أكد مصدر من وزارة البريد وتكنولوجيا الاتصال، أن إخراج 3 ملايين شريحة هاتف نقال مجهولة الهوية، تدور حاليا في السوق، من "السرية" إلى العلن يشكل تحدّ كبير للسلطات بسبب الخطر الذي تشكله سواء على الأمن أو الاقتصاد وحتى سلامة الزبائن الآخرين، حيث كشف أنه بإمكان جمع 200 خط هاتفي مجهول الهوية، لتشكيل "شبكة للتجسس" تكون خارجة تماما عن إطار المراقبة. إلى غاية موعد تسوية وضعية كل الشرائح التي تعمل حاليا وتحديد هوية أصحابها، المقرر لنهاية الشهر الحالي، حسب مصادر غير رسمية، تبقى هذه الخطوط وتمثل من 10 إلى15 % من مجموع خطوط المتعاملين الثلاثة، مصدر قلق على أمن وسلامة الأشخاص والممتلكات، حيث سبق للجماعات الإرهابية أن استعانت بها في تنفيذ عمليات تفجيرية عن بعد مثل ما هو معلوم، بل وتعدت ذلك إلى استعمالها كطريقة سهلة ومتطورة من قبل العناصر الإرهابية في الاتصال فيما بينها والتخطيط والتنفيذ.وليست شبكات الإرهاب هي وحدها من يستعمل تلك الخطوط المجهولة الهوية، بل شبكات تهريب المخدرات والتجارة غير الشرعية والجريمة المنظمة والهجرة السرية أيضا، لسهولة قضاء الحاجة بها والاتصالات ومتابعة تنفيذ المخططات الإجرامية، ثم التخلص من هذه الشرائح ببساطة لا متناهية، عن طريق إتلافها أو رميها، دون أن يكون بعد ذلك أثر لأصحابها ولا لمن استعملها، حتى وإن كان بإمكان المتعامل تحديد موقع انطلاق المكالمة بصورة قريبة من الدقة.وللعلم فإن هناك كثيرا من الخطوط الهاتفية تمتلكها شخصيات وأشخاص "مهمون" ومسؤولون وشركات كبرى، يتمسكون بإبقائها "في السرية" نظرا للأهمية، ولأنهم يقضون عن طريقها مصالح ويبرمون صفقات دون أن تكون معلنة للمتعامل الذي تتبع إليه خطوطهم، كما تمكنهم هذه الخطوط من الحفاظ على السرية التي تقتضيها صفاتهم الرسمية ومراكزهم وطبيعة أعمالهم وصفقاتهم، خاصة عندما يتعلق الأمر ب"أسرار الشغل"، حيث شوهد صاحب شركة من كبرى شركات القطاع الخاص وهو يحمل حقيبة تحوي عدة هواتف نقالة، من بينها خط معروف والبقية مجهولة، يقضي عن طريقها مصالح شركته وأسرارها دون أن يكشف أحد هويتها.كما تشكل تلك الشرائح مصدر قلق لأجهزة الأمن، بسبب استعمالها من قبل أشخاص مشبوهين للقيام بأعمال خارجة عن القانون، مثل التهديدات وترويع أشخاص آمنين أو البلاغات الكاذبة أو إبرام اتفاقات مشبوهة تكون على أساس مخالفة الآداب العامة والنظام العام، والأدلة على المضايقات والإزعاج الذي يتعرض له الأشخاص وخاصة النساء موجودة ومدى خطورتها على أمن الأشخاص والعائلات.ويذكر أنه قد صدر سنة 2006 قانون يبيح لمصالح الأمن مراقبة والتصنت على الرسائل والمكالمات الهاتفية لفائدة التحريات والتحقيق، لكن ذلك لا يكون إلا في إطار قضايا يحقق فيها الأمن ولا يمكن للأشخاص التدخل بصفاتهم الشخصية للكشف عن المضايقات التي يتعرضون إليها.فبالنسبة لمراقبة الخطوط مجهولة الهوية، أكدت مصادر من عند المتعاملين الثلاثة أن مراقبتها ليست أولوية بالنسبة للشركة، لأن الهدف تجاري، ثم يدخل في إطار حرية الزبائن، لكن بإمكان المتعامل أن يتدخل لمعرفة موقع انطلاق المكالمة بنحو 100 متر من خلال أثرها على الشبكة، إذا ما طلبت مصالح الأمن ذلك وليس الأشخاص، ولا بد أن يكون طلبها رسميا، فحتى لو استعمل صاحب الخط المجهول رقما "مخفيا" يمكن للمتعامل تحديده ومكان انطلاقه، لكن بنحو 90 % جغرافيا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن صاحب المكالمة بعد إجرائها، يمكن أن يتخلص من الشريحة بعد استعمالها برميها أو إتلافها. وأكدت مصادر عليمة، من جهتها، أن جميع شبكات الهاتف النقال التي تقام على التراب الوطني هي مسألة أمن الدولة والسيادة قبل كل شيء، وبالتالي فإن الاتفاقات المبرمة بين الطرفين تمكن أجهزة الأمن من تزويد هذه الشبكات بمعدات خاصة للمراقبة الأمنية تمكن ضبط المكالمات والتحركات المشبوهة في حال ما استدعت الضرورة ذلك، وهي أكثر دقة من أجهزة المتعامل نفسه.