفيتش" لأنه قصة رائعة، توقع معظم الصحف البريطانية بأنه سيكون الأكثر مبيعاً، على رغم فوز كتاب المؤلف جيمي ريد (من صحيفة رايسنغ بوست) المعنون "المخدر: القصة الحقيقية لعصابة المنشطات غير القانونية في الستينات في سباق الخيول" بجائزة وليام هيل الرياضية لهذا العام.