عقب الهيجان الذي أحدثته قضية الدينار الذي يحمل صورة الجرار، الذي تحوّل إلى عملة نادرة تهافت عليها الناس في ربوع الوطن، تمكنت أول أمس مصالح الدرك الوطني بالمسيلة، من فك خيوط هذا اللغز، والتعرف على مصدر هذه الخرافة التي آمن بها الكثير رغم أنها خدعة مبتكرة من شخص ينحدر من ولاية ڤالمة. هذا المحتال الذي تجاوز الخمسين من العمر، كان أول من نشر فكرة الدينار الذي يحمل صورة الجرار، فادعى بدهاء أن هذه الوحدة النقدية تحوي مادة الزئبق ويمكن استغلالها في طقوس الشعوذة، وصرح بأنه مستعد لشراء هذا الدينار بأي ثمن، وهي الفكرة التي روّج لها بإحكام، فأصبحت الشغل الشاغل وسط العديد من الناس، وقام فعلا بشراء هذه العملة النقدية بمبالغ مختلفة أدناها لا يقل عن 100 دج، فانتشرت القضية كالسيل، وتحوّل الدينار المذكور إلى كنز مفقود يبحث عنه الجميع. دهاء الرجل دفع به إلى نشر الفكرة خارج ولايته فتنقل إلى ولاية سكيكدة، أين اقترح المشروع على شاب في الثلاثين من العمر، وطلب منه أن يوفّر له الدينار ليشتريه منه بقيمة 2000 دج بشرط أن يوفر له أكبر كمية ممكنة. فبدأ هذا الشاب المهمة وأصبح يصطاد هذه العملة في كل مكان، وبالمقابل قام الرجل المحتال بنشر هذه العملة في محيط هذا الشاب، فيبيعها للناس الذين يعرفونه بمبلغ 900 دج، وهم بدورهم يبيعونها للشاب المعني بقيمة 1000دج، وتمكن فعلا هذا الشاب المنخدع من جمع 10 آلاف وحدة نقدية من هذا الدينار، أي ما يعادل 1 مليون سنتيم، والتي اشتراها بقيمة 100 مليون سنتيم، وهو لا يعلم أن أغلبيتها مصدرها ذلك الشخص المحتال، الذي من المفروض أن يبيعها له بقيمة 200 مليون سنتيم، ثم نسجها ذات الشخص مع العديد من الشبان ولذلك راجت فكرة جمع الدينار في الفترة التي سبقت الانتخابات، لكن بعد ما جمع الشاب البطل هذه النقود، حاول الاتصال بصاحب الفكرة فإذا به يفاجأ بهاتفه مغلق وفي كل مرة تأتيه رسالة صوتية لا يمكنكم إجراء هذه المكالمة. ورغم تعدّد المحاولات لم يتمكن الشاب من الاتصال بصاحبه، فظل يبحث عنه في كل مكان دون أن يعثر له على أثر. وتذكر بأنه كان يأتيه رفقة شاب آخر ينحدر من ولاية المسيلة، فاتصل به وأخبره هذا الأخير، بأنه بإمكانه أن يأتيه بالنقود كاملة، لشرائها وبيعها في ولاية المسيلة، ودون تردّد شد الشاب السكيكدي الرحال محملا بالوحدات النقدية المقدّر عددها ب 10 آلاف وحدة، لكن أثناء رحلته تصادف مع حاجز أمني لرجال الدرك ببلدية برهوم في ولاية المسيلة، أين تم توقيف سيارته صدفة لإخضاعها لتفتيش عادي، وحينها تم العثور على الكيس المعبأ بالدينار، وعند استفساره عن سرّ هذه النقود، حاول التملص، لكن بعد إخضاعه للتحقيق، اعترف بالقصة من بدايتها إلى نهايتها، كما تم استدعاء زميله الذي تنقل إليه في ولاية المسيلة للتحقيق معه، وفي كل مرة يظهر شخص له صلة بالقضية، حيث تمكنت مصالح الدرك من الاستماع إلى 23 شخصا من مختلف الولايات. واتضح أن هؤلاء اشتروا الدينار وباعوه بمختلف الأثمان، فتمت إحالتهم على التحقيق، لكن لا أحد تمكن من الاتصال بالكهل الڤالمي صاحب الفكرة الذي اختفى عن الأنظار وأغلق هاتفه، ولم يتمكن أي شخص من الوصول إليه، لكن بالمقابل تم كشف مصدر قضية الدينار الذي يحمل صورة الجرار الذي حير الجميع، فاتضح بأن الأمر يتعلق بخدعة ابتكرها شخص محتال تتعلق بعملة نقدية عادية لا زئبق فيها ولا شيء يستحق الاهتمام، وهي نفس الفكرة التي راجت حول المهراس الذي يحمل رمز النجمة، والظاهر أن كل هذه الحكايات وما شابهها هي من ابتكار أشخاص محتالين يروجون لها، مستغلين شراهة بعض الطماعين من أجل كسب المال بطرق ملتوية.