ألقى تجمهر طلبة الثانويات في كل مكان بتداعياته على المجتمع الجزائري، وجعل الكثير من الجزائريين يتذمرون من تصرفات بعض "المشاغبين" في الأماكن العمومية وفي الحافلات والطرقات. والغريب أن بعض الطلبة يجهلون سبب إضرابهم! فبعضهم فرح بعطلته الاستثنائية، وأخريات وكأنهن مدعوات لفرح إذ تجدهن يزغردن داخل الحافلات وكثير منهم وجدها فرصة للتجول في الأسواق. لتصبح عبارات مثل "جيل ستار أكاديمي" و"فاشلون يريدون التهرب من الدراسة" تتردد على أفواه الكثير من المواطنين. إن كان الكثير يؤيد احتجاجات طلبة الثانويات ويتفهم مطالبهم بسبب البرنامج المكثف المفروض عليهم خلال السنة الدراسية الجارية كنتيجة للإصلاحات الجديدة لوزارة التربية، فهناك كثافة أكبر يعاني منها تلاميذ المرحلة الابتدائية أكثر من غيرهم، وللتحقق فما عليك إلا مشاهدة أي تلميذ بعد خروجه من مدرسته وهو يحمل محفظة بل قل حقيبة سفر كبيرة تكاد أضلعه تتمزق من حملها ولا تقوى حتى رجلاه على حمله. طالبات يزغردن داخل الحافلات، وغرباء يندسون مع الطلبة وإن كان من داع للاحتجاجات فلابد أن تكون داخل ساحات المدارس أو في مكان محدد ودون إحداث فوضى للمارة، احتراما لمصالح الأشخاص، أما أن تغزو قوافل الطلبة الأماكن الحيوية مثل محطات الحافلات فهو ما انزعج له المواطنون بمختلف فئاتهم، وجعلهم ينعتون بعض الطلبة بشتى الأوصاف. ولكن الأغرب أن بعض هؤلاء المعنيين يجهلون سبب احتجاجهم، بل وجدوها ذريعة للترويح عن أنفسهم وفقط، إذ وصل الأمر إلى حدّ اندساس أشخاص غرباء داخل تجمعات الطلبة لإحداث الفوضى. فمحطة حافلات باش جراح عاشت منذ بدء الاحتجاجات تدفقا كبيرا لتلاميذ هجموا على الحافلات لامتطائها لملاقاة زملائهم في مناطق اتفقوا عليها مسبقا، وهو ما حرم المواطنين من نساء ورجال وكبار السن المتوجهين لعملهم من امتطاء الحافلات، فإحدى هذه الحافلات التي كان في انتظارها جمع من المواطنين احتلها الطلبة عن آخرها وعند إقلاعها بدأت الطالبات في إطلاق زغرودات أثارت حيرة الجميع، حيث نطق أحد الرجال مُستغربا "إنه جيل ستار أكاديمي"، فيما حركت إحدى العجائز رأسها وهي تنظر للباس بعض الطالبات الذي يليق بالأعراس، لتنفجر غاضبة "إنهم الفاشلون في دراستهم ليس إلا، همهم الوحيد جعل هذه السنة الدراسية بيضاء ليتخلصوا من هموم المراجعة". أما شيخ آخر فصرح "إنهم لا يدرون ما يريدون". طلبة يجهلون سبب احتجاجهم ووسط كل تلك التعليقات، اقتربنا من مجموعة من الطالبات تجمعن بمحطة الحافلات بالقبة واللواتي كن يتشاورن مع بعضهن للدخول إلى السوق الشعبي، لكن إحداهن رفضت ذلك. ولما سألناها عن وجهة هاته القوافل من الطلبة، ردت بكل عفوية "لا أدري". وعن سبب قيامهم بهاته الاحتجاجات أجابت بالسؤال نفسه "لا أدري"! الغرباء عن مقاعد الدراسة هم الآخرون وجدوها فرصة للفرجة، ففي حافلة نقل المسافرين المتوجهة من القبة نحو ساحة أول ماي وعند اقترابها من تجمع للطلبة ب "رويسو" صاح أحد الراكبين بأنها طريقة فوضوية للمطالبة بالحقوق، ليرد عليه أحد الشباب بأنه يساند هكذا تجمعات وأنه لو كان خارج الحافلة لانضم إليهم، ليهمس له صديقه في أذنه "ولكنك طردت من مقاعد الدراسة مبكرا"، فانفجر الشاب ضاحكا واسترسل في سرد ما وقع له أمس لما انضم إلى تجمع للطلبة وكيف اقترب منه شرطي وألقى عليه محاضرة في التنظيم. وتبقى هاته المواقف التي سردناها تخص فئة من الطلبة لا غير، حيث يوجد الكثير منهم ممن التزم بأدبه وحافظ على أخلاقه أثناء الاحتجاج، ورفض مثل هذه التصرفات الهجينة التي أساءت لسمعة طلبة الثانويات. نادية سليماني