يعيش التلميذ خالد بوترعة وضعا مأساويا أملته ظروف عائلته الاجتماعية المتردية وتنصل الأب من مسؤولياته تجاه العائلة المتكونة من سبعة أفراد، وزاد الأمر سوءا إصابته بفيروس "ڤيلان باري" الذي بسبب شلل العضلات، لينقطع عن دراسته بالسنة الرابعة متوسط منذ أكثر من شهر على إثر دخوله قسم العناية المركزة بمستشفى باب الوادي. يتواجد خالد بوترعة البالغ من العمر 17 سنة منذ خروجه من المستشفى بمنزله بقبو أحد مستودعات تخزين الخمور وتخميرها الذي شيده المستعمر الفرنسي منذ أكثر من قرن، حيث صار عاجزا عن الحركة تماما خصوصا على مستوى النصف السفلي، بينما تحسنت عضلات يديه بعض الشيء مما سمح له بتناول الأكل بنفسه بعدما كانت والدته أو شقيقته تقدم له الأكل والشرب.وكشفت زيارتنا لبيت خالد بمزرعة سي الدوادي ببلدية أحمر العين، عن حجم معاناة عائلة المتكونة من سبعة أشخاص قبل أن يهجرهم الأب الذي أهمل العائلة منذ حوالي 10 سنوات. وجدنا خالدا بغرفة نومه مستلقيا على الأرض لا يقوى على الحركة وهو في حالة نفسية متردية جدا، وبدأ يروي معاناة عائلته مع لقمة العيش وكيف كان يتحدى الصعاب من أجل دراسته التي كان متفوقا فيها إلى غاية إصابته بفيروس ڤيلان باري الذي يسبب شلل العضلات. قال خالد »كنت أعتقد أن هذا الفيروس ناتج عن المكان الذي نسكنه لأنه كان مكانا مخصصا لرمي القمامة، ضف إلى ذلك أنه يتواجد بقبو مستودع تخزين الخمور وتخميرها إبان الاستعمار الفرنسي، غير أن الأطباء أكدوا أن هذا المرض لا علاقة له بذلك«. خالد أُدخل مستشفى باب الوادي منذ حوالي شهرين، مكث بقسم العناية المركزة لمدة 17 يوما وبعد أن تحسن وضعه غادر المستشفى لكنه لم يتمكن من الالتزام بتوصيات الأطباء بشراء الدواء وممارسة الرياضة بالمراكز المتخصصة بسبب الفقر المدقع الذي تعيشه العائلة، وبعد فترة من حديثنا مع خالد دخلت والدته التي كانت تبحث عن لقمة العيش، خاصة وأن والدته توقفت عن العمل في إطار الشبكة الاجتماعية بالمدرسة المجاورة للمنزل، وصارت العائلة بدون دخل ليزيد مرض فلذة كبدها خالد الأمر تعقيدا، لتضطر للجوء إلى ذوي القلوب الرحيمة لسد رمق أبنائها الأربعة بعد ذهاب ابنها البكر لتأدية الخدمة الوطنية. وقبل مغادرة القبو، حاولنا الرفع من معنويات خالد الذي أبدى عزيمة للعودة إلى مقاعد الدراسة سيما وأنه مشرف هذه السنة على اجتياز امتحان شهادة التعليم المتوسط، آملا في النجاح لكن الوالدة ختمت حديثها معنا بنداء إلى ذوي القلوب الرحيمة للنظر في وضعهم الاجتماعي ومد يد المساعدة لهم.