السؤال:أنا مقيمة بفرنسا، وأخبرني الطبيب الخاص بي وهو فرنسي غير مسلم أن الصيام يؤثر على صحتي، ونصحني بالإفطار، فهل أعمل بنصيحته، أو لابد من الفحص عند طبيب مسلم؟ الجواب: لا يشترط في الخبرة الطبية أن يكون الطبيب مسلما، وإنما اشترط فيه الفقهاء أن يكون ثقة مأمونا، وأن يكون حاذقا، أي عارفا بمهنة الطب، والأفضل أن يكون مسلما، قال خليل في مختصره في مبيحات الإفطار: "وَبِمَرَضٍ خَافَ زِيَادَتَها وتَمَادِيهِ"، وعلق عليه العدوي في حاشيته على الخرشي بقوله: "إما بقول طبيب عارف ولو ذميا عند الضرورة، كما قالها لبدر، أوعلم ذلك في نفسه بتجربة"، وقال الإمام النفراوي في شرح الرسالة عند كلامه عن المرض المبيح للتيمم ما نصه: "علم مما قدمنا أن مثل المتلبس بالمرض الصحيح إذا كان يخشى حدوث مرض باستعمال الماء كحمى أونزلة فإنه يتيمم، لكن لا يتيمم واحد من المريض ومن ألحق به بمجرد خوفه، بل لابد من استناده إلى تجربة من نفسه، أو إخبار طبيب حاذق، ولو كافرا مع عدم المسلم، إلا أن يكون الكافر أعرف"، وعليه، فإن الطبيب المختص ولو كان كافرا إذا عاين المريض وشخص حالته ومنعه من أداء عمل قد يكون فريضة، يُؤْخَذُ بقوله ويُعْمَلُ بتوجيهاته، والله تعالى يقول: "وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ".
السؤال:لنا جدة مريضة لا تقدر على الصيام، ونحن نخرج عنها كل يوم طعاما مطبوخا من إفطارنا لعائلة فقيرة، فهل هذا كاف؟ الجواب: العبرة في الفدية هو الإطعام، سواء قدمه نيئا أو مطبوخا أو أخرج قيمته، وسواء أطعم مسكينا كل يوم أو أطعم الجميع في يوم واحد، كل ذلك مجزئ إن شاء الله تعالى، فقد روى الدارقطني عن أيوب عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أَنَّهُ ضَعُفَ عَنْ الصَّوْمِ عَامًا فصَنَعَ جَفْنَةً مِنْ ثَرِيدٍ وَدَعَا ثَلاثِينَ مِسْكِينًا فَأَشْبَعَهُمْ".
السؤال: لما أنوي الصيام في الليل هل المطلوب أن أتلفظ بالنية وأقول: نويت صيام غدا أو صيام يوم كذا؟ الجواب: يكفيك استحضار نية الصوم في قلبك من غير تلفظ، لأن التلفظ بالنية غير مشروع، وهو من المكروهات، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تلفظ بالنية، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابةرضي الله عنهم، ولا استحبه الأئمة المقتدى بهم رحمهم الله.
السؤال: بعض الناس يتعاطى المخدرات في سهرات رمضان ثم يصبح صائما، فما هو حكم صيامه؟ الجواب: المخدرات بكل أنواعها حرام، ومن تعاطى مخدرا فهو آثم لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُو َالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَاب ُوَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، لأن المخدرات تُذهب العقل، فهي أخت الخمر في الإثم والعصيان، وروى أحمد وأبو داود بسند صحيح عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ"، والمفتر هو كل ما يورث فتورا في الجسم وضعفا وانكسارا وتخديرا في الأعضاء، وأئمة العلم متفقون على تحريم المخدرات بجميع أنواعها، سواء كانت طبيعية أو مصنعة، وهذا الذي يتعاطى المخدرات في ليالي رمضان لم يستفد من صومه، صام في نهاره عن الحلال ثم أفطر على الحرام، وبدأ يومه بطاعة وختمه بعصيان، فأفسد عمله وأحرف حسناته، وهو ولا شك ممن عناهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ"، أما عن حكم صيامه، فإنه إذا زال وعيه وفقد إدراكه حتى دخل الفجر لم يصح صومه، ووجب عليه الإمساك وقضاء ذلك اليوم، لأن من شروط الصوم تبييت النية قبل الفجر، وهو لم ينو الصيام، ولا تنفعه النية السابقة، لأنها انقطعت بزوال العقل، فوجب تجديدها، فإن استفاق من سكره وزال عنه أثر التخدير قبل الفجر ونوى الصوم صح صومه ولم يؤمر بالقضاء، فإن لم ينو الصوم لم يصح منه ووجب عليه أن يقضي.
السؤال: هل سماع الموسيقى يبطل صوم المسلم؟ الجواب: سماع الموسيقى ليس من مبطلات الصيام، ولكنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وهي بريد الزنا ومثيرة للشهوة وداعية إلى الفاحشة وموقعة في شراك الحب والهوى، ولذلك حرمها أكثر العلماء سدا لذريعة الفساد، وقد كان ابن مسعود رضي الله عنه يقسم بالله أن المقصود بقوله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيل ِاللَّهِ بِغَيْر ِعِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ" هو الغناء، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نَزَلَتْ فِي الْغِنَاءِ وَأَشْبَاهِهِ"، وروى البخاري في صحيحه عن أبي عامر وأبي مالك الأشعري رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِر وَالحَرِيرَ وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ".
السؤال: اعتدت أن أغتسل في الصيف عدة مرات لأشعر بالانتعاش، فهل يجوز لي فعل ذلك في رمضان؟ الجواب: الأصل في هذا الجواز، ولا يوجد دليل يمنع الصائم من الغسل أثناء الصيام، ولو كرره في اليوم عدة مرات، ولو قصدت باغتسالك التقوي على الطاعة والنشاط في العبادة لكنت مأجورا بذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُل امْرِئٍ مَا نَوَى".
السؤال:هل دلك البدن بزيت الزيتون يفطر الصائم؟ الجواب:لا بأس أن بدلك الإنسان رأسه أو بدنه بزيت الزيتون أو غيره من الدهون ما دام ذلك لا يصل إلى حلقه، لأن الفطر إنما يحصل بما وصل إلى الحلق.