أجهض الرئيس الأمريكي جورج بوش حق العودة عن الفلسطينيين المشردين في العالم منذ اغتصاب أرضهم من طرف إسرائيل عام 1948، وذلك من خلال دعوته إلى القبول بما أسماه "آلية تعويضات" للاجئين الفلسطينيين "أكثر من أربعة ملايين" كبديل عن عودتهم إلى أراضيهم. كما دعا بوش خلال زيارته إلى رام الله يوم الخميس الدول العربية إلى السعي للتواصل مع إسرائيل في إشارة إلى تطبيع العلاقات، واعتبر أن "مثل هذه الخطوة تأخرت كثيرا". وما دون ذلك فقد تحدث بوش الذي وصل الأربعاء إلى تل أبيب، أمام رجال السلطة الوطنية الفلسطينية عن السلام والدولة الفلسطينية الموعودة التي قال أنها ستؤدي إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة، وخاصة المساهمة في توفير أمن إسرائيل التي جدد القول أنها وطن لليهود. وذكرت بعض التقارير الإخبارية من جهة أخرى، أن بوش أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت الضوء الأخضر لتنفيذ هجوم واسع على قطاع غزة في إطار ما سماه الإسرائيليون "تصفية خلايا الإرهاب التي تطلق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية في النقب الغربي". وفي المقابل، لم يمارس رئيس القوة الأولى في العالم أي ضغوط جدية على الجانب الإسرائيلي من أجل وقف الأنشطة الاستيطانية مثلما تنص على ذلك خطة "خريطة الطريق"، مكتفيا بالقول أن "أي اتفاق يجب أن ينص على إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 ..". بوش الذي سيعود إلى الشرق الأوسط مرة أخرى من أجل تشجيع التوصل إلى اتفاق سلام قبل نهاية عهدته، كان قد خرج عن الأصول البروتوكولية خلال زيارته إلى رام الله بالضفة الغربية. حيث تجاهل ضريح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ولم يستمع للنشيد الوطني الفلسطيني، كما هو معتاد في العرف الدبلوماسي الدولي. ولكن الرئيس الأمريكي، زار الجمعة رفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت متحف الهولوكوست الذي يخلد ذكرى المحرقة التي تعرض لها اليهود على يد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية. وهناك وقف بوش الذي ارتدى القلنسوة اليهودية، مطرق الرأس ودامع العينين، ثم وضع باقة زهور تكريما لذكرى ضحايا المحرقة. ومن جهة أخرى، وفي دليل على تدينه الذي لا يخفيه، زار بوش "المسيحي" مدينة بيت لحم وصلى في كنيسة المهد وسط إجراءات أمنية مشددة وكذلك وسط رفض شعبي عبر عنه العديد من المواطنين لوكالات الأنباء. كما زار بوش الأماكن التي لها علاقة بالسيد المسيح الذي يصفه بأنه "فيلسوفي المفضل" ويشدد على أن تعاليمه تلهم سياساته، بما في ذلك سياساته المثيرة للجدل.. وقد واصل الرئيس الأمريكي أمس الجمعة جولته الشرق الأوسطية بزيارة الكويت التي سيتبعها بكل من البحرين، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية ومصر. ويسعى بوش من خلال المرحلة الثانية من جولته للحصول على تأييد زعماء الدول التي يزورها لكبح جماح إيران. وفي هذا الصدد يرى العديد من الخبراء الدوليين أن الهدف الحقيقي من وراء زيارة بوش إلى المنطقة هو حشد الدعم لهجمة عسكرية أمريكية إسرائيلية على إيران، رغم أن الاستخبارات الأمريكية أعلنت في ديسمبر الماضي أن هذه الدولة أوقفت برنامجها النووي للأغراض العسكرية في 2003، وبرأي هؤلاء الخبراء، فإن حادث الخليج يدخل ضمن هذا الإطار، حيث تسعى واشنطن لإقناع حلفائها العرب بضرورة التصدي للهيمنة الإيرانية. وكانت واشنطن قد أعلنت الاثنين الماضي أن زوارق إيرانية سريعة تحرشت بسفن حربية أمريكية في مياه الخليج، وكادت أن تؤدي إلى مواجهة بين الجانبين. وقد أشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن بوش أبدى لأولمرت خلال اجتماعهما استعداده لبحث إمكانية شن عمل عسكري ضد إيران، كما عرض أولمرت ما اعتبره "أدلة دامغة" على مواصلة إيران تطوير برنامجها النووي، من خلال وثائق وتحاليل وصور التقطت عبر الأقمار الاصطناعية وجمعتها الاستخبارات الإسرائيلية. ل/ل