تحل اليوم الذكرى الأولى لوفاة الرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز، زعيم اليسار في أميركا اللاتينية المناهض للامبريالية، في لحظة غير مواتية لخليفته نيكولاس مادورو، الذي يواجه منذ 4 فبراير الماضي تظاهرات احتجاج يومية على الوضع الاقتصادي نتيجة سياساته التي هي امتداد لسياسة تشافيز نفسه. ولطالما قال تشافيز إن مشروعه الاشتراكي سيستمر عقوداً، ولكن بعد عام من رحيله ها هي تركته التي ورثها مادورو تواجه أكبر موجة احتجاج منذ عقد من الزمن، ما يثير شكوكاً حقيقية حتى لدى أشرس مؤيديه بألاّ يصمد مشروعه طويلاً. وتشافيز الذي رحل قبل سنة، بعد صراع مع السرطان، حضر بقوة في التظاهرات، إذ يلومه المحتجون على الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد وغلاء المعيشة وتردّي الأمن وتفشي الجريمة ونقص المواد الاولية. ولم يحضر تشافيز في الاحتجاجات فحسب، بل استحضره مادورو في رده على حركة الاحتجاج التي اعتبرها محاولة "انقلاب"، حين تعهد بمواصلة "ثورة تشافيز" . وقال إن "لا شيء سيمنعني من بناء هذه الثورة التي تركها لنا القائد تشافيز"، مشدداً على أنه لن يتخلى عن "مليمتر واحد من السلطة التي منحني إياها الشعب الفنزويلي". ولكن مهتمين كثر في الشأن الفنزويلي يقولون إن مادورو ورث من تشافيز تركة ثقيلة وأكبر منه في بلد يتجاوز التضخم السنوي فيه 50 في المئة. ووصفت صحيفة "واشنطن بوست" سلوك مادورو بالمتخبّط مع حلول الذكرى السنوية لموت تشافيز، إذ تقيّده الشكوك في شأن استطاعته الحفاظ على النهج الثوري ''البوليفاري'' لمعلمه في ظل تفاقم الجريمة وتدهور الاقتصاد. ولفتت الصحيفة إلى أن مادورو يرتدي في معظم الأحيان مثل تشافيز ويتحدث مثله، متوقعة أن يستغل الرئيس الجديد الذكرى السنوية لتذكير الموالين لمبادئه بأنه الشخص الذي اختاره القائد الراحل. وبدأت الاحتجاجات من الأرياف وقادها طلاب، قبل أن تنضم إليهم المعارضة السياسية التي تدعو الى الخروج الى الشوارع لإسقاط الحكومة المنبثقة عن انتخابات أفريل 2013، والتي رفعت شعارات تندد ب"قمع" قادتها. وتعتبر الاحتجاجات الأكبر في فنزويلا خلال عقد من الزمن، وأصبحت الاختبار الأصعب لمادورو منذ انتخابه بعد وفاة تشافيز. وعلى عكس سلفه، واجه مادورو الاحتجاجات بالقوة، إذ تعرّض رجال الأمن الوطني للمحتجين بالضرب وأطلقوا الرصاص واستخدموا العنف مع مصوري القنوات التلفزيونية، ما أسفر عن مقتل 18 شخصاً وسقوط أكثر من 260 جريحاً، بينما واجه تشافيز الاحتجاجات التي شهدها حكمه غالباً بتنظيم مسيرات حاشدة لمؤيديه ليذكر المعارضين بأن جموع الفقراء يقفون إلى جانبه، وحتى الانقلاب لم يدم طويلاً في عام 2002. وكما كان متوقعاً، اتهم مادورو واشنطن بدعم المتظاهرين المناهضين للحكومة، وطرد ثلاثة موظفين قنصليين من القنصلية الاميركية في كراكاس اتهمهم بدعم المحتجين، وهي اتهامات اعتبرتها واشنطن "كاذبة ولا اساس لها"، قبل أن ترد بعد أيام بطرد ثلاثة دسبلوماسيين فنزويليين. بعد عام على وفاة تشافيز، لا يزال العشرات من المواطنين يتقاطرون يومياً على ضريحه الذي يعلو تلّة تطل على وسط كاراكاس. والضريح المصنوع من الرخام موجود في ثكنة عسكرية قديمة، ويحرسه جنود يرتدون زياً عسكرياً كان المفضّل لدى بطل الاستقلال سيمون بوليفار الذي قال عنه تشافيز يوماً إنه "حي ونحن شعلته".