في اليوم الذي ألقى فيه محمود أحمدي نجاد أول كلمة لرئيس إيراني في القمة الخليجية في الدوحة، ظهر في واشنطن تقرير استخباراتي مهم يكاد "يبرئ" إيران من تهمة تطوير السلاح النووي. فقد كشف تقرير مشترك صدر أمس عن هيئات الأمن والاستخبارات الأمريكية أن إيران قد توقفت منذ عام 2003 عن مساعيها لتصنيع قنبلة ذرية. لكن التقرير أضاف أنه من غير المؤكد ما إذا كانت إيران قد تخلت نهائياً عن نيتها لامتلاك السلاح النووي. قبل عامين أعلنت هذه الأجهزة الأمنية أنها مقتنعة تماماً بإصرار إيران على إنتاج القنبلة. من جانبها لا ترى الحكومة الأمريكية في هذه التقديرات الأمنية الجديدة مبرراً لتغيير رأيها حول ضرورة إصدار عقوبات دولية بحق إيران. الحرب العالمية الثالثة بالنسبة للرئيس الأمريكي جورج بوش كان خطر "إيران النووية" جدياً إلى درجة أنه حذر من اندلاع حرب عالمية ثالثة. في أكتوبر الماضي قال بوش "إذا كان المر ء مهتماً بتجنب اندلاع حرب عالمية ثالثة فعليه أن يمنعهم من الحصول على المعارف الكافية لتصنيع سلاح نووي." وقد اعتمد بوش في تحذيراته هذه على المعطيات الرسمية التي قدمتها أجهزة الاستخبارات الأمريكية في عام 2005، التي كانت تؤكد أن إيران ماضية في طريقها لتطوير سلاح نووي. التقديرات الأمنية الجديدة التي أعلن عنها يوم أمس الاثنين تقول إن إيران قد أوقفت في خريف عام 2003 برنامجاً لتصنيع قنبلة نووية. وهي معلومات مفاجئة للكثيرين وتتناقض مع المعلومات والتقديرات السابقة التي بنت الإدارة الأمريكية عليها سياستها تجاه الملف النووي الإيراني. لكن ستيفن هادلي مستشار الأمن القومي للرئيس بوش، يرى أن هذه المعلومات تؤكد صحة الموقف الأمريكي الذي لا يثق بإيران: "لم نكن نعرف في عام 2005 أن إيران كان لديها برنامج سري لتصنيع السلاح النووي. هذا يعني أن مخاوفنا كانت في محلها، بل إن الأمر كان اسوأ مما كنا نعتقد." لا تغيير في السياسة الأمريكية وفقاً لل "التقديرات الاستخباراتية القومية"، التقرير الدوري المشترك الذي تعده أجهزة الأمن والاستخبارات الأمريكية، فإن إيران تريد ترك الباب مفتوحاً لتطوير سلاح نووي في المستقبل. إذا قرر الإيرانيون ذلك فإن بإمكانهم إنتاج القنبلة الذرية في عام 2010 على أقل تقدير، لكن الموعد الأكثر واقعية هو بحدود عام 2015، وهي تقديرات متأخرة بعدة أعوام عن التقديرات السائدة حتى الآن. يرى البيت الأبيض في التقرير الجديد دليلاً على فعالية الضغوط الدبلوماسية والعقوبات على إيران. لذلك فإن الولاياتالمتحدة لا ترى مبرراً لتغيير سياستها تجاه إيران، وسوف تواصل جهودها في مجلس الأمن الولي لفرض المرحلة الثالثة من العقوبات الدولية على إيران قبل نهاية هذا العام، بسبب عدم تعاونها مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. إسرائيل لها رأي آخر في المقابل يرى المعارضون السياسيون للرئيس بوش أن هذه المعلومات الجديدة حول الطموحات النووية الإيرانية يجب على الأقل أن تضع حداً للخطاب الحربي التهديدي الذي يستخدمه الرئيس ونائبه ديك تشيني ضدّ إيران. "من الواضح أنه ليس هناك أزمة نووية بل أزمة دبلوماسية." على حدّ قول جوزيف سيرينسيون من "مركز التقدم الأمريكي"، هو مركز دراسات ليبرالي يساري. أما السيناتور هاري ريد، رئيس الكتلة الديموقراطية في مجلس الشيوخ فقد وصف التقرير الجديد بأنه ردّ على "الخطابة المثيرة للفزع" التي تمارسها حكومة بوش. من المتوقع جداً أن تستثمر كل من الصين وروسيا هذه المعلومات الاستخباراتية الأمريكيةالجديدة لدعم موقفهما المعارض لفرض المزيد من العقوبات على إيران. لكن أول رد فعل دولياً على التقرير جاء من إسرائيل. فقد وصف وزير الدفاع ايهود باراك المعلومات الأمريكية بأنها ناقصة، وقال باراك أن الدلائل تشير إلى العكس مما ورد في التقرير، وأنه يرجح أن إيران قد استأنفت برنامجا للتسلح النووي. الشروق أون لاين. الوكالات