لبنان: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 3642 شهيدا و15356 جريحا    كان سيدات 2024 :الجزائر ضمن مجموعة صعبة برفقة تونس    غايتنا بناء جيش احترافي قوي ومهاب الجانب    قرار الجنائية الدولية ينهي عقودا للإفلات من العقاب    استراتيجية ب4 محاور لرفع الصادرات خارج المحروقات    الرابطة الأولى موبيليس: مولودية وهران تسقط في فخ التعادل السلبي امام اتحاد خنشلة    الجنائية الدولية تصدر مذكرة توقيف بحق نتنياهو وغالانت    صنصال.. دمية التيار التحريفي المعادي للجزائر    استكمال مشروع الرصيف البحري الاصطناعي بوهران    3مناطق نشاطات جديدة وتهيئة 7 أخرى    مجلس الأمة يشارك في الدورة البرلمانية لحلف شمال الأطلسي بمونتريال    دورة استثنائية للمجلس الشعبي الولائي للجزائر العاصمة    "السياسي" يطيح بسوسطارة ويعتلي الصدارة    السداسي الجزائري يستهل تدريباته بمحطة الشلف    إيمان خليف وكيليا نمور وجها لوجه    المرافقة النفسية للمريض جزء من العلاج    وفاة طفل تعرض لتسمم غذائي    ضبط مخدرات بالكرط    دعوة إلى إنقاذ تراث بسكرة الأشم    نحو تفكيك الخطاب النيوكولونيالي ومقاومة العولمة الشرسة    4معالم تاريخية جديدة تخليدا لأبطال ثورة نوفمبر    إجتماع أوبك/روسيا: التأكيد على أهمية استقرار أسواق النفط والطاقة    تصفيات كأس إفريقيا-2025 لأقل من 20 سنة/تونس-الجزائر: ''الخضر'' مطالبون بالفوز لمواصلة حلم التأهل    تنظيم الطبعة ال20 للصالون الدولي للأشغال العمومية من 24 إلى 27 نوفمبر    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    ميلة.. تصدير ثاني شحنة من أسماك المياه العذبة نحو دولة السينغال    بنك الجزائر يحدد الشروط الخاصة بتأسيس البنوك الرقمية    الرئاسة الفلسطينية تؤكد ضرورة قيام المجتمع الدولي بالعمل الفوري على وقف العدوان الصهيوني المتواصل عل الفلسطينيين    مولي: الاجتماع المخصص للصادرات برئاسة رئيس الجمهورية كان مهما ومثمرا    أوبرا الجزائر تحتضن العرض الشرفي الأول للعمل الفني التاريخي ملحمة الرمال " تاهقارت"    منظمة العفو الدولية: المدعو نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة الجنائية    الاتحاد العام للجاليات الفلسطينية في أوروبا يثمن قرار الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين صهيونيين    ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وتكثيف الدعم لها لضمان تحقيق أهدافها    المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    ماندي الأكثر مشاركة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هؤلاءِ خُصُومُ (سلايميَّة)!
نشر في الشروق اليومي يوم 22 - 02 - 2014

لا يَكادُ يَطلُعُ علينا مَقالٌ للكاتب (سلايميَّة)، إلاَّ ونزدادُ تيقُّنًا بفَسَادِ مَذهبِهِ وسُوءِ طَوِيَّتِهِ، وإنَّنَا نَدعوهُ وندعُو مَن قد يغترُّ بتبَاكِيهِ، إلى التَّفكُّر في هذه الكلمات: مَن هُم خصومكَ يا (سلايميَّة)؟ أتَدري مَن هُم؟ إليكَ الجوابُ:
1 ربُّ العِزَّةِ والجلال سبحانهُ:
ثَبَتَ في الحديث القُدسيّ: «يقولُ الله تعالى: من عادى لي ولِيًّا فقد بَارَزَنِي بالمُحَارَبَة». رواه البخاريّ.
وفي روايةٍ: «.. فقد آذَنْتُهُ –أي: أَعْلَمْتُهُ، مِن الإِعْلاَمِ- بالحَربِ»، يعني: بأنِّي أُهْلِكُهُ وأُخْسِرُهُ فيَرجِعُ بالخَيْبَةِ والذِّلَّةِ والمَهَانَةِ. وفي روايةٍ: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَانِي». ورُؤُوسُ الأَولياء بعدَ الأنبياء هُم أصحابُ النَّبيِّ (صلَّى الله عليهِ وسلَّم)؛ الَّذينَ يَطعنُ في دينِهِم (سلايميَّة) ويَحُطُّ مِن أَقدَارهِم ويُوَالِي مَن يحكمُ عليهِم بالكُفرِ والخِيَانَة ويَسلبُهُم الإيمانَ ويُجَرِّدُهُم مِن الأخلاقِ. وهُوَ بِذَا يُعَادِي ربَّ العالمين ويُؤذي القَوِيّ العظيم، وسَينتقِمُ اللهُ منهُ وممَّن وراءَهُ، وتكونُ لهُ العاقبَة المَشِينَة، إِن لم يُعَاجِل بتوبةٍ ونَدَمٍ.
وقال اللهُ تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا)[سورة الأحزاب/57]. قالَ السيوطي في كتابه «الدّرّ المنثور في التفسير بالمأثور» (12/136): «أخرج ابن جرير عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: أُنزِلَت في عبد الله بن أُبَيٍّ –وهُوَ رأسُ النِّفَاق- وناسِ مَعَهُ؛ قَذَفُوا عائشةَ (رضي الله عنها)»، أي: طعنُوا في عِرْضِها ورَمَوهَا بالفاحِشَة، كما يُصِرُّ عَلَيهِ أَوبَاشُ الشِّيعَة الرَّوافِض ومعَهُم بالوَلاء (سلايميَّة). وإنَّا نَدعُوهُ إلى الدِّفَاعِ عَن عِرضِ أُمِّهِ (عائشةَ) إن كانت أُمًّا لهُ –فهيَ أُمُّ المؤمنين-، ونَدعُوهُ إلى التَّبرِّي مِن أعدائِهَا الّذينَ يُؤْذُونَها ويُؤْذُونَ بذلكَ ربَّ العِزَّة جلَّ وعلاَ، إن كانت عندَهُ شَيءٌ مِنَ الغَيرَةِ، فقدَ غَارَ اللهُ لِعَائشَةَ ودَافعَ عَنها وأَنزَلَ في حقِّهَا قرآنًا يُتلَى إلى يومِ القيَامةِ.
ومِن خُصُومِ (سلايميَّة):
2 رسولُ ربِّ العالمين (محمَّدٌ) (عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام):
ثبتَ مِن حديث عبد الله بن عبَّاسٍ –ابن عمِّ رسولِ الله (صلَّى الله عليهِ وسلَّم)- (رضي الله عنه وعن أبيهِ): «مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فعَلَيهِ لَعنَةُ اللهِ والملائكةِ والنَّاسِ أَجمَعِين»[رواه الطَّبرانيّ في «المعجم»، وهو في «صحيح الجامع الصغير» (6285)].
وثَبتَ مِن حديث عبد الله بن عمر (رضي الله عنه وعن أبيهِ): «لَعَنَ اللهُ مَن سَبَّ أَصْحَابِي»[رواه الطَّبرانيّ في «المعجم» وهو في «صحيح الجامع الصغير» (5111)].
وإنَّ مَن يطعنُ في أصحابِ الرَّسُولِ، إنَّما هُو يَطعنُ في الرَّسُولِ نفسِهِ، ورحمَ اللهُ إمامنَا إمامَ السُّنَّةِ مالك بن أنس (رحمه الله) حينَ قالَ في هؤلاء الشِّيعَة الرَّوافِض: «إِنَّما هؤلاءِ أقوامٌ أَرَادُوا الطَّعنَ في الرَّسولِ (صلى الله عليه وسلم) فلم يُمكِنهُم ذلك، فطَعَنُوا في أَصحابِهِ حَتَّى يُقَالَ: رَجُلُ سُوءٍ؛ ولَو كَانَ صَالِحًا لكَانَ أَصحَابُهُ صالِحِين»[انظر: «الصّارم المسلول» (ص581)]. فهؤلاء –ومنهم ومعهم (سلايميَّة)- شَاؤُوا أم أَبَوا: يُؤذُونَ رسولَ اللهِ (صلَّى الله عليهِ وسلَّم)، ويَتوجَّهُونَ بالطَّعنِ والشَّتمِ إلَيهِ؛ وَأنَّهُ مَخذُولٌ –نعوذُ باللهِ تعالى-. وإنَّا نَدعُوهُ إلى التَّوبةِ والإقلاعِ عَن فِعْلَتِهِ النَّكرَاء، وإلاَّ فقد لعنَهُ (=طَرَدَهُ وأبعَدَهُ) اللهُ، ولعنَهُ رسولُهُ، ولَعَنَتهُ الملائكَةُ، ولَعَنَهُ النَّاسُ كلُّهُم (دُعاءً عَلَيهِ). وإنَّا ندعُو جريدةَ (الشُّروق اليوميّ) لإبعادهِ وطَردِهِ كَفًّا لِعَادِيَتِهِ ومنعًا لتَطَاوُلِهِ، فذاكَ ما يَستَحِقُّهُ بما اجترَأَ على أَعرَاضِ المؤمنين الأوَّلِين.

ومِن خصومِ (سلايميَّة):
3 أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب (رضي الله عنه):
«عن سالم بن أبي الجعد، أنَّهُ سمع محمّد بن الحَنَفِيَّة يَقولُ: سمعتُ أَبِي –يعني عليَّ بن أبي طالب- ورَفَعَ يَدَيهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبطَيْهِ، وقَالَ: اللَّهُمَّ العَن قَتَلَةَ عُثمانَ في البَرِّ والبَحرِ والسَّهلِ والجَبَلِ- ثلاثًا يُرَدِّدُهَا»[«تاريخ المدينة» لابن شبَّة (4/1267)].
قال محبّ الدِّين الخطيب (رخمه الله): «وقد كُنَّا هُناك نُورِدُ هذه الأدلّة لنُبَرْهِنَ على أنّ عليًّا كان على مذهبِ أهل السّنّة في عثمان، وأنّه كان مِثلهم يَلْعَنُ قَتَلَةَ عثمان، وليس على ضلالةِ شِيعَتِهِ في حِقْدِهِم على عثمان، وانتصارهم لقَتَلَتِهِ، واسْتِحْسَانِهِم عَمَلَ أولئك المجرمين فيما أَحْدَثُوهُ مِن الفتنة في الإسلام....وقد عَلِمَ الإنسُ والجنّ أنّ عليًّا بريءٌ مِن مذهب الشِّيعة في عثمان، وأنّه كان يعتبرُهُ أَخًا له منذُ أَسلَمَا إلى يوم القيامة، وأنّ عائشة ومَن معها أرادوا أن يَتَعَاوَنُوا معه على إقامة حَدِّ اللهِ على الّذين انتهكوا حُرُمَاتِ اللهِ بقَتْلِ عثمان، لعنهم اللهُ وأعَدَّ لهم جهنّم وساءت مصيًرا» [التّعليق على «المنتقى من مِنهاج الاعتدال للذَّهبيّ» (ص250)]. وقالَ: «والرَّافِضَةُ تمدحُ قَتَلَةَ عثمان وتَرْضَى فِعْلَهُم مَعَ أنّ عليًّا كان يَلعنُهُم ويَلْعَنُ مَنْ يَرْضَى فِعْلَهُم، فهل يكونُ مَن يَلعنُهُم عليٌّ شِيعةً لعليٍّ؟إنَّهم شيعةُ الفِتنة أعاذنا الله منها» [التّعليق على «المنتقى» (ص272)]. ويُحاول (سلايميَّة) تضليلاً أن يُفهِمَنا أنَّ الشِّيعَة الرَّوافِض هُم على دينِ عليٍّ (رضي الله عنهُ) وهُم أَنصارُهُ، وأنَّهُ مَن لم يَكُن شِيعيًّا رَافِضِيًّا شتَّامًا للصَّحابَةِ فهو عدوٌّ لعليٍّ. أيُّ تضليلٍ هذا؟
وقالَ حافظ المغرب: ابن عبد البرّ المالكيّ في كتابه «الاِستيعاب في معرفة الأصحاب» (1/321):
«قال عليٌّ (رضي الله عنه): مَن تَبَرَّأَ مِن دِينِ عُثمانَ فقَد تَبَرَّأَ مِنَ الإِيمَانِ، واللهِ مَا أَعَنتُ على قَتلِهِ ولاَ أَمَرتُ ولاَ رَضِيتُ». وقال في (1/297): «قال عليٌّ (رضي الله عنه): لاَ يُفَضِّلُنِي أَحَدٌ على أبي بَكرٍ وعُمرَ إلاَّ جَلدتُهُ حَدَّ المُفتَرِي -أي: الكذَّاب-»[رواه ابن أبي عاصم في «السُّنَّة» (1219)].

ومِن خصومِ (سلايميَّة):
4 علماءُ الإسلام وأئمَّةُ الدِّين والأُمَّةُ بِأَسرِهَا:
فقد أَجمعُوا –وأُمَّةُ محمَّدٍ (صلّى الله عليه وسلَّم) لا تَجتمِعُ على ضلالةٍ-؛ أجمعُوا على وَلاءِ الصَّحَابَة، قال الإمام ابن أبي زيد القيروانيّ –الملقَّب بمالِك الصَّغير- في كتاب «الجامِع» (ص107و115-116): «فمِمَّا أَجمَعَت عَلَيهِ الأُمَّةُ مِن أُمُورِ الدِّيانَة، ومِن السُّنَن الَّتي خِلاَفُها بِدعَةٌ وضلالةٌ: .... أَنَّ خَيرَ القُرُونِ قَرْنُ الصَّحابةِ ثُم الَّذين يَلُونَهُم ثُمَّ الَّذِين يَلُونَهُم، كما قال النَّبيُّ عليه السَّلام. وأَنَّ أَفضلَ الأُمَّةِ بَعدَ نَبيِّها أبو بكرٍ ثُمّ عُمر ثُمَّ عُثمان ثُمّ عليّ... ثُمّ بَقِيَّة العَشَرة ثُمَّ أَهل بَدرٍ مِن المهاجرين ثُمَّ مِن الأنصار ومِن جميعِ أصحابِهِ على قَدْرِ الهِجرة والسَّابِقَة والفَضِيلة. وكُلُّ مَن صَحِبَهُ ولو ساعةً، أو رَآهُ ولو مَرَّةً فهُوَ بذلكَ أَفضلُ مِن أَفضلِ التَّابعين. والكَفُّ عن ذِكرِ أَصحَابِ رَسولِ اللهِ (صلى الله عليهِ وسلَّم) إلاَّ بخيرِ ما يُذكَرُونَ بِهِ. وأنَّهم أحقُّ النَّاسِ أن تُنشَرَ محاسِنُهم، ويُلتمَسَ لهُم أحسَن المخارِج، ويُظَنّ بهِم أحسَنَ المذاهِب. قال الرَّسولُ (صلى الله عليه وسلم): «لا تُؤذُونِي فِي أَصحَابِي، فوَ الَّّذي نَفسِي بيَدِهِ لَو أنفقَ أحدُكُم مِثلَ أُحُدٍ ذهبًا ما بلغَ مُدَّ أحدِهِم ولا نَصِيفَهُ». وقال عليه السَّلام: «إذا ذُكِرَ أصحابي فأَمسِكُوا». قال أهلُ العِلم: لا يُذكَرُونَ إلاَّ بأَحسنِ ذِكرٍ»اه.
وعلى هذا فالأُمَّةُ قاطبةً عُلماؤُها وأئمَّتُها وعامَّتُها في صَفٍّ، و(سلايميَّة) وأَصحابهُ الّذِينَ يَعرِفُهم ويُوَالِيهِم في صَفٍّ مُغايِرٍ، قال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)[سورة النِّساء/ 115].

حقائق عن (سلايميَّة) ... للتَّفكُّر:
(أ) إنَّ (سلايميَّة) يُحسِنُ المراوغَة ويُتقنُ لُعبةَ الخِدَاع، ويَتفنَّنُ في التَّضليل والأَخذِ بالعُقُولِ الضَّعيفَة في مَتَاهَاتِ الكِذب وحَجْبِهَا عن إِبْصَار نُورِ الحقيقَةِ بِظُلُماتِ البُهتَان. وبدلاً مِن أن يُحدِّثَنا عن موقفِهِ مِن كُفريَّات وضلالاتِ الشِّيعَة ومُؤامراتهم (المكشُوفَة) على الأُمَّة، ويُبَيِّن مَوقِفَهُ منها أو بَرَاءَتَهُ مِن أَن يَكونَ لهُ مَوقعٌ في هذا الطَّابُور الخامِس (كما يُقَال). نَجِدُهُ يَهربُ مِن النِّزَال، لِيَتسلَّطَ بالأَذَى ويَتعرَّضَ بالغَمزِ في مَراجِعِ الأُمَّة وحُرَّاس المِلَّة وحُفَّاظ الشَّريعَة يُشكِّكُ في عقولِهم ويَطعنُ في مرويَّاتِهِم؟ فما بقيَ مِن شَكٍّ في أَنَّهُ على دِينِ تلكم الشِّرذِمَة الَّتي طَعنت في نَقَلةِ الإسلامِ وحَملتِهِ. وراحَ (سلايميَّة) يَنفثُ شُبُهاتٍ مسمومةً ويُلقي بتشكيكاتٍ رَدِيئةٍ؛ يزعمُ أنَّهُ هَداهُ إليهَا (العقل) الّّذي جرَّدَ أئمَّة السُّنَّةِ مِنهُ، ليَصِمَهُم بأنَّهم أعدَاءُ العَقل وأضدادُ النَّظَر وَالتَّفكِير (نعوذُ باللهِ من هذا التَّطَاوُل).
فمالكَ يا (سلايميَّة) تحشرُ أنفَكَ فيما ليسَ لكَ؟ لو كنتَ طالبَ حقٍّ لرجعتَ إلى من يُعلِّمك مَعاني ما أشكلَ عليكَ وقَصُرَ عنهُ عقلُكَ (...)؟ أمَّا أن تتجرَّأَ على الشَّرع وعلى السُّنَّة الصَّحيحة فتتطَاول على ما لم يبلغ إليهِ عقلُكَ (...) وترُدَّهُ مرَّةً واحِدةً، فهذا واللهِ هُوَ الزَّيغُ والانحرافُ الّذي يَهوي بصاحبِهِ ويُسقِطُهُ على أُمِّ رأسِهِ. أمَّا علماءُ الإِسلام الّذين تَرمِيهم بإهمالِ العقل والنَّظر والتَّفكير فقد بحثوا في مُشكِلات الأحاديث–ممَّا يصحُّ أن يكونَ مُشكِلاً-؛ ممَّا يُشكلَ على مَن هُو في مثل عقلِكَ إلى مَن هُو فوقكَ بدرجاتٍ، وأزالُوا كلَّ ذلكَ وردُّوهُ إلى واضحٍ بيِّنٍ والحمدُ لله، ولكنَّهُ الجحودُ والبَغَضَة التي ملأت قلبكَ على أئمَّة الدِّين يا (سلايميَّة).
وكأنَّ شيعَتَهُ وأصحابَ نِحْلَتِهِ قد جاؤوا بُكُلِّ ما يُوافِقُ العقلَ ويُلائِمُ التَّفكِير الصَّائِب؟ فبَدلاً مِن أن يتوجَّهَ إليهم ويُجَابِهَهُم بسَخافاتهم وحماقاتهم ومُناقَضَاتِهِم الصَّارِخة للعقل، لم يَجِد (سلايميَّة) إلاَّ دِينَنَا وميراثَ علمائِنَا يُنقِّبُ فيهِ عَن المعايِب (بلا حياءٍ منهُ ولا خجل). أيُّ (بُغضٍ) و(حَنَقٍ) دَفِينَينِ تَحمِلُهُما يا هذا على هذه المِلَّة المحفوظة بحفظِ اللهِ تعالى.
ويَكفيهِ إن كانَ لهُ (عقلٌ) أن يَتفكَّرَ في هذا الكلام ويَنصحَ بِهِ لِطائفَتِهِ قبلَ أن يَنصحَ للأُمَّةِ الجزائريَّة المَغبُونَة يومَ ابتُلِيَت بأمثالِهِ: يزعُمُ الشِّيعَة الرَّوَافِض أنَّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم) أَشَارَ جِهةَ بيت عَائِشَة (رضي الله عنها)، وَقَالَ: «الفِتْنَة هَا هُنَا»... إلخ سخَافَةِ عُقُولهم –إن كانت لهُم عقولٌ-، وَفي البخاريّ عندَنا الّذِي تلقَّتهُ الأُمَّةُ بالقبول أنَّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلَّم) في مرضٍ وفاتِهِ، طلبَ أن يُمَرَّضَ في بيتِ عائشةَ أمّ المؤمِنين (رضي الله عنها)[رقم (197)]، وأمرَ أن يُصَلِّيَ أبو بكرٍ الصِّدِّيق (رضي الله عنه) بالنَّاسِ[رقم (664)]، قال الإمام ابن عقيل الحنبلي مُعلِّقًا – كما في «الإجابة» للزَّركشي (ص54)-: «انظُر كيف اختارَ لمَرَضِهِ بَيتَ البِنتِ، واختارَ لمَوضِعِهِ مِن الصَّلاَةِ الأَبَ، فمَا هذهِ الغَفلَةُ المُسْتَحْوِذَةُ على قُلُوبِ الرَّافِضَة عَن هذا الفَضل والمَنزلة الَّتي لا تَكَادُ تَخفَى عَن البَهِيمِ فَضْلاً عَنِ النَّاطِقِ»اه.
(ب) مِن مرواغاتِ (سلايميَّة) وتضليلهِ لجمهور القُرَّاء ممَّن لا يَدري، ما بثَّهٌ وكأنَّهُ حقيقةٌ دامغَةٌ –لولا قِلَّة الحَياء-: مِن أنَّنا نُعَادِي أميرَ المؤمنين عليَّ بن أبي طالب (رضي الله عنهُ) ونَشتُمُ أهلَ بيتِ النَّبيِّ (صلى الله عليهِ وسلَّم) ونُسيءُ إليهِم، ليُصَوِّرَ للغُفَّلِ والسُّذَّجِ من النَّاسِ أنَّ الشِّيعةَ قامُوا لرفعِ الظُّلمِ عن أهلِ البيتِ وأنَّهُم انتفضُوا على ممارسات وإساءات طَالَت عليًّا (رضي الله عنهُ) ومسَّت أهلَ بيتِ النُّبُوَّة، وهذا كذبٌ على جمهُور الأُُمَّة، وإنَّما وقعَ هذا مِن قومٍ سُوءٍ يُقالُ لهم (النَّاصِبَة)، أمَّا أهلُ السُّنَّة قديمًا وحديثًا -الّذِين يُسمِّيهم (سلايميَّة): (وهَّابيَّة)- فهم بَرَاءٌ مِن ذلكَ، تبرَّءُوا ممَّن يَطعن في عليٍّ ويشتُمُهُ كما تبرَّؤُوا ممَّن يَطعَنُ في أبي بكرٍ وعُمرَ وعُثمانَ ومُعاويةَ وعمرو ابن العاص ويشتُمُهُم، وهذه إِشَارةٌ للمُنصِف:
هذا الإمام الحافظ يحيى بن معين (رحمه الله): يقُولُ في أحَدِ الوُلاة: «كانَ رَجُلَ سُوءٍ، وكَانَ يَقَعُ في عَليِّ بن أبي طالبٍ –أي: يَطعنُ عليهِ ويشتُمُهُ-»[«تاريخ دمشق» (16/160)].
كما يقول في رجلٍ آخر: «رَجُلُ سُوءٍ؛ كَانَ يَشتُمُ عُثمانَ» [«تهذيب الكمال» (32/506)] سواءٌ بسواءٍ.
ويقول الإمامُ أبو داود صاحب «السُّنن» (رحمه الله) في أحد الرُّواة: «رَافِضِيٌّ خَبِِيثٌ»، وقالَ مرَّةً: «رَجُلُ سُوءٍ؛ يَشتُمُ أَبَا بَكرٍ وعُمرَ، رجل خَبِيثٌ»[«تاريخ بغداد» (7/137) و«إكمال تهذيب الكمال» (3/51)].
وقالَ مرَّةً: «إنِّي أُبغِضُ (...)» وسَمَّى رجلاً من الرُّواة، وقالَ فِيهِ مرَّةً: «كانَ يَسُبُّ عليًّا»[«إكمال تهذيب الكمال» (2/47)].

(ج) مِن تطاول (سلايميَّة) على الصَّحابَة: تَطاوُلُهُ على الصَّحابي الجليل معاوية (رضي الله عنه):
سُئل الإمام أجمد بن حنبل عن «الَّذي يَشتُمُ مُعاويَةَ: يُصَلَّى خَلْفَهُ؟ قالَ: لاَ، ولاَ كَرَامَة». [«طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (1/107)].
وقال أيضًا: «ما لَهُم ولِمُعاوِية؟ نسألُ اللهَ العَافِيَة»[السًّنَّة للخلاَّل(2/432)].
وذكر القاضي عياض في «الشِّفا» (2/55): «قال رجلٌ للمُعافى بن عمران: أَين عُمرُ بن عبد العزيز مِن معاويةَ؟ فغَضِبَ، وقالَ: لاَ يُقَاسُ بأَصحابِ النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) أَحَدٌ: مُعاويةُ صَاحِبُهُ وصِهْرُهُ وكَاتِبُهُ وأَمِينُهُ عَلَى وَحيِ اللهِ»اه.
وزاد تطاوله فزعمَ أنَّهُ كان ظالمًا وأنَّ حكومتهُ ظالمةٌ، وإليهِ ما شَهِدَ بهِ العُدُول الثِّقاتُ: روى الخلاَّل في «السّنّة»(رقم: 672) إسنادِهِ عَن أبي إسحاق السّبيعيّ، أنّه ذَكَرَ مُعاويةَ فقالَ: «لَوْ أَدركتُمُوه أو أدركتُم أيَّامَهُ لقُلتُم: كان المهديّ». قلتُ: هذا إسنادٌ صحيحٌ مسلسلٌ بالثّقات مِن رجال «التّقريب».
ويُوضّحُهُ ما رواه الخلاَّلُ –أيضًا- في «السّنّة»(رقم: 667) يإسنادِهِ إلى أبي هريرة المكتب قال: «كنَّا عند الأعمش، فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدلَهُ، فقال الأعمش: فكيفَ لَوْ أدركتُم مُعاويةَ؟ قالوا: في حِلْمِهِ؟ قالَ: لاَ والله، بل في عَدْلِهِ».
وأختمُ بما قالَ الإمامُ الشَّافعيّ (رحمه الله): «لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ، أَشْهَدَ بِالزُّورِ مِنَ الرَّافِضَةِ».اه بحمدِ اللهِ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.