عادت كأس أمم افريقيا لمن استحقها وأرادها واعترف الجزائريون هذه المرة بأن الدول الافريقية جمعاء سارت كالبرق نحو التألق، خاصة جيراننا في الشمال الافريقي، إذ منذ كأس أمم افريقيا ببوركينا فاسو ودول شمال افريقيا مصر وتونس والمغرب تصل للدور النهائي، بينما غاب إسم الجزائر نهائيا حتى عن المشاركة وقدمت مصر هذا العام نموذجا يمكن الأخذ به عندما اعتمدت على مدرب مصري أبان قوته مع الفئات الصغرى عندما انتزع كأس أمم افريقيا للأواسط وتمكن من عجن فريق وطني كبير فيه القليل جدا من المحترفين... ولكن احتراف هواة "الأهلي والزمالك والاسماعيلي" كانوا أقوى من المحترفين في تشيلسي الانجليزي وبرشلونة الإسباني فتمكنوا من خطف الأضواء كأحسن منتخب مصري في التاريخ، وكان كل لاعب في حد ذاته فريقا متكاملا.. وإذا كان الأداء الجيد وراءه دائما الأفكار فإن الملفت في المنتخب المصري هو وقوف رجال الأعمال والمشاهير وراء النادي، حيث نزلت الأموال من الخواص مثل الطوفان على النادي، منهم من تبرع بمليون دولار وآخرون بتذاكر أداء الحج للاعبين وأوليائهم وساهم رجال أعمال مصريون يقطنون في الخليج وأمريكا أو أوربا في وضع هبات وهدايا للمنتخب المصري الذي تبرع هو أيضا لأجل بناء جامع للصلاة بمدينة أكرا الغانية، والتفات الخواص للمنتخب الوطني هو شيء من الوطنية التي تغيب في تعاملاتنا مع هكذا أحداث، فقد تابعنا العام الماضي تتويج وفاق سطيف بكأس أبطال العرب وكانت التكريمات والهدايا جميعها من الهيئات العمومية مثل البلدية (مال الشعب) والولاية (مال الشعب) ووزارة الرياضة (مال الشعب) ماعدا القليل جدا من الخواص الذين قدموا إعانتهم، وعندما يتدخل وزير الشباب والرياضة السابق يحي قيدوم لأجل منح المال لشبيبة القبائل في رحلاتها الافريقية فمعنى ذلك أن كرة القدم عندنا مازالت رهن السلطات السياسية، لأن الأندية تعتمد بنسبة 100٪ على أموال الدولة، ورئيس النادي هو غالبا موظف يقوم بالتسول على أبواب البلدية والولاية ليقدم المال بعد ذلك للطاقم الفني وللاعبين، وطبعا يحتفظ بجزء لحسابه الخاص، والغريب أن رجال الأعمال عندنا لايدفعون حتى ثمن تذاكر دخول الملعب، حيث يخصهم رؤساء الأندية بالدعوات وبالحفاوة عكس بقية المناصرين. كأس أمم افريقيا بغانا من المفروض أن تكون درسا مؤثرا لكرتنا بدءا من المعالجة الإعلامية التي اقتصرت في المدة الأخيرة على تغطية أحداث العنف ومشاكل اللاعبين الاجتماعية ونهاية بالتمويل الذي جعل لاعب الكرة عندنا والمدرب أغنى رجال الجزائر ماديا والأفقر من حيث الأداء والعطاء والدليل على ذلك أن الدولة أغرت اللاعبين بعلاوات ضخمة نظير تأهلهم (غير وارد اطلاقا) للمونديال في غياب رجال الأعمال الذين يتفوقون في عددهم وثرواتهم داخل وخارج الوطن على أثرياء مصر وغيرها من الدول الافريقية. ب. عيسى