تحدث مدرب المنتخب الوطني لكرة اليد كمال عقاب عن الهزيمة النكراء التي تجرع مرارتها الخضر أمام المنتخب التونسي في الدور نصف النهائي من بطولة إفريقيا، وعن التحفيزات الهزيلة التي منحت لعناصر المنتخب الوطني مقارنة مع المنتخبات الأخرى المشاركة في هذه المنافسة. كما أكد في هذا الحوار الذي خص به الشروق انه قد يضطر إلى رمي المنشفة في حالة بقاء الأمور التنظيمية للمنتخب على حالها. * نبدأ من الهزيمة النكراء التي مني بها الخضر أمام المنتخب التونسي في نصف نهائي البطولة الإفريقية، فما هي الأسباب التي أدت بكم إلى الانهزام بفارق 16 هدفا؟ - قبل مواجهة تونس تكلمت مع اللاعبين وطالبتهم بالفوز، وصراحة دخلنا مباراة نصف النهائي على أمل تحقيق فوز والتأهل إلى الدور النهائي، لكن الأمور لم تسر كما خططنا، وتلقينا هزيمة نكراء لعبت فيها خبرة اللاعبين التونسيين وتحضيرهم الجيد دورا كبيرا. * لكن ما هو السبب المباشر لتلقي أكثر من 40 إصابة؟ - أنا ضد فكرة فوز مشرف أو انهزام مشرف، فالقاموس الرياضي لا يحمل في طياته جملة انهزام مشرف، فأنا اعتبر الهزيمة بفارق هدف أو بفارق أوسع هزيمة وكفى. فتحضيراتنا المتذبذبة، لم تمكنا من مجاراة وتيرة التونسيين الذين شحنوا بطارياتهم جيدا لموعد لواندا. * لكن المنتخب الوطني كان قد انهزم بفارق ثلاثة أهداف فقط أمام الفراعنة الذين توجوا بعد ذلك باللقب؟ - صحيح، لعبنا مباراة جميلة جدا أمام المنتخب المصري لكننا خسرناها، فمنتخبا مصر وتونس حضرا جيدا للمنافسة ويملكون تشكيلة بإمكانها لعب خمس أو ست مباريات بنفس الوتيرة، بالمقابل المنتخب الجزائري قادر على لعب مباراة في القمة والسقوط بعد ذلك لنقص التحضير وفارق الخبرة. * وما تعليقك على الذين يرجعون هزيمة تونس إلى الانهيار المعنوي للاعبين؟ - نملك تشكيلة شابة، ممتازة من الناحية التقنية والمعنوية والدليل أننا تمكنا من تدارك الهزيمة أمام تونس وفزنا على انغولا في المباراة الترتيبية. * لكن الفوز أمام انغولا لم يشفع لكم لدى الجمهور الجزائري الذي لم يتجرع الانهزام أمام تونس؟ - سأسأل الجمهور الجزائري سؤالا صريحا، هل الفوز أمام تونس أهم من التأهل لمونديال كرة اليد بكرواتيا؟، أظن أن التأهل أهم وعلينا أن لا نكذب على الجمهور وأن نقتنع بالنتائج التي حققناها. * كيف نقتنع بالمركز الثالث والخضر سبق لهم أن توجوا ست مرات باللقب الإفريقي؟ - لقد وصلنا إلى بيت القصيد، على الجميع أن يتعرف على الظروف التي حضرنا فيها، فالمنتخب الوطني شارك في دورتين وديتين فقط عكس التونسيين والمصريين الذين شاركوا في دورات عدة ولعبوا مباريات ودية بالعشرات، كما أنني أريد تذكير الجمهور الجزائري أن المنتخب لم يتأهل إلى المونديال الماضي بسبب انهزامه أمام منتخبي انغولا والمغرب. * هل يعني هذا أنك مقتنع بالنتائج التي حققتموها؟ - بالنظر إلى الإمكانيات التي وفرت لنا فأنا جد راض، رغم أنني متأكد أننا كنا قادرين على التأهل إلى نهائي. * ماذا تعني بالإمكانيات ؟ - أريد أن أشير أن تنقلنا إلى انغولا كان في آخر لحظة بسبب غياب الأموال فلولا تدخل اللجنة الاولمبية الجزائرية لغبنا عن الموعد الإفريقي. وعلى الجميع أن يعلم أننا التحقنا بأنغولا على متن الطائرة الخاصة للمنتخب التونسي والمشاركة في دورتين وديتين بعد عناء كبير، ولا يتحدث أي أحد مع اللاعبين عن العلاوات، فكيف تريد أن نحقق أكثر مما حققناه، فالمنتخبات الأخرى كانت أكثر تحضيرا وتحفيزا. * هل من توضيح؟ - أريد الإشارة أن اللاعبين الجزائريين تنقلوا إلى انغولا دون تحفيزات، فتصور أنهم تلقوا مبلغ 285 يورو كتكاليف مهمة وفقط، في حين أن منافسينا وعدوا بمبالغ كبيرة جدا، فلاعبو المنتخب التونسي وعدوا بتلقي مبلغ 20 مليون دينار تونسي (140 مليون سنتيم) في حالة الفوز بالكأس ونفس الشيء للمنتخب المصري، في حين أن لاعبات المنتخب الانغولي تحصلن على سيارة، منزل ومبلغ 40 ألف يورو (أكثر من 400 مليون سنتيم) بعد الفوز باللقب. وعلى الجمهور الجزائري الحكم. * أهذا يعني أنكم لا تتلقون أي سنتيم في التربصات؟ - عيب أن يتلقى لاعب في المنتخب الوطني مبلغ 10 يورو يوميا (1000دينار) فعلى الاتحادية أو بالأحرى الوزارة إعادة النظر في هذه الأمور، وأعطيك مثلا آخر، فتصور أن بعد نهاية الألعاب الإفريقية تسلمت نصف ما قدم للاعبين في حين منح طبيب الفريق 25 بالمائة من المنحة و20 بالمائة للمعالج، في حين حرم حارس العتاد وهذا أمر غير مقبول في منتخب وطني. * لكن اللعب للمنتخب لا يمكن أن يحسب بالأموال؟ - ليعلم كل الجمهور الجزائري أنني اخترت تدريب المنتخب الجزائري لأنني أريد أن أعطي له دفعا جديدا ولما إعادته إلى المرتبة التي كان يحتلها، فلو أردت الحصول على الأموال لبقيت في تونس أو تنقلت إلى دول الخليج، لكن الأمور تغيرت الآن وكل لاعب يفكر في مستقبله، فاللاعب لما يحضر إلى المنتخب هدفه تشريف الألوان الوطنية قبل كل شيء لكن الظروف تغيرت وعلى السلطات المسؤولة إعادة التفكير في المنح إذا أردنا مضاهاة المنتخبات الكبيرة. * إذن أنتم تحمّلون الفيدرالية مسؤولية التحضير السيء للخضر؟ - لا، الفيدرالية تعيش بمساعدات الوزارة الوصية، في غياب الممولين، وعليه فإن المسؤولية مشتركة، فعلى الوزارة أن تعيد النظر في القيمة المقدمة لاتحادية كرة اليد إذا أرادت أن نحقق نتائج ايجابية تضاهي تلك التي يحققها منتخبا تونس ومصر. * وما هي الحلول التي تقترحها؟ - في تونس تغيرت الأمور لأن رئيس الجمهورية تدخل وأكد على ضرورة أن يصبح الرياضي وسيلة للارتقاء إلى مستوى فكري واجتماعي في المستوى، كما انه اتبع ذلك بتخصيص مبلغ يضاهي 700 مليون سنتيم لكل من يفوز بميدالية ذهبية في ألعاب البحر المتوسط سنة 2001، فالجزائر بحاجة إلى قرارات سياسية جريئة تخرج الرياضة من نطاقها الشعبي إلى النخبوي. * لكن كيف تفسرون تألق فريق مولودية الجزائر في الوقت الذي يفشل فيه المنتخب في تحقيق النتائج الايجابية ؟ - المولودية فريق عريق يعرف الاستقرار منذ مدة، فشركة سوناطراك مكنت المولودية من التألق على المستوى الوطني والإفريقي، وهذا سيكون مفيدا جدا للمنتخب سيما أننا نختار عادة أغلب اللاعبين من العميد، لكن هناك نقطة يجب التطرق إليها، على الجميع من مسؤولي المنتخب والفرق أن تتظافر جهودهم من أجل مصلحة كرة اليد الجزائرية لأن تألق الفرق في مصلحة المنتخب والعكس صحيح. * تبدو متذمرا من نقص الدعم، هل يمكن أن تدفعك العراقيل التنظيمية التي صادفتها في المنتخب إلى الانسحاب؟ - لم يسبق لي أن انسحبت من أي فريق بسبب المشاكل الداخلية أو المادية، وأتمنى أن يسرع في معالجة مشاكل المنتخب قبل فوات الأوان، لكنني قد اضطر إلى المغادرة في حال ما إذا لاحظت أن الأمور ستبقى على حالها، أو بالأحرى غياب نية في تحسينها. * هذا يعني أنك تملك عروضا من فرق أخرى؟ - أملك عروضا كثيرة لكنني أفضل البقاء في وطني لأنني أتمنى أن أعيد الكرة الصغيرة إلى مستواها الحقيقي. * نعود إلى بطولة إفريقيا، لماذا عدت في بعض المباريات إلى الاستعانة بالدفاع المتقدم الذي استغنى عنه المدرب السابق جيلالي مكي؟ - أنا أفتخر لأنني أطبق الدفاع المتقدم لأنه مفخرة كرة اليد الجزائرية، لكن علينا أن نستعين بالأنواع الأخرى من الدفاعات لأننا نملك الآن لاعبين ذوي قامات طويلة. ضف إلى ذلك فإن الدفاع المتقدم يتعب كثيرا اللاعبين سيما في البطولات الإفريقية أو العالمية. * وماذا عن اللاعبين هل هناك بعض الأسماء في مفكرتك؟ - سنحاول أن نحافظ على استقرار التشكيلة وتدعيمها بعناصر أخرى، كما أنني قد استغني عن بعض اللاعبين الذين لم يظهروا الشيء الكثير منذ التحاقهم بالمنتخب؟ * وهل يوجد لاعبون مغتربون كنت تود أن توجه لهم الدعوة؟ - لقد خسرنا اللاعب مقراني الذي يلعب لنادي أيفري الفرنسي الذي انضم إلى المنتخب الفرنسي، وهذا راجع إلى تماطلنا وغياب التنسيق بين مختلف الهيئات، فعلينا أن نعمل بطريقة احترافية لتفادي مثل هذه الأمور، كما يجب أن نصطاد العصافير النادرة من مختلف البطولات الأوروبية في الفئات الصغرى . * تنتظركم مهمة صعبة في الدورة التأهيلية للألعاب الاولمبية فما هي حظوظ المنتخب في الوصول إلى بيكين؟ علينا أن لا ننتظر كثيرا من الدورة التأهيلية التي سنلعبها شهر ماي القادم، لأن مستوانا مازال بعيدا عن المستوى العالمي، لكننا سنلعب كل أوراقنا وسنحاول المشاركة في الألعاب الاولمبية رغم صعوبة المهمة. * هناك من أكد أنك كنت على وشك تدريب المنتخب التونسي قبل مجيء حسن افنديتش، هل تؤكدون ذلك؟ - فعلا اسمي كان مطروحا بقوة لكن الاتحادية التونسية اعتمدت على بعض المقاييس التي لم تمكني من تدريب نسور قرطاج. * بماذا تعد الأنصار ؟ - لا يمكنني أن أعد بالألقاب لكنني أعد الجمهور الرياضي الجزائري بأنني سأحاول إعادة بريق النخبة الوطنية والعودة للسيطرة على كرة اليد الافريقية، لكن عليهم التريث والصبر لأن النتائج تأتي بالعمل فقط. الصراحة.. الصرامة والوطنية صنعت عقاب كلمته رصاصة وصراحته مبدأه والوطنية قبل كل شيء، ثلاثة مفاتيح صنعت كمال عقاب مدرب النخبة الوطنية لكرة اليد، ابن الحي الشعبي بلكور صاحب 48 عاما، أب لثلاثة أبناء، بدأ مداعبة الكرة الصغيرة مع فريق تابع للوزارة يفتخر بمدربه الأول عبد العزيز درواز الذي كان أول من تعلم على يده أبجديات اللعبة، اعتراف رائع بالجميل لشخصية متواضعة تأسف كثيرا لبعد معلمه عن محيط كرة اليد، انتقل إلى "الناديت" المدرسة العريقة من77 الى 79 ليرحل بعدها إلى عميد الأندية مولودية الجزائر في تجربة جديدة مميزة كسب فيها تتويجات عديدة وصلت إلى 18 إنجازا يصعب لأي لاعب عاد تحقيق ذلك مالم يكن متفردا على البقية. ليولج عالم التدريب ليكون مساعدا لأوشية موسم 90 لكنه أخذ زمام الأمور بمفرده كمدربا رئيسا سجل العميد في حقبته مايعادل 24 تتويجا، وهي المسيرة التي جعلت الأعداء قبل الأصدقاء يعترفون بشهادة هذا الرجل الذي طلق النادي التونسي النجم الساحلي رغم الراحة المادية والمعنوية من أجل نداء الواجب الوطني الذي احتاجه للإشراف على النخبة الوطنية في وقت جرى بعض الأشخاص وراء دولارات الخليج . عقاب كشخص، إنسان صارم مع لاعبيه داخل الملعب، صديق لهم خارجه، متناقضان يصعب جمعهما معا لكن عقاب لا يؤمن بالعقبات، استطاع الوصول الى ذلك، في وقت يصر على عدم وصوله الى القمة، مؤكدا انه مايزال تلميذا يتعلم. بطاقتي الحمراء أمنحها لبوش يرى ضيف فوروم الشروق أن رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية جورج بوش يمثل القطيعة بين الإنسان والإنسانية لأن رئيس العالم أكبر المتسببين في الأزمة التي يعيشها الأشقاء العرب في العراق، وما يعانيه الشعب الفلسطيني وعلى وجه الخصوص في قطاع غزة، ويوجه عقاب البطاقة الحمراء كذلك للإعلام "لأنه لا يولي أهمية كبيرة بالرياضات الجماعية وعلى وجه الخصوص كرة اليد التي تحتاج إلى تغطية إعلامية جيدة في المنافسات الرسمية على الأقل". قصتي مع الفلسطيني وأجمل ذكرى والداي قال كمال عقاب انه يحتفظ بذكريات جميلة خلال مشواره الرياضي وأهمها مع احد الزملاء الفلسطينيين "حضرت أحد المؤتمرات في الأردن وفي حديث مع احد الزملاء قلت له إنني أدعو للشعب الفلسطيني في كل صلاة، فأجهش بالبكاء وعندها أدركت انه فلسطيني، وكنت اعتقد انه من الأردن". وأهم شيء في حياة عقاب هما والداه اللذان فقدهما "دون أن أتمكن أن أرد لهما جميلهما، ذلك أنه في بدايتي المهنية لم أكن أملك لا سيارة ولا مالا كثيرا، ولو كانا على قيد الحياة الآن لفعلت لهما كل ما يريدانه وأبعثهما للبقاع المقدسة لأداء مناسك الحج القسم الرياضي