كان يجب أن نتقمص مهنة أخرى للولوج إلى مركز حماية الطفولة المسعفة الكائن بحي إحدادن ببجاية وعلى بعد أمتار من مديرية النشاط الاجتماعي للولاية، بحكم أن القانون الداخلي لهذه المؤسسة التي تخفي أخطر »طابوهات« المجتمع يمنع دخول أي غريب عن القطاع، كما يحظر إدخال آلات التصوير. وقد اغتنمنا فرصة تنقل فريق من المكتب البلدي لاتحاد الشبيبة الجزائرية رفقة الثنائي المهرج »نسيمة وياسين« لندخل المؤسسة وننقل أهم ما استقيناه من معلومات وأرقام حول عالم هذه الشريحة. بداية معاينتنا كانت بجناح الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين العامين والست سنوات كانوا في قاعة خاصة للعب ينتظرون نشاط المهرجين. وأفادنا مؤطرو المركز أن عدد الأطفال المسعفين يقدر ب 31 طفلا، بينهم 15 رضيعا. وعلمنا أنه منذ بداية هذه السنة فقط تم إسعاف ثمانية رضع تم العثور عليهم بالشوارع والأحراش، ومن مجموع هؤلاء يوجد اثنان تحت الرقابة الطبية بمستشفى بجاية بعدما عجز الفريق الطبي التابع للمركز عن علاجهما.وسجلنا أيضا وجود أطفال متخلفين عقليا يقدر عددهم بثلاثة تتجاوز أعمارهم العامين، ورضيعين لم نتمكن من رؤيتهما. وكشفت لنا سيدة وجود رضع مشوهين بسبب عدم خضوع أمهاتهم للمتابعة الطبية خلال فترة الحمل وبعضهن كن مدمنات على الخمور والمخدرات. سيدة أخرى كانت تتحدث إلى رئيس البلدية ونوابه استرسلت في تحليلها للظاهرة لتقول إنه لولا طلبات التكفل التي تتهاطل على إدارة المركز لارتفع العدد إلى ثلاثة أضعاف، والتمست من سلطات البلدية التحرك العاجل عبر تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية في جميع المؤسسات التعليمية.وقد أبدى نائب »المير« المكلف بالشؤون الاجتماعية استعداده للاستجابة لأي نداء يدخل في إطار التكفل بتنظيم ندوات وحملات إعلامية للحد من هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع.وتكشف بعض المصادر أن ظاهرة الولادات غير الشرعية التي تعرف اتساعا خطيرا قد انتقلت إلى المناطق الريفية، وهو ما يترجمه عدد القضايا التي فصلت فيها المحاكم أو التي جدولتها محكمة الجنايات لهذه الدورة. وبرأي ذات المصادر، فإن عدد الأمهات العازبات يقدر بالمئات خاصة اللائي يتواجدن بالملاهي والحانات أغلبهن أمهات لأطفال يتم التكفل بهم خارج الأطر القانونية.والشيء البارز الذي وقفنا عنده خلال تواجدنا خفية بمركز حماية الطفولة المسعفة ببجاية ،الإرادة التي يتحلى بها المؤطرون وجودة الخدمات المقدمة وتوفير جميع المرافق والتجهيزات للعناية بهذه الشريحة المحرومة من حنان ودفء الوالدين. ومعلوم أن المركز قد دشن سنة 2003 من طرف وزير التضامن، وقبل هذا التاريخ كان مستشفى خليل عمران قد خصص جناحا خاصا للطفولة المسعفة إثر غلق مركز سابق إثر تعرض طفل لعضة فأر سنة 1993 من فرط التسيب والإهمال ونقص التأطير.