عرفت محكمة آفلو في ولاية الأغواط، يوم أمس، حضورا كبيرا من أهالي ضحايا حادث المرور، الذي كانت حصيلته 17 قتيلا، وهذا بمناسبة جلسة محاكمة سائق الحافلة، المتهم بالتسبب في الحادث. كما حضر الجلسة عدد من جرحى الحادث وكذا مواطنون غصت بهم القاعة، وضاقت بهم حتى امتد الحضور إلى الشارع المحاذي للمحكمة. التمست النيابة بمحكمة آفلو 10 سنوات سجنا، في حق سائق حافلة "هونداي"، التي كانت متوجهة من وهران إلى غرداية، يوم 30 سبتمبر الفارط، لتصطدم بحافلة قادمة من الاتجاه المعاكس من نوع كواستر، ما تسبب في وفاة 17 مواطنا. وكان المثير في الجلسة، ما أثبتته التحاليل من أن السائق كان ساعة الحادث تحت تأثير مخدر "القنب الهندي" للتذكير، فإن المحاكمة أجلت مرتين بناء على طلب المحامين والنيابة لاستيفاء الملفات، وخاصة أن بعض الجرحى كانوا بالمستشفى، وهناك من لم يبلّغ بالحضور. كما أنه طرأ جديد على ملف القضية، حيث كانت التهمةُ القتلَ الخطأ بواسطة حافلة من الوزن الثقيل والنقل الجماعي، ثم كيفت إلى القتل الخطإ بمركبة من الوزن الثقيل والنقل العمومي مع تناول المخدرات. والتكييف الجديد جاء بعد أن أثبت مخبر البحث العلمي والجنائي وجود رواسب القنب الهندي في بول المتهم مما يثبت تناوله لهذه المادة وكان يسوق تحت تأثيرها. كما أظهرت الخبرة أن الحافلة كانت تسير بسرعة 115 كلم في الساعة، في حين إن علامات تحديد السرعة على جنبات الطريق تحددها ب 60 كلم. من جهة أخرى، أشارت الخبرة إلى أن صاحب الحافلة كواستر كان يسير بسرعة 98 كلم في الساعة مما يجعل التجاوز من الطرفين. وانطلقت المحاكمة بالنداء على المتهم وأهالي وذوي حقوق الضحايا والجرحى والشهود. وقدم أهالي الضحايا من خلال محاميهم لائحة مطالب منها طلب تعويضات عن الأضرار المترتبة على الحادث وتكلموا عن هول الحادث وآثاره الوخيمة على المجتمع من تيتيم للأطفال وترميل للنساء. ونددوا بتهاون السائقين في الحفاظ على أرواح الناس وطالبوا بالتكفل الفعلي والتعويض للضحايا.
"الهيونداي" قامت بتجاوز خطير لشاحنتين وجرار المحكمة استمعت إلى شاهدين في القضية، أحدهما كان قريبا من الحادث بالصدفة، حيث أكد للمحكمة أن الحافلة هيونداي كانت في حالة تجاوز خطير لشاحنتين ذوات مقطورة وجرار فلاحي أي التجاوز لثلاث مركبات من دون أن تكون الطريق واضحة المعالم والرؤية ممكنة مع السرعة الكبيرة مما جعل الاصطدام مروعا. والشاهد الثاني لم يكن سوى قابض الحافلة الذي أكد أنه نبه السائق إلى تخفيض السرعة عدة مرات ولم يستجب له كما أشار إلى أن الفرامل لم تكن تشتغل بشكل جيد، ووُجهت إليه أسئلة تتعلق بالصيانة والمتابعة التقنية للمركبة وعما إذا كانت الحافلة تملك دفترا للمراقبة تدون فيه جميع الملاحظات كما هو معمول به قانونا وإلزاميا، فأجاب أنه لا يتوفر هذا الدفتر وأن الملاحظات الفنية تقدم شفهيا للمصلحين في المحطة المركزية. بعدها نودي على المتهم الذي طلب منه القاضي وصف الحادث كما عايشه، فأكد حالة التجاوز الخطير لثلاث مركبات مع انعدام الرؤية وحين ظهر الكواستر لم يستطع الدخول بين الجرار والشاحنة رغم أنه حاول المناورة لتجنب الكارثة إلا أنه فشل في العملية كما أنه أنكر تناوله للقنب الهندي أو أي مؤثر عقلي كما أظهر نوعا من الندم والانكسار لما سببه للعائلات من دون أن يكون قصده أذيتهم. بعدها تناول ممثل الحق العام الكلمة، فأشار إلى فظاعة الكوارث المرورية والتي أصبحت تسمى إرهاب الطرقات وأشار إلى الاستهتار بتحمل المسؤولية على أرواح الناس والتلاعب بها. وأشار إلى تناول السائق للقنب الهندي وأن الحالة تتداخل فيها عدة عوامل وأطراف ملحا على أن الخبرة العلمية والجنائية تحمل السائق المسؤولية كاملة عما حدث. بعدها أحيلت الكلمة لدفاع المتهم الذي ذكر أن المسؤولية جماعية ولا يتحملها موكله وحده. وتكلم عن نوعية الطريق وعدم دقة إشارات المرور. واتهم تقرير الخبرة العلمية بعدم الدقة، حيث ذكر أن التقرير يتكلم عن رواسب ومكونات القنب الهندي من دون أن يعطي تفصيلا عن هذه الرواسب التي قد توجد في مواد أخرى، ملمحا إلى فكرة تناول موكله ل "البنادول" أثناء السياقة والتي يمكن أن تحتوى على شيء من هذا. ملتمسا ظروف التخفيف ومراعاة حالته العائلية باعتباره أبا لبنتين وأن قصدية الفعل لم تكن متوفرة لديه. بعدها تكلم ممثل الحق العام ملتمسا 10 سنوات سجنا نافذا ومليون دينار غرامة مالية وتطبيق العقوبات التكميلية بتطبيق المادة 68 و69 من الأمر 09/ 03 المتعلق بالمرور. وبعدها رفعت الجلسة مع تأجيل النطق بالحكم إلى جلسة 11 نوفمبر الداخل. "الشروق"، من جهتها، اقتربت من عائلات الضحايا الذين أثارت فيهم مجريات الجلسة آلام الحادث ومرارته وتمنوا أن يكون الحكم موافقا لما وصفوه ب "الجريمة".