أثار توقيع اتفاق حول التكنولوجيا النووية بين الجزائروفرنسا، خلال زيارة نيكولا ساركوزي الأخيرة، والذي يعد الأول الذي توقعه باريس مع دولة عربية وإسلامية، ردود فعل رافضة من داخل فرنسا وخارجها، كما نقلت صحف إسرائيلية عن خبراء بتل أبيب اندهاشهم من هذه الخطوة الفرنسية. وقالت منظمة السلام الأخضر غير الحكومية إن الاتفاق يهدف إلى تكريس نوع جديد من الاستعمار والتبعية التكنولوجية لفرنسا، ورغم أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من الاتحاد الأوروبي قال خبير بمركز أوروبي للأبحاث الإستراتيجية إن فرنسا لابد أن تفرض على الجزائر التوقيع على البروتوكول الإضافي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي يسهل مهمة مفتشي الوكالة قبل المضي في تطبيقه. الاتفاق الجزائري - الفرنسي في مجال التكنولوجيا النووية السلمية يشمل البحث وإنتاج الكهرباء والتكوين واستكشاف واستغلال المناجم، والذي اعتبره الرئيس نيكولا ساركوزي بمثابة تعبير عن "دليل ثقة" من باريس، كما أنه نموذج للدول الغربية في تعاملها مع العالم الإسلامي لقي "تحفظات" في فرنسا وخارجها وحتى من منظمات غير حكومية وخبراء. وظهر قلق أوروبي من هذا الاتفاق وحتى التقارب الفرنسي مع ليبيا والمغرب في المجال النووي، حيث عبر عن ذلك المفوض الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي خافير سولانا مؤخرا عندما أكد "أن التكنولوجيا النووية لها استعمال مزدوج وأن اليورانيوم، كما يمكن استعماله في إنتاج الكهرباء يمكن تخصيبه للتحول إلى سلاح للدمار الشامل". في الوقت الذي أعلنت دول أوروبية مخاوفها من الانتشار الواسع للتكنولوجيا النووية وخروجها عن الرقابة، وهذا ما عبر عنه دبلوماسي أوروبي بعد توقيع فرنسا لاتفاق تعاون مع ليبيا عندما أكد أن "بيع محطة نووية ليس كبيع قطار فائق السرعة (TGV)"، مضيفا أنه "بعيدا عن التجارة يجب دراسة البعد الجهوي وكذا مسألة الانتشار"، وينتظر أن يحال الاتفاق الجزائري الفرنسي على الاتحاد الأوروبي للنظر في مدى مطابقته للمعاهدة الأوروبية حول الطاقة الذرية. أما حزب "الخضر" في فرنسا، فقد اعتبر الاتفاق "تسخيرا للآلة الدبلوماسية الفرنسية لخدمة الشركات المتخصصة في التكنولوجيا النووية"، في إشارة إلى مجمع التكنولوجيا النووية الفرنسي (أريفا) الذي عاد إليه مشروع إقامة محطة نووية بالجزائر بعد عشر سنوات، فيما نددت منظمة السلام الأخضر غير الحكومية بهذا الاتفاق واعتبرته خدمة قدمها الرئيس الفرنسي لمجمع "أريفا" بشكل يجعل الجزائر في تبعية نووية لفرنسا، كما تساءلت هذه المنظمة غير الحكومية عن جدوى لجوء دول مثل الجزائر وليبيا والمغرب إلى مصدر للطاقة يعد الإقبال عليه في تراجع على المستوى الدولي، فضلا عن خطورته وثمنه الباهظو في الوقت الذي تتوفر هذه الدول، حسبها، على شروط الحصول مباشرة على طاقة متجددة. أما صحف إسرائيلية، فقد نقلت عن خبراء بتل أبيب تخوفها من هذه الخطوة الفرنسية وكذا اندهاشها من إقدام فرنسا على توقيع اتفاق للتعاون في المجال النووي بهذا الحجم لأول مرة مع دولة إسلامية، ما يعني، حسبهم، تغيرا في التوجه الفرنسي. من جهته، قال الخبير برونو تارتري المشرف على مركز الأبحاث الإستراتيجية بأوروبا في تصريحات لوكالة الانباء الفرنسية انه يجب على الدول التي توقع مع فرنسا اتفاقات للحصول على التكنولوجيا النووية السلمية مثل الجزائر التوقيع على البروتوكول الإضافي للرقابة الخاص بالوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي يعطي، حسبه، حرية أكبر لخبراء الوكالة في زيارة كل المواقع "المشبوهة"، وهو الاتفاق الذي وقعته ليبيا، كما قال، وترفض إيران تطبيقه. "وحسب علمي، فإن الجزائر لم تعتمده بعد، لذلك، فأنا أرى انه من غير العادي الدخول في تعاون نووي مع مخاطر الانتشار دون فرض التوقيع على هذا البروتوكول". واعتبر ذات المتحدث أن الحالة الجزائرية فيما يتعلق بالتكنولوجيا النووية "معقدة" ومرد ذلك، حسبه، أنها "طورت نهاية الثمانينيات 80 محطة بحث التي يمكن بسهولة ان يكون لها طابع عسكري، لذلك فالحالة الجزائرية تمثل إذن خطر الانتشار، لكن أن يتم تزويدها بمحطة نووية أم لا، فذلك لن يغير في الأمر شيئا"، يقول هذا الخبير. عبد الرزاق بوالقمح