كانت الساعة تشير إلى الخامسة إلا عشر دقائق مساء، وكانت المباراة الكروية بين اتحاد الأخضرية وشباب برج منايل في شوطها الثاني توشك على النهاية، عندما اهتز ملعب الشهيد منصور خوجة، إثر الانفجار الإرهابي، حيث تصاعد الدخان الكثيف وتعالت الأصوات. فاشتد الفزع حسب الشرطي (ل. بوجمعة) الذي شاهد عن قرب هول الواقعة فسارعت الجماهير للخروج وسط ازدحام وفوضى، فيما فرّ اللاعبون في اتجاهات مختلفة. ولم يبق في الملعب سوى عناصر الأمن وبعض من مسيري الفريقين. وسارع هؤلاء نحو مكان الانفجار، أين أصيب شرطيان كانا يقومان بتأمين الملعب من الجهة الجنوبية الشرقية، قبل تعرضهما لإصابات بليغة. وقد هرع الجميع لمواساتهما، في وقت تعزّزت وحدات الأمن بفرق الدرك الوطني وعناصر الجيش، وتمّ تطويق الملعب والجهات المجاورة. كما تمّ تسريح حركة المرور التي اشتدت زحمتها إلى درجة الاختناق على مستوى حي القوير. في وقت كانت سيارة الإسعاف تقل الجرحى نحو مستشفى الصداقة الجزائرية السوفياتية لمدينة الأخضرية. حالة متقدمة من الذهول والارتباك، سواء في أوساط المواطنين أو في صفوف عناصر الأمن الذين أصيبوا بهذه الفاجعة، في زميلين كانا يؤديان الواجب المهني والوطني.. وصعب الاستفسار عن الحدث كما صعبت الإجابة عنه. فقيادة الدرك الوطني على المستوى المحلي والتي سارعت هي الأخرى إلى عين المكان لحظة وقوع الإعتداء، رفض مسؤولوها تقديم أي تصريح كما هو الحال بالنسبة لمسؤولي أمن الدائرة ممن التقتهم الشروق اليومي أمام باب الملعب فور وقوع الانفجار، وقد اعتذروا عن الإدلاء بأي معلومة في مثل هذه الظروف وهو ما جعل الشروق تكتفي بالمصادر الطبية على مستوى المستشفى وشهادات المواطنين شهود عيان وبعض من عناصر الشرطة. مصادرنا الطبية بمستشفى المدينة، أكدت على استقبالها لجريحين اثنين وذكرت أنهما كبار السن حسب التقرير الطبي الذي لم يحدّد العمر واكتفى بالإشارة إلى الإسمين معا وهما (ق. صالح) و(ع. موسى). كما أشارت ذات المصادر إلى تحويل الضحية الأول والمصاب على مستوى الرجلين إلى مستشفي زميرلي بالعاصمة، فيما تم الاحتفاظ بالضحية الثانية تحت الرعاية الطبية المركزة لمستشفى الأخضرية. ذات المصادر وفي نفس السياق، أوضحت أن الجريحين معا، تمّ استقبالهما في حالة غيبوبة. أما مصدرنا الأمني (ل. بوجمعة) شرطي، والذي كان متواجدا في الملعب ومكلفا بذات المهمة، فأشار إلى أن القنبلة تمّ تفجيرها عن بعد وكانت مغروسة منذ يومين أو أكثر على هامش الميدان، وعلى مقربة من المخرج الثانوي المؤدي إلى حي القوير ناحية المقبرة، بعيدا عن مدرجات الأنصار. وأشار إلى أن الشرطيين كانا يقفان على الهامش، ويتجولان بين الحين والآخر ولما بلغا مكان تواجد القنبلة، تمّ تفجيرها عن بعد، ويحتمل أن تكون حيث لا يستبعد تفجيرها بواسطة جهاز هاتف نقال. الشرطي (بوجمعة) التقيناه في المستشفى بمعية نظرائه، جاء ليطمئن على زميليه في المهنة، وقد أدلى لنا الجميع في وقفة حزن وأسى أن الشرطي (عكوش موسى) من القادرية متزوج وأب لطفل وأن الزميل الشرطي الثاني (قنون صالح) أعزب من ضواحي مشدالله بالبويرة، وكلاهما يتميز بالخصال الحميدة والتفاني في أداء الواجب المهني. لقد تأثر هؤلاء بالفاجعة وازداد تأثرهم لما طال انتظارهم دون أن يسمح لهم برؤية الزميلين. علي لعناني